إثيوبيا تواصل تعنتها

«مفاوضات كينشاسا».. هل نجحت مباحثات «الفرصة الأخيرة» لحل أزمة سد النهضة؟

كتب: آيات قطامش

فى: أخبار مصر

17:30 06 أبريل 2021

جولة مفاوضات جديدة عُقدت في "كينشاسا" على مدار يومين كاملين، لم تسفر عن شئ فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، نتيجة استمرار تعنت إثيوبيا ورفضها لأي مقترح من جانب السودان أو مصر في تلك القضية المصيرية.. 

 

ماذا حدث في مفاوضات كينشاسا؟ 

 

قبل ساعات قليلة؛  صرح السفير أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن جولة المفاوضات التي عقدت في كينشاسا حول سد النهضة الإثيوبي خلال يومي 4 و 5 إبريل الجاري؛ لم تحقق تقدم ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات. 

 

وواصل حديثه عبر بيان رسمي قائلًا: رفضت إثيوبيا المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونجو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث، ورفضت إثيوبيا كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدتها السودان من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الإنخراط بنشاط في المباحثات والمشاركة في تسيير المفاوضات وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.

 

وتابع: كما رفضت إثيوبيا مقترحًا مصريًا تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري ودعمته السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونجولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، وهو ما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك لقدر المرونة والمسئولية التي تحلت بها كل من مصر والسودان، ويؤكد على رغبتهما الجادة في التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح مما أدى إلى فشل الاجتماع في التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات.

 

 

وذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن هذا الموقف يكشف مجددًا عن غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصري جيداً ولا ينطلي عليه.

 

كان رئيس الكونغو  فليكس تشيسكيدي، قد دعا الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جلسة مفاوضات مباشرة، بصفته رئيس الاتحاد الافريقي، واستمرت الجلسات يومين متواصلين بواقع 4 جلسات يوميًا.. 

 

وأكد السفير أحمد حافظ أن مصر شاركت في المفاوضات التي جرت في كينشاسا من أجل إطلاق مفاوضات تجري تحت قيادة جمهورية الكونجو الديمقراطية وفق جدول زمني محدد للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة، إلا أن الجانب الإثيوبي تعنت ورفض العودة للمفاوضات، وهو موقف معيق وسيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة.

 

واختتم المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية تصريحاته بالإشارة إلى أن وزير الخارجية أكد خلال الاجتماعات التي عقدت في كينشاسا عن تقدير مصر للجهد الذي بذله الرئيس فيليكس تشيسكيدي في هذا المسار، وعن استعداد مصر لمعاونته ودعمه في مساعيه الرامية لإيجاد حل لقضية سد النهضة بالشكل الذي يراعي مصالح الدول الثلاث ويعزز من الاستقرار في المنطقة.

 


على الجانب الآخر؛ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، منصور بولاد، أن تعنت إثيوبيا عطل التوافق حول منهجية مشتركة لمفاوضات سد النهضة، وأشار بولاد إلى وجود تباعد بين مواقف وفود السودان ومصر وإثيوبيا، وخلافًا على مضمون البيان الختامي لجولة المفاوضات في كينشاسا،بحسب تصريحات له. 

 

 

عشر سنوات من "التفاوض"

 

كان  وزير الخارجية  المصري أكد في وقت سابق أن مصر تفاوضت على مدار عشر سنوات بإرادة سياسية صادقة من أجل التوصل لاتفاق يحقق لإثيوبيا أهدافها التنموية ويحفظ في الوقت ذاته حقوق ومصالح دولتي المصب.

 

وشدد حينها على ضرورة أن تؤدي اجتماعات كينشاسا إلى إطلاق جولة جديدة من المفاوضات تتسم بالفاعلية والجدية ويحضرها شركائنا الدوليين لضمان نجاحها، لافتًا إلى إنها بمثابة فرصة أخيرة يجب أن تقتنصها الدول الثلاث من أجل التوصل لاتفاق على ملء وتشغيل سد النهضة خلال الأشهر المقبلة وقبل موسم الفيضان المقبل.

 

لماذا ترفض إثيوبيا الواسطة الرباعية؟

 

من جانبها رآت أماني الطويل، خبيرة الشئون الإفريقية بمركز الأهرام خلال مداخلة هاتفية مع سكاي نيوز اليوم الثلاثاء، أن التمسك بالواسطة الرباعية مهم للغاية، فإثيوبيا تعلم أنها إذا وافقت سيكون عليها ضغطًا دوليًا. 

 

وتابعت: لذا فإن اثيوبيا منذ 2013  رفضت اي تدخل دولي بعد تقرير اللجنة الدولية التي اعتبرت أن قيام السد على المستوى الفني غير مطمئن، وهو السبب الذي يجعلها  تستمر في الرفض وهذه المقاومة لن تنكسر إلا بعقوبات دولية جادة، خاصًة أن هناك أسباب متعددة منها التهديد الإنساني لـ 250 مليون نسمة..  

 

 

 

 

تحذيرات وتعنت "اثيوبي" 

 

جاء التعنت الإثيوبي اليوم  السبت؛  بعد تحذير الرئيس عبد الفتاح السيسي،  من المساس بحصة مصر، المقدرة بنحو 55 مليار متر مكعب سنويًا. 

 

حيث قال "السيسي" قبل أيام في مؤتمر صحفي: "مبنتكلمش كتير، محدش هياخد نقطة مياه من مصر، اللي عاوز يجرب يجرب، مبنهددش حد وحوارنا رشيد وصبور".

 

كما سبق وحذَّر وزير الموارد المائية والري الدكتور محمد عبدالعاطي من أنَّ سد النهضة إذا انهار فإنّه سوف يتسبب في غرق السودان بأكملها.

 

وتابع، خلال حوار مع الإعلامي رامي رضوان على قناة dmc، قائلًا:: تبيّن من الدراسات والمحاكاة التي أجريت في المراكز المصرية المتخصصة أنه إذا انهار السدّ سيتسبب في موجة ارتفاعها 26 مترًا في الخرطوم بعرض 150 كيلو، وهو ما سيسبب تدميرًا كاملًا للسودان.

 

واستكمل: هذا بخلاف أنَّ هذه الموجة حينما تصل لنا سنحتاج لعمل استثمارات لإمكانية التعامل معها حتى وإن كانت احتمالاتها واحدًا في المليون، فالواحد في المليون إذا حدثت مرة فإنها قاتلة وتبيد شعوب، فالنسبة لنا تمثل احتمالًا كبيرًا، لذا يتمّ صرف استثمارات زيادة كي أؤمن نفسي وأؤمن السد العالي،  قد تتعدَّى الـ 20 و30 مليار جنيه، لامتصاص هذه الصدمة والتعامل معها.

 

فيما أكد وزير الخارجية المصري أنَّ أزمة سد النهضة تهدد مورد المياه لـ 100 مليون مصري وتشكل مخاطر على أمة بأكملها، إلا أن اثيوبيا ترى غير ذلك، لافتة إلى أنها تهدف من بناءه انتاج الطاقة الكهرومائية لسد النقص. 

 

فمصر تطالب أن تمتد فترة ملء السد إلى 10 سنوات مع الأخذ في الاعتبار سنوات الجفاف،  في حين تتمسك إثيوبيا بـ 4 إلى 7 سنوات، البالغ 74 مليار متر مكعب.. 

 

كانت الرئيسة الإثيوبية ساهلي وورك زودي، سبق وأكدت أن بلادها تجري الاستعدادات للمضي قدما في المرحلة الثانية من ملء سد النهضة الإثيوبي.

 

 

الجدير بالذكر أن حصة مصر تقدر بحوالى ٦٠ مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتي من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، وفي المقابل يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر لحوالي ١١٤ مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل ٣٤ مليار متر مكعب سنوياً من المياه، بحسب وزارة الري المصرية. 

 

وتشير مصر إلى أن الزيادة السكانية تمثل تحدي رئيسي للموارد المائية، حيث أفادت وزارة الري  أنه من المتوقع أن يصل إجمالي السكان في مصر لأكثر من ١٧٥ مليون نسمة في عام ٢٠٥٠ وهو ما يمثل ضغط كبير على الموارد المائية.. 

 

ويجدر الإشارة إلى أن حجم المياه الخضراء (مياه الامطار) في إثيوبيا  يصل إلى أكثر من ٩٣٥ مليار متر مكعب سنويا من المياه ، علمًا بأن ٩٤ ٪ من أراضي إثيوبيا خضراء ، في حين تصل نسبة الاراضي الخضراء في مصر إلى ٦ ٪ فقط .. 

 

 وتمتلك إثيوبيا  أكثر من ١٠٠ مليون رأس من الماشية تستهلك ٨٤ مليار متر مكعب سنويًا من المياه وهو ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين ، كما تصل حصة إثيوبيا من المياه الزرقاء (المياه الجارية بالنهر) لحوالي ١٥٠ مليار متر مكعب سنوياً منها ٥٥ مليار في بحيرة تانا و ١٠ مليارفي سد تكيزى،  و٣ مليار في سد تانا بالس و ٥ مليار في سدود فنشا وشارشارا ومجموعة من السدود الصغيرة بخلاف ٧٤ مليار في سد النهضة..

 

 كما تقوم اثيوبيا بالسحب من بحيرة تانا للزراعة دون حساب، بحسب وزارة الري المصرية، بالإضافة لإمكانيات المياه الجوفية في إثيوبيا بإجمالي ٤٠ مليار متر مكعب سنويًا ، وتقع على أعماق من (٢٠-٥٠) متر فقط من سطح الأرض، وهي عبارة عن مياه متجددة ، فى حين تعتبر المياه الجوفية فى صحارى مصر مياه غير متجددة وتقع على أعماق كبيرة تصل لمئات الأمتار.

 

اعلان