هل يبدد لقاء السيسي وسلمان غبار الأزمات بين القاهرة والرياض؟
في وقت تشوب فيه حالة من التوتر العلاقات المصرية السعودية، جاءت دعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس عبد الفتاح السيسي لزيارة بلاده، لتطرح معها تساؤلا: هل ذابت الخلافات بين البلدين؟
مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، رأى أن زيارة السيسي للمملكة تأتي امتدادا للباب الذي فتحه اللقاء بين السيسي وسلمان على هامش القمة العربية بالأردن الشهر الماضي.
وأضاف الغباشي لـ"مصر العربية" أن هناك العديد من الخلافات والملفات الشائكة بين البلدين لا تزول بزيارة أو اثنتين، فتبادل اللقاءات ليس معناه انتهاء خلافهم حول القضية السورية، وحسم الموقف من إيران، وتسوية قضية جزيرتي "تيران وصنافير".
وكان تصويت مصر لصالح قرارين مختلفين في مجلس الأمن، أحدهما فرنسي لوقف العنف في حلب، والآخر روسي تعارضه السعودية، قد زاد من حدة التوتر بين البلدين، حيث وصفه حينها عبد الله المعلمي، مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، بأنه "مؤلم".
وبدا الخلاف جليا حينما أوقفت شركة أرامكو السعودية توريد 700 ألف طن شهريا من المشتقات النفطية، غير أنها استأنفت تصديرها مرة أخرى إلى مصر في مارس الماضي.
وتابع الغباشي أن تلك الزيارات تعني فتح باب النقاش والحوار لمعرفة الأخطاء والوصول إلى نقاط التلاقي، شريطة أن يدرك الطرفين أن العالم العربي في خطر ولابد من إزالة الخلافات بينهم.
وأشار الغباشي إلى أنه بجانب العلاقات الثنائية بين البلدين هناك قضايا عربية ودولية لابد من التلاقي حولها، خاصة فيما يتعلق بالقضية السورية والفلسطينية، والترتيبات الأمنية الأمريكية في المنطقة العربية.
وعن التعاون بين البلدين لمكافحة الإرهاب، قال الغباشي إن الإرهاب عنوان رئيسي للقاءات والزيارات ولكن آليات مواجهته لم يضع أحد يده عليها، لأنه لا يمكن القضاء عليه إلا بتسوية الخلافات السياسية داخل هذه الدول.
من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة طارق فهمي، إن دعوة سلمان للسيسي لزيارة بلاده تعني دخول العلاقات المصرية السعودية في إطار جديد وبدء حوار إستراتيجي بين البلدين.
وأردف أن هناك إرادة مشتركة لدى البلدين للقفز فوق الخلافات وعدم فتح ملفات قديمة تسببت في توتير العلاقات بينهما، وتنحيتها جانبا حتى تذوب وتتفتت مع الوقت في ظل تطوير العلاقات وبحث المصالح المشتركة.
ورجح فهمي أن ينتج عن الزيارة اتفاق مبدئي حول بعض القضايا الشائكة في المنطقة العربية وتطوير العلاقات الثنائية على أساس المصالح المباشرة بين البلدين، خاصة أنه من الضروري توحيد وجهات النظر بين مصر والمملكة في ظل الترتيبات الأمنية الأمريكية في المنطقة.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي إن دعوة سلمان للسيسي لزيارة بلاده تعني أنه ليس هناك خلافات بينهما من الأساس، لأن تلك الزيارات تعني أن العلاقات بين البلدين طيبة وتأتي لمزيد من تقويتها .
واعتبر بيومي أن الزيارة تحمل رسالة للعالم كله أنه لم يكن هناك خلاف بين القاهرة والرياض، وما كان يتداول في الإعلام عن توتر العلاقات بينهما مغالاة وتصريحات غير موفقة.
ولفت إلى أن تفسير تصويت مصر في مجلس الأمن بأنه أدى لمزيد من توتر العلاقات بين مصر والسعودية، ينم عن عدم احترافية وتفسيرات خاطئة من قبل بعض من يتصيد في الماء العكر .
وعن الخلاف حول تبعية جزيرتي "تيران وصنافير"، أوضح بيومي أنه على مستوى حكومة وقيادة البلدين هناك اتفاق على أن الجزر وديعة سعودية لدى مصر منذ حرب فلسطين في عام 1984 وحانت الظروف الآن لاستردادها، ولكن الخلاف داخل بعض المصريين الذين يصعب عليهم رد هذه الوديعة.
وأثارت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعها السيسي مع الملك سلمان، أثناء زيارته للقاهرة في أبريل من العام الماضي، وقضت بنقل تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" الواقعتين في البحر الأحمر للمملكة، حالة واسعة من الجدل انتهت بحكم قضائي ببطلان الاتفاقية.
ورجح بيومي أن تسفر الزيارة عن جلب مزيد من الاستثمارات السعودية لمصر، وإزالة أي معوقات لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، خاصة أنهما أكبر شريكين تجاريين في المنطقة العربية.
وحول دور السعودية في مساعدة مصر لمكافحة الإرهاب، قال إن العالم كله شريك في مكافحة الإرهاب، ويمكن للمملكة إمداد مصر بمعلومات حول هذه العناصر وتجفيف منابع التمويل، ففي بعض المناطق العربية أسر غنية تمول هذه العناصر على أساس أنهم بحاجة إلى الأموال، ولكنهم يستخدمونها في الإرهاب.