الانتخابات الأمريكية 2016.. إقبال تاريخي لاختيار الرئيس الـ 45
أقبل الأمريكيون بأعداد كبيرة أمس للمشاركة في انتخابات رئاسية ذات أبعاد تاريخية يتنافس فيها الجمهوري الشعبوي دونالد ترامب مع الديمقراطية هيلاري كلينتون التي تحظى بفرص جيدة لتصبح أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة.
واختتمت الانتخابات حملة طويلة اتسمت بمستوى غير مسبوق من العنف والهجمات التي وصلت الى حد البذاءة، ويترقب العالم بأسره نتيجتها بتخوف وقلق، لشدة ما يتعارض المرشحان في رؤيتيهما لمستقبل القوة الأولى في العالم.
وتخرج البلاد من هذه الانتخابات منقسمة للغاية، بعد ثماني سنوات من انتخاب باراك أوباما أول رئيس أسود للولايات المتحدة، على رسالة أمل نقلها الى الاميركيين.
وفي مؤشر الى مستوى الانقسام الذي تثيره هذه الانتخابات، استقبل ترامب بصيحات الاستنكار صباح امس حين توجه للإدلاء بصوته في مدرسة بمانهاتن في نيويورك، فهتف له بعض الناخبين والمارة "نيويورك تكرهك".
وتشكلت غالبا صفوف انتظار طويلة أمام مكاتب التصويت في جميع أنحاء البلاد، على ما أفاد صحفيو وكالة فرانس برس.
وفي نيويورك، في قلب جزيرة "ستاتن آيلند"، الاكثر ميلا الى الجمهوريين بين دوائر نيويورك، كانت حركة كبيرة تعم مركز التصويت الذي اقيم في مدرسة "توماس دونغان" عند ظهر أمس.
هنا صوتت كاتي كوب الشابة الشقراء البالغة من العمر 19 عاما لأول مرة.
وتقول "كنت متحمسة كثيرا" وهي تشير باعتزاز الى الملصق المعلق على سترتها وعليه "أدليت بصوتي". وهي تعتبر نفسها جمهورية "الا في المسائل الاجتماعية"، وصوتت لدونالد ترامب.
واوضحت "كنت مترددة قليلا بين الاثنين، لكنني لا أثق بهيلاري، وهذا ما رجح الكفة".
وادلت كلينتون بصوتها باكرا في مدرسة قريبة من منزلها في تشاباكوا في ولاية نيويورك، برفقة زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون. وكان حشد من نحو 150 شخصا ينتظرها بحماسة كبيرة.
وتبقى الانظار موجهة بصورة خاصة الى بعض الولايات الأساسية التي قد تحسم نتيجة الانتخابات، وفي طليعتها فلوريدا. تقول ليونور بيريز (74 عاما) وهي تصوت لكلينتون في مدينة هيالي قرب ميامي "حان الوقت لترتدي امرأة بزة القيادة".
لكن ينبغي أيضا متابعة الوضع في أوهايو وكارولاينا الشمالية، وبنسيلفانيا، وبعض الولايات الأخرى التي قد تحسم النتيجة.
وادلى نحو 42 مليون اميركي من اصل حوالى 225 مليون ناخب مسجلين على اللوائح الانتخابية، باصواتهم في عمليات تصويت مبكر، لتفادي صفوف الانتظار يوم الانتخابات.
ورغم تقلص الفارق بين المرشحين خلال الأسبوع الأخير، كانت كلينتون امس تتصدر التكهنات. وتوجهت الأسواق بشكل واضح الى الارتفاع منذ اول من امس مع ارتفاع حظوظ كلينتون، وهي تفضل الاستمرارية التي تمثلها المرشحة الديموقراطية على المجهول الملازم لترامب.
وتأمل كلينتون (69 عاما) في ان تدخل التاريخ كاول رئيسة للولايات المتحدة بعد 44 رئيسا منذ جورج واشنطن في 1789.
و تعتزم الحكم في استمرارية لعهد الرئيس الديموقراطي اوباما الذي قدم لها دعما قويا، مسلحا بنسبة شعبيته المرتفعة، وضاعف التجمعات الانتخابية تاييدا لها.
وكلينتون الموجودة على الساحة السياسية منذ 25 عاما، لا يحبها نصف الاميركيين ويشككون بنزاهتها. وهي زوجة الرئيس الاسبق بيل كلينتون (1993-2001) وكانت على التوالي السيدة الاولى لولايتين وعضوا في مجلس الشيوخ عن نيويورك ووزيرة خارجية في عهد اوباما. وهي في غاية الانضباط والمثابرة، تعرف جميع الملفات بشكل معمق، لكن شخصيتها لا تثير حماسة كبرى.
اما ترامب (70 عاما) الذي يعتز بأنه دخيل على السياسة، فيأمل في ان يحقق مفاجأة كبرى كما حصل عندما صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي، خلافا لتوقعات استطلاعات الرأي.
بنى ترامب، الملياردير النيويوركي ذو الأطباع الحادة، حملته على انتقاد النخبة السياسية التي يتهمها بانها "نزفت البلاد"، وهو الذي لم يسبق ان شغل أي منصب منتخب، قدم نفسه على أنه رجل التغيير الذي سيتصدى للفساد الذي يتهم به النخب، وصوت المنسيين الذين وعدهم بان "يعيد لأميركا عظمتها".
والملياردير الأقل شعبية من منافسته (62%)، وهو مقدم سابق لبرنامج "ذي أبرانتيس" من تلفزيون الواقع، هو صاحب شخصية فظة استغل مشاعر الغضب والخيبة التي تحرك الطبقة الوسطى من الأميركيين البيض التي تواجه بقلق تبدلات العالم من حولها.
كانت الحملة الانتخابية طويلة ومضنية وانحدرت الى مستويات من البذاءة والاهانات لم تشهدها البلاد من قبل، وقد عبر 82% من الاميركيين عن اشمئزازهم منها في استطلاع للرأي نشر مؤخرا. كما تابعها العالم بترقب وقلق.
وصرح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انه "يثق بالشعب الأميركي" للقيام بخيار مطابق لـ"قيمه". إلى ذلك، قالت شركات مراهنات إن فرص فوز المرشحة الديمقراطية كلينتون أعلى بكثير من منافسها الجمهوري ترامب.
ورغم تحقيق ترامب مكاسب متواضعة في فرص الفوز على بعض المنصات الإلكترونية، إلا أن الكثير منهم منحوا كلينتون أكثر من 75% في فرص الفوز بالانتخابات.
وقالت شركة المراهنات "بادي باور" إن فرصة كلينتون في الوصول إلى البيت الأبيض تراجعت بشكل طفيف إلى 81.8 % امس، مقارنة بنسبة 83.3%، بينما تحسنت فرص ترامب إلى 22 % من 20%.
وقال فيليم ماك المتحدث باسم "بادي باور": "يتساوى تدفق المال تقريبا مع زيادة طفيفة لترامب".
من جهته، قال ترامب إن عليه الانتظار "ليرى كيف ستنتهي الأمور" قبل قبول نتائج الانتخابات، مشيرا إلى مخالفات محتملة وحذر مجددا من التزوير.
واضاف في مقابلة عبر الهاتف مع شبكة فوكس نيوز "سنرى كيف ستنتهي الأمور اليوم. آمل أن تنتهي بشكل طيب وألا نقلق بشأنها وأعني أننا نأمل في الفوز." وتابع "أود أن أرى كل شيء نزيها
ومن جهة اخرى، صوت الاميركيون امس ايضا لتجديد 34 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة ومقاعد مجلس النواب الـ435. ويامل الديموقراطيون في الحصول على غالبية في مجلس الشيوخ الخاضع حاليا لهيمنة الجمهوريين مثل مجلس النواب.
وتنتخب 12 ولاية من اصل 50 حاكما جديدا كما تنظم عشرات الاستفتاءات المحلية في 30 ولاية حول مسائل تتفاوت بين تشريع استخدام الماريجوانا وصولا الى الغاء عقوبة الاعدام. كما تجري الاف العمليات الانتخابية المحلية لاختيار قضاة ومدعين ومسؤولين محليين اخرين.
وبعيدا عن هذه البلبلة، قام اوباما الذي أدلى بصوته قبل أسابيع في شيكاغو، بلعب كرة السلة مع أصدقاء له، عملا بعادة درج عليها ايام الانتخابات.-(وكالات) Facebook