دلالة التوقيت غائبة
سياسيون عن بيان البرادعي: اعتذار للإخوان وتحريض لـ 11-11
أثار الدكتور محمد البرادعي، النائب السابق لرئيس الجمهورية، حالة جديدة من الجدل بعدما أصدر بيانا، مساء أمس الثلاثاء، بشأن موقفه من اجتماع 3 يوليو وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
سياسيون، استبعدوا صحة ما ذكره البرادعي في بيانه، معتبرين أنها محاولة لخداع الرأي العام، واستغلال الأوضاع الاقتصادية والسياسية الحالية لتحريض المواطنين على المشاركة في تظاهرات 11 نوفمبر الجاري، وإعادة طرح نفسه على الساحة السياسية من جديد، بينما ذهب آخرون إلى أنه يقدم اعتذارا متأخرا لجماعة الإخوان المسلمين.
وقال محمد سامي، رئيس حزب الكرامة، إن البرادعي باعتباره ممثلا عن جبهة الإنقاذ حضر اجتماع 3 يوليو، وكان على علم بتطورات الأمر من 30 يوليو حتى يوم الاجتماع، مستبعدا صحة ما ذكره بأنه تفاجأ بإعلان عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وأضاف سامي، لـ "مصر العربية"، أن البرادعي يتبرأ الآن من 3 يوليو وفض رابعة كبراءة الذئب من دم بن يعقوب ويصور نفسه بريء إلى حد السذاجة، مستطردا:"يتحدث عن الخدعة وملابسات هى في خياله فقط، فهل كان يرى الأشياء بشكل مختلفة عن بقية الناس، أم هو مغيب عن الوعي؟".
وتابع:"أن خروج المواطنين في 30 يونيو كان يشبه الإجماع على ضرورة تغيير محمد مرسي، بعدما رفضت جماعة الإخوان المسلمين الانتخابات الرئاسية المبكرة"، متسائلا:"لماذا قبل البرادعي بأن يكون نائبا لرئيس الجمهورية، ألم يكن يعلم أنه سيكون نائبا للمستشار عدلي منصور بصفته الرئيس المؤقت وهو ما يعني عزل محمد مرسي؟".
ورأى سامي، أن قبول البرادعي بمنصب نائب الرئيس كان يعني موافقته على ما جرى من أحداث لاحقة بما فيها احتجاز محمد مرسي وفض اعتصام رابعة بالطريقة التي رأتها الدولة مناسبة بعد فشل المفاوضات السلمية، لافتا إلى أن البرادعي شارك في كل المفاوضات التي جرت بين الدولة والإخوان وانتهت إلى رفض فض الاعتصام بطريقة سلمية.
وروى -بصفته كان عضوا في جبهة الإنقاذ شارك في اجتماع عقده رئيس الوزراء آنذاك الدكتور حازم الببلاوي وزياد بهاء الدين وحسام عيسى، وكل رموز جبهة الإنقاذ وعلى رأسهم حمدين صباحي ومحمد أبو الغار وسامح عاشور، في منتصف الأسبوع الأخير من شهر رمضان 2013 للتحدث بشأن الاعتصام-، حيث وافق كل الحاضرين على طريقة الفض وألحوا عليه لإيقاف ما وصفه بهذه "المهزلة".
ولفت إلى أن البرادعي لم يعرض أمر استقالته كنائب لرئيس الجمهورية على جبهة الإنقاذ التي جاء منها إلى هذا المنصب، ولم يبد لها أي اعتراض على فض اعتصام رابعة بالقوة، بينما تفاجأ بيه الجميع وهو خارج البلاد، مشددا أنه بدلا من أن يدير ظهره للجماهير، كان عليه الرجوع إلى الجبهة ومطالبتها هى والأحزاب الأخرى بالتضامن مع موقفه.
وأردف سامي: "ما أن يأتي البرادعي الآن ويبدي أنه كان مغرر بيه ولا يعلم التطورات بعزل مرسي وفض الاعتصام بالقوة، فهذا جزء من خداعه للرأي العام، مشيرا إلى أنه تطرق في البيان نفسه إلى تبرئة ذاته من أحداث العراق رغم اختلاف الأحداث وتباعد المسافات بينهم نحو 10 سنين، وهو ما اعتبره خلط للأمور واستغلال للأزمات الاقتصادية والسياسية الحالية التي تمر بها البلاد.
ورجح أن يكون الهدف من بيان البرادعي في هذا التوقيت، هو تصوره بأن حديثه قد يمثل نوعا من عملية الدفع والتحريض للناس للخروج في ما يعُرف بثورة "الغلابة" يوم 11 من نوفمبر الجاري، وذلك بالإدعاء بأنه أحد المظلومين ومن ثم يجب التحرك من أجل رفع الظلم.
فيما وصف حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، بيان البرادعي بـ "الغريب"، موضحا أنه بالرغم من أنه لا يحمل أي جديد، إلا أن توقيته يثير العديد من التساؤلات فإذا كان محاولة للاعتذار إلى جماعة الإخوان فلماذا انتظر عامين ونصف؟.
وأردف نافعة، أن البرادعي دائما يأتي متأخرا "في الوقت الضائع"، بحد تعبيره، مشيرا إلى أنه عندما كان معه في الجمعية الوطنية للتغير كان دائم السفر وغير قادر على استيعاب طبيعة اللحظة التي كانت تستدعي وجوده في مصر، حتى أنه لم يحضر إلا في اليوم الثاني من ثورة 25 يناير 2011.
ورأى، أن بيان البرادعي يدينه أكثر مما ينصفه، لأنه إذا كان يدافع به عن نفسه فهو دليل على أنه ارتكب خطأ ووجب عليه الاعتذار ولكن هذه الخطوة جاءت متأخرة، ملمحا إلى أنه قد يكون الهدف من إعلان البيان في هذا التوقيت هو اقتراب موعد تظاهرات 11 نوفمبر، اعتقادا منه أن الجماهيرا ربما تنزل إلى الشارع مرة أخرى بما يتيح له دور سياسي.
وفيما يتعلق بما ذكره "البرادعي" بأنه لم يكن يعلم أن اجتماع 3 يوليو سيعلن خلاله عزل محمد مرسي وأنه لم يكن هناك خيار الانتخابات الرئاسية المبكرة، قال نافعة:" هذا كلام لا يمكن تصديقه ربما يكون فوجيء باحتجاز مرسي، ولكنه بالتأكيد كان على علم بالعزل وبخارطة الطريق".
وأشار إلى أن البرادعي لم يصدر منه أي رد فعل رافض لاحتجاز "محمد مرسي" وشارك في الاجتماع واستمر في السلطة لمدة شهرين، وإذا كان أبدى رفضه لفض الاعتصام بالقوة لمجلس الدفاع الوطني، فهو قال أيضا إنه كانت هناك شبه حلول سياسية متفق عليها، ولكنه لم يصرح بهذه الحلول وترك مصر .
وتساءل نافعة:" إذا كانت هناك حلول أخرى لماذا لم يصرح بها في هذا البيان بينما اكتفى بالإشارة إليها، ولماذا لم يعترض وهو نائب لرئيس الجمهورية على الفض؟"، معتبرا أنه كان بإمكانه من خلال هذا المنصب الخطير أن يصبح زعيما ويغير مسار التاريخ إذا خرج على الرأي العام وأعلن رفضه للفض بالقوة وناشد الجميع بتنبي الحلول التي أشار إليها.
وباعتباره أحد الشحضيات التي شاركت في اجتماع 3 يوليو 2013 نفى محمد عبدالعزيز، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ما جاء في بيان محمد البرادعي، بشأن بيان 3 يوليو ووصفه بالـ "كذب".
وقال "عبدالعزيز" في تغريدة، عبر حسابه الشخصي بموقع التغريدات القصيرة "تويتر":"طيب بصفتي أحد حضور بيان 3 يوليو.. أقول بضمير مستريح أن أغلب ما قاله الدكتور البرادعي كذب، وليس حتى خلاف في الرأي معه.. لا كذب بمعنى كذب".
أصدر الدكتور محمد البرادعي النائب السابق لرئيس الجمهورية، اليوم بيانًا، قال فيه إنه "يوضح من خلاله حقيقة موقفه في 30 يونيو و3 يوليو 2013".
وذكر البرادعي، أنه حينما دعت القوات المسلحة ممثلي القوى السياسية لاجتماع ٣ يوليو كان المفهوم أنه اجتماع لبحث الوضع المتفجر على الأرض نتيجة مطالب الجموع الغفيرة المحتشدة في كل أنحاء مصر منذ ٣٠ يونيو لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ولكنه فوجيء في بداية الاجتماع باحتجاز "محمد مرسي " من قبل القوات المسلحة- دون أي علم مسبق للقوى الوطنية.
وأوضح أنه في ضوء رئيس محتجز وملايين محتشدة في الميادين - أصبحت الأولوية بالنسبة له العمل على تجنب الاقتتال الأهلي والحفاظ على السلمية من خلال خارطة الطريق-، مشيرا إلى أنه شارك في مساعي للوساطة مع مؤيدي الرئيس السابق بتوافق الجميع بما في ذلك ممثلي المجلس العسكري لتجنب العنف، ولكن أخذت الأمور منحى آخر تماما بعد استخدام القوة لفض الاعتصامات وهو الأمر الذي اعترض عليه داخل مجلس الدفاع الوطني، نظرا لوجود حلول سياسية شبه متفق عليها كان يمكن أن تنقذ البلاد من الإنجراف في دائرة مفرغة من العنف والانقسام.