كيف تغيرت نظرة الإعلام؟
فيديو| بعد زيارة بابا الفاتيكان.. الأزهر من «مفرخة إرهاب» لأعظم مؤسسة تنويرية
فى أسبوع واحد تبدلت لغة الخطاب الإعلامي فى التعامل مع مؤسسة الأزهر الشريف، والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وذلك بعد زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان لمصر، والخطابات التاريخية التى أكد فيها زعماء أكبر المؤسسات الدينية فى العالم بمؤتمر الأزهر للسلام، أن الأديان بريئة من تهم الإرهاب.
فبعد أن حمّل إعلاميون ومفكرون الأزهر ومناهجه مسئولية الإرهاب والتطرف، واتهموه بالتستر على الإخوان والسلفيين وعناصر متشددة، وأعلنوا وفاته على الهواء، وذهب بعض النواب إلى تعديل القانون المنظم لشؤون هذه المؤسسة، أصبح الأزهر فى عيون هؤلاء منارة علم وأعظم مؤسسة تنويرية فى الكون ، وبعد المطالبة باستقالة شيخ الأزهر وإحالته لعدم الصلاحية، أصبح الشيخ الطيب عالم جليل و إمام للسلام.
بعض المراقبين للأداء الإعلامي، أكدوا أن أجندة الإعلام اللحظية في يد مجهول يحركها كيفما يشاء، مؤكدين أن الأزهر هو حائط الصد المحلي والدولي عن مصر، والنيل منه نيل من مكانة مصر.
تناقض فى المواقف
الإعلامي أحمد موسى الذى أعلن وفاة الأزهر على الهواء عقب تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية لتقصيره فى تجديد الخطاب الديني، وسرعان ما تراجع عن تصريحه وقدم اعتذارا على الهواء، علق على صورة العناق التى جمعت شيخ الأزهر ببابا الفاتيكان.
ووصف أحمد موسى، الطيب بأنه شيخ الإسلام الوسطي الحقيقي، وبأنه عالم محترم وجليل، مشيرا إلى أن هذه الصورة تصدرت كل الصحف العالمية وحملت عنوان "إمام السلام يستقبل بابا السلام".
وبعد أن اتهمت الإعلامية لميس الحديدي، مناهج الأزهر بالتطرف وساهمت في حملة إلغاء الكليات العلمية بدعوى أن كل ما يعنيها أن ترى يتخرج في الأزهر داعية ينشر الفكر الوسطي في القرى والنجوع، وقالت إن هيئة كبار العلماء بتشكيلها الحالي تضم شخصيات متطرفة، تراجعت عن موقفها خلال حلقة برنامجها يوم السبت الماضي، وأعلنت رفضها لمشروع القانون المقترح من النائب البرلمان محمد أبو حامد، قائلة :" هذا قانون يجب أن يموت في مهده".
أما الإعلامي تامر أمين، الذى اتهم الأزهر عقب تفجير الكنيستين بطنطا والإسكندرية، بتخريج الإرهابيين ومن خلال مناهجه وعلمائه، وطالب باصلاح الأزهر قبل فوات الأوان، قال أيضًا يوم 27 أبريل :"الأزهر له كرامة وهيبة واحترام، وانتقاده مباح ولكن التجاوز فى حقه ليسا مباحا، وشيخ الأزهر هو أكبر قامة روحيه على مستوى العالم، ويماثله فى الغرب بابا الفاتيكان، ولا يجوز الحط أو التجاوز في حقه ".
وطالب أمين، الإمام الأكبر وعلماء الأزهر بتقبل النقد بصدر رحب، وعدم أخذ كل الانتقادات أو محاولات الإصلاح على أنها معاول هدم ومحاولات للتشوية.
والإعلامي يوسف الحسيني، الذي خرج مؤخرا وقال : " إن الأزهر أهم مؤسسة للتنوير موجودة على سطح الكرة الأرضية، وأن هدم الأزهر لن يكون حلا ولن نسمح به"، سبق وأن خاطب شيخ الأزهر فى تصريح قديم له، قائلا :"عندكم مناهج بتودي في داهية".
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تلقى الإمام الأكبر ترحيبا حارا يوم الجمعة الماضية، فور دخوله قاعة المؤتمرات بفندق الماسة لحضور مؤتمر الرئيس عبد الفتاح السيسي مع البابا فرنسيس.
وقال الإعلامي خيرى رمضان : "إن كل الحضور صفق بطريقة تلقائية فور دخول الإمام الأكبر القاعة، وهى ظاهر لا تحدث - حسب قوله- إلا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي فقط، لاستشعارهم أن الأزهر مستهدف، وأن هناك من يحاول هدم هذه المؤسسة، فكانت الرسالة بالتصفيق أننا مع الأزهر".
وتكرر هذا المشهد خلال مشاركة الدكتور أحمد الطيب فى احتفالات عيد العمال، حيث استقبل بالتصفيق الحار وهتف الحاضرون باسمه فور دخوله القاعة، فما كان من شيخ الأزهر إلا انحنى للحاضرين احترامًا وتقديرًا.
أجندات في يد مجهولة
وفى تحليله لهذا التناقض، قال الدكتور محمود شهاب أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، : إن الأزهر واجهة مصر الدولية والقوى الناعمة - راسخة الأصل - فروعها أنارت العالم فكرا وعلما ووسطية ولن تستطيع قلة لا تعرف كوعها من بوعها أن ترفع عن الأزهر قدره.
وأشار شهاب الدين لـ"مصر العربية"، إلى أن التحول في موقف الإعلام سببه تحول الأزهر من الخطاب المحلي الضعيف إلى الدولي المخيف، والانتقال من خطاب الموظفين بالمؤسسة إلى خطاب المسؤولين الفكري والحضاري، وأن الأسهم التي تصيب الإعلام من الهجوم على الأزهر أصبحت أكبر من التي تفيده.
وأضاف أستاذ الإعلام، : "أن التحول السريع في الموقف يؤكد أن أجندة الإعلام اللحظية في يد مجهول يحركها كيفما يشاء، أو أن هؤلاء الإعلاميين - معاتيه زفة - وبالتالي ينبغي ألا نأخذ من أقوالهم ولا أفعالهم".
وتابع : "أن الاتجاه العام الدولي ضد تشويه الأزهر، وهناك من يتمسح بأركان الأزهر ، ويتمنى أن يتردد اسمه داخل صحن الأزهر بأي مقابل، وهؤلاء على مستوى التأثير في المنطقة بأكملها ".
وشدد على أن الأزهر هو حائط الصد المحلي والدولي عن مصر، ولم يتخذ موقفا معاديا للدولة في يوم من الأيام والتاريخ يشهد بذلك، والنيل منه نيل من مكانة مصر.
أبلغ رد
من جانبه أكد الشيخ إسلام النواوي، أحد علماء وزارة الأوقاف، أن زيارة بابا الفاتيكان إلى الأزهر تشير إلى أن هذه المؤسسة تسير في عملية تجديد الخطاب الديني بشكل سليم، وأنها رد بليغ لكل من اتهم الأزهر بالتقصير ، مضيفا : "لو حاسبنا كل دين بأفعال المتطرفين المنتسبين إليه لكفرنا بكل الأديان".
وأشار إلى أنه كاد يبكى عندما قال شيخ الأزهر "إن السلام هو الفردوس المفقود"، واصفا إياها بالعبارة المؤثرة، وذكر أن الإمام الأكبر والبابا فرنسيس سيكونان الشخصيات الأبرز هذا العام، وهذه الزيارة سيعقبها أحداث دولية كثيرة .
وافقه الرأى الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، الذى قال : "إن زيارة البابا ولقائه بالدكتور أحمد الطيب دليل على أن البشرية في احتياج إلى مثل هؤلاء العلماء، وإلى طرد العنف من بين جنبات المجتمع الإنساني".
وفى تعليقه على مشاهد الاحتفاء الأخيرة بشيخ الأزهر، قال أستاذ العقيدة : "كاد الدمع أن ينزل من عيني، وأنا اشاهد هذه التحيات المباركات للأزهر والإمام من عظماء وعقلاء وحكماء مصر اليوم في عيد العمال، لقد جعلوه عيدا للأزهر .. أزهر مصر الزاهر ، ليردوا على الرويبضة والمرجفين ضد أزهرنا الشريف عاش الأزهر وعاش إمامه ".
تابع أخبار مصر