بإبرة السقوط.. هكذا كان يمكن تدارك كارثة محطة مصر

كتب: فادي الصاوي

فى: أخبار مصر

19:14 04 مارس 2019

أدى خطأ بشري تسبب فيه سائق جرار قطار فى وقوع كارثة إنسانية بمحطة مصر للسكك الحديدية، راح ضحيتها ما يزيد على 22 شخصا بعضهم لم يتم التوصل إلى هويته حتى الآن وأصيب عشرات آخرين، بعضهم يصارعون الموت داخل غرف العناية المركزة، بالإضافة إلى الإطاحة بوزير النقل السابق هشام عرفات من منصبه، وأكد خبراء نقل ومسئولون بهيئة السكك الحديدية أنه كان يمكن تدارك هذه الكارثة ومنع حدوثها، لو تم استخدام "إبرة السقوط".

 

واندلع يوم الأربعاء الماضي حريق هائل داخل محطة مصر، بسبب اصطدم جرار  قطار بأحد أرصفة المحطة، ما أسفر عن مقتل عن 22 شخصا وإصابة العشرات، وفقا لتصريحات الدكتورة هالة زايد وزير الصحة.

 

 وأشارت وزيرة الصحة إلى أن عددًا من المصابين تلقوا العلاج اللازم وغادروا المستشفيات، وتتبقى 26 حالة موزعة على مستشفيات دار الشفا، ومعهد ناصر، الحلمية العسكري، والقبطى، والدمرداش، وأغلبهم اصاباتهم متوسطة، فيما عدا 10 مصابين بحالة خطرة، منهم 6 حالات شديدة الخطورة.

 

بدورها قررت النيابة العامة، ندب لجنة من خبراء الطب الشرعي لمناظرة الجثامين التي أسفر عنها الحادث، وأخذ عينات البصمة الوراثية (DNA) من ذويهم، نظرًا لتفحم الجثامين وعدم التوصل لتحديد هوية كل منهم.

 

وبدوره اعترف المهندس أشرف رسلان رئيس الهيئة القومية لسكك حديد مصر، بوجود قصور وإهمال داخل الهيئة، موضحا أن حادث القطار كان ممكن تداركه لو تم استخدام إبرة السقوط ولكن هناك خطأ بشريًا حدث أدى إلى وقوع الحادث.

 

رسلان أشار خلال الاجتماع الأول لأعضاء لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، إلى أن المنظومة ظلت لعقود طويلة مهملة وبدأ التطوير بها منذ تولي الرئيس السيسي في عام ٢٠١٤، وهناك عدة اتفاقيات تعاونًا وقروضًا لتطوير السكة الحديد منها، قرض مجري حيث عقد الدكتور محمد شاكر المكلف بتسيير أعمال وزارة النقل اجتماعا مع رئيس البنك المجري لإنهاء بعض العوالق والمشكلات وخلال الاسبوع القادم سينتهي الاتفاق وسيتيح توريد ١٣٠٠ عربة، وانتهت معظم الخطوات وخلال هذا الأسبوع سيكون هناك قرار بشأنه.

 

وأضاف :" هناك قرضًا بمبلغ ٥٧٠ مليون دولار مع كندا لتوريد ١٠٠ جرّار وتأهيل ٨١ جرّارًا وصيانة الـ١٨١ جرّار وسيتم إنهاء إجراءاتها خلال الأيام المقبلة، ويجرى الانتهاء من تطوير ٤ أبراج علي خط الوجه البحري، بالإضافة إلى تطوير عدد من الأبراج على خط الوجه القبلي منها برج أبوقرقاص ومغاغة"، مشيرا إلى أنه في حال الانتهاء منها يقلل تدخل العامل البشري في منظومة التشغيل.

 

الأمر ذاته أكد الدكتور حسن مهدي، أستاذ النقل بهندسة عين شمس، الذى أشار إلى أن الجرار كان من الممكن أن يتم إسقاطه قبل أن يصل إلى الرصيف، لو تم سحب إبرة السقوط الأمر الذى سيجعله يسقط على الأرض.

 

وأوضح أن عامل الأمان موجود فى أى قطار ولكن ما حدث فى محطة مصر يعتبر شيئًا من عدم استيعاب الموقف، لافتا إلى أن الجميع تفاجأ بما حدث، ولذلك لم يستطع أحد اتخاذ أى قرار لإيقاف القطار.

 

الكاتبة إيمان عراقي فى مقال لها بجريدة الأهرام، كشف المقصرين فى الحادث قائلة :" كان من الممكن لسائق جرار الموت أن ينقذ الموقف لو بلغ برج المراقبة بإحدى وسائل الاتصال التى توفرها لهم الهيئة، وفى هذه الحالة كان البرج قد شغل إبرة السقوط لإيقاف القطار فى الحال لأنها تسقط القطار من على القضبان"، موضحة أن هذا التقصير ليس من السائق فقط ولكن من كل العاملين فى الحركة وهم السائق ومساعده وعامل المناورة ومسئول الوردية لو ابلغ أحدهم برج المراقبة كان من الممكن إنقاذ الموقف.

 

وذكرت عراقي فى مقالها، أن كلمة السر فى أى كارثة هى العنصر البشري، ولذا فإن الدول المتقدمة قللت الاعتماد على العنصر البشرى بنسب تخطت 80% فى بعض القطاعات خاصة الخدمية، مضيفة :"مهما طورنا واستوردنا قطارات حديثة وجرارات جديدة دون تطوير عقول وأداء البشر لن نصلح شيئا وهذه هى المعضلة"

 

وأشارت عراقي إلى أن مصر تحتاج إلى مشروع قومى للنهوض بهيئة السكك الحديدية، مضيفة :"يوجد بهيئة السكك الحديدية 72 الف موظف ومهندس وعامل، منهم 3500 سائق فقط لتشغيل القطارات، ويبلغ إجمالى رواتب جميع العاملين سنويا يبلغ 3مليارات و200 مليون جنيه، فى حين لا تتجاوز الايرادات حاجز الـ3 مليارات جنيه، حيث تتحمل الدولة 200 مليون جنيه سنويا فرق الرواتب، بالإضافة الى مصاريف التشغيل وقيمتها".

 

كان المهندس هشام عرفات قد تقدم باستقالته من وزارة النقل، على خلفية الحادث وقبل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، استقالته، وكلف الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، بالقيام مؤقتًا بمهام وزير النقل بالإضافة إلى مهام منصبه لحين تعيين وزير للنقل.

 

ويعتبر علاء فتحي سائق الجرار رقم 2302 المتسبب في حادث محطة مصر، المتهم الرئيس فى الواقعة، حيث ترك الجرار بعد اصطدامه ليدخل فى مشادة كلامية مع زميله، وذكر بيان الحالة الوظيفية، الصادر عن هيئة السكك الحديد، أن علاء، السائق بقطاع ورش الجرارات بفرز القاهرة – المسافات الطويلة، سبق اتهامه في القضية رقم 8821 لسنة 2016 جنح طنطا متداولة ممارسة دعارة وحبس فيها احتياطيا اعتبارا من 13 مارس 2016 وحتى 17 إبريل 2016.

 

كما كشف بيان الحالة الوظيفية عن أن المتهم تم وقفه عن العمل لتعاطيه المواد المخدرة لمدة 6 أشهر بدأت من 11 يناير 2017 وحتى 11 يوليو 2017 ثم عاد للعمل بعد انقضاء فترة الستة أشهر.

اعلان