
حصار قطر.. نكسة جديدة في ذكرى النكسة

نعيمه أبو مصطفى
07 يونيو 2017
استيقظ العالم العربي على فاجعة بمعنى الكلمة، وهي قرار بعض الدول العربية (السعودية / الإمارات / البحرين / مصر) قطع علاقتها مع قطر، وبعد ساعات تم غلق الحدود السعودية، والإماراتية، والبحرينية مع قطر، وبعض الدول أعطت مهله للقطريين لتصفية إعمالهم وعودتهم إلى قطر.
لقد صادف يوم الاثنين الخامس من يونيه 2017 الذكرى الخمسين للنكسة العربية عندما احتل العدو الصهيونية أرضي كل من مصر وفلسطين ولبنان وسوريا في العام 1967، والعاشر من رمضان 2017 ذكرى نصر حرب أكتوبر 1973على العدو الصهيوني وتحرير قناة السويس المصرية والذي تم بتكاتف وتضامن، ووحدة الدول العربية مجتمعه في واقعة لم تتكرر حتى الآن. بل الذي تكرر بعد حوالي خمسين سنة هو نكسة جديدة للعرب ونستطيع أن نقول هذا اليوم هو ذروة النكسة العربية المستمرة منذ ما سمى بالربيع العربي في 2011 الذي دمر وفتت الدول العربية، وهذه الواقعة سبقتها نكسة أخرى عندما اتخذت جامعة الدول العربية قرارا بتجميد عضوية سوريا لديها.
جاء هذا القرار اليوم كالصفعة على وجه كل عربي عاصر فترة الوحدة والقومية العربية، عندما كانت الدول العربية يد واحدة ضد عدو واحد صهيوني إلى أن تم اختراق وتفتيت هذا التلاحم بمعاهدة كامب ديفيد وما تلاها من معاهدات استسلام للصهاينة والأمريكان.
منذ الربيع العربي دخلت بعض الدول العربية في صراعات داخلية نتيجة هذا الربيع، وأهم هذه الصراعات هو الصراع السياسي على السلطة، والذي تحول إلى حرب داخلية في بعض الدول، وفى البعض الأخر تحول إلى ما سمى بمحاربة الإرهاب، وتم تبادل الاتهامات بين العرب بعضهم البعض، وترحيل هذه الصراعات الداخلية إلى دول الجوار تارة والمشاركة في تأجيج الصراع في دول أخرى تارة أخرى، وإصدار إحكام قضائه ذات خلفية سياسية وأمنية على بعض الدول وفصائل المقاومة لتحسين الصورة الداخلية للحاكم، وتشابك الوضع العربي لدرجة وصلت إلى اتخاذ قرارات بتدمير ومحو دول عربية بأكملها وإحلال عصابات ومرتزقة من كل مكان بدلا من الشعوب العربية صاحبة الأرض لنجد أنفسنا أمام كيان هلامي يسمى داعش شاركت كل دولة عربية بطريقة ما في صناعته، ليلتقط الخيط العدو الأكبر للأمة، ويستثمر هذه الصناعة ليأتي على ما تبقى من الدول العربية.
بغض النظر عن سياسة قطر التي لم تُرضي الدول التي اتخذت قرار حصارها فهذه الدول سياستها لا تختلف كثيراً عن سياسة قطر. فإذا نظرنا إلى كل دولة على حدة نجد أن لها تدخل في سياسة دولة عربية أخرى بشتى الطرق السياسية، والعسكرية، والمخابراتية، إذا ليست قطر وحدها التي تتبع سياسة لا ترضى الجميع، بل كل هذه الدول تتبع سياسة لا تُرضي الأخر، ولأن قطر دولة صغيرة المساحة والقوة العسكرية، وتستمد قوتها من إيران التي تعادي الإرهاب الصهيوني فكان من السهل اتخاذ قرار بحصارها ومقاطعتها كما يتم مع قطاع غزة حالياً.
إذا هو منطق القوة والمال الذي يتحكم في السياسة العربية، وهذا المنطق الذي أتي بالعنصري المعتوه ترامب لكي نعقد له قمة إسلامية-أمريكية، ولا اعلم ما علاقة الإسلام بهذا العنصري الذي يدافع عن العصابات الصهيونية ويعلن انه سينقل سفارته إلى القدس ثالث الحرمين ومسرى الرسول، وهو الذي سب دول الخليج مراراً وسخر منهم وقال يجب أن يدفعوا ثمن حمايتنا لهم...الخ من تُرهات هذا المعتوه، الذي أصبح زعيم للدول العربية والإسلامية.
ماذا بعد حصار قطر؟ هل ننتظر توجيه ضربة عسكرية ضد قطر نتيجة مواقفها السياسية، أم ننتظر حرب خليجية بقيادة السعودية وحلفاؤها ضد إيران على أرض العراق كما يحدث الآن على أرض سوريا، واليمن، وليبيا؟ أم ننتظر تراجع واستتابة قطرية لدول المقاطعة لكي ترضى عنها وتفك حصارها؟
وإلى متى يستمر الوضع العربي هكذا؟ كل من ليس معي فهو ضدي. متى يأتي رجل رشيد يحقن دماء العرب؟ الأمة العربية بها من العقلاء الكثير، وننتظر أن يظهر علينا صوت العقل والضمير العربي لوقف هذه النكسة الجديدة التي تصب في صالح العدو الصهيوني الذي أراه الآن يتراقص من الفرحة لما وصل إليه حال العرب جميعا وبلا استثناء.