كيف تكون سعيدًا؟

كيف تكون سعيدًا؟

حورية عبيدة

حورية عبيدة

07 سبتمبر 2016

السؤال للوَهلة الأولى يبدو كبيراً ومُرهقاً ومُكرراً لأكثرِنا؛ إن لم يكن لجميعنا؛ لكنّي مُصادفةً شاهدت احدى حلقات برنامج تليفزيوني أمريكي شهير؛ يتَّسم بمشاهدةٍ عاليةٍ عالميةٍ، اهتم بطرح هذا السؤال لعدد من المُختصين؛ فكانت آراؤهم تدور حول خمْس خُطواتٍ بسيطةٍ وسهلةٍ- على حد وصْفِهم- تناسب الجميع مهما تباينت طَرائِق معيشتهم.


أولا: عليك أن تَمْلكَ بنفسك أسبابَ سعادتك، فلا تُحَمِّل عاتِق الآخرين هذا العِبء، ولا تنتظر منهم أن يَهِبوك السعادة، كُنْ أنت وحدكَ مسئولاً عن إسعاد قلبك بما تَمْلكه من رُوحٍ  ومهاراتٍ وإرادةٍ وقُدْراتٍ ومواهبٍ؛ لا بما تمْلكه من مالٍ أوعقاراتٍ أو بيتٍ كبيرٍ وثِيرٍ.


ثانيا: عليك أن تتحدى قصتك التي تَحْياها، بمعنى؛ أنَّ الكثيرين يعتقدون أن قصتهم هي الحقيقة الوحيدة التي يتوَجَّبُ عليهم أنْ يعيشوها، وبالتالي لا يملِكون رفاهيةَ الفَرار والفكاكَ منها، وقد يُرهِقون أنفسَهم للحد القاتل ليتواءموا معها ويتقبَّلوها، وهنا يقول الخبير-أحد ضيوف البرنامج-:" قصتُك؛ أنت من كتبت  النص والسيناريو والحوارفيها، وبالتالي يمكنك تغييرها، بنصٍ جديدٍ يتواءَم مع راحتِك".


ثالثا: استمتع بالرحلة لا بالوِجْهَة، أي لا تُؤجل سعادتك حتى تحصل على الشهادة مثلاً؛ أو تتزوج؛ أو تُنجب أطفالاً، فأنت بذلك تؤجل حقك في الفرح الإنساني النبيل، فهل تضْمن أنْ يمتد بك العُمرُ كي تصل لتلك المرحلة؟! إذن عليك أن تستمتع بكل الخُطوات والمراحل التي تمر بها وصولاً لهدفِك، احتفلْ طُوال الطريق؛ لا أن تنتظر حتى تصل خط النِّهاية.


رابعا: ضعْ نفْسَك في جدول الأعمال الهامة، فأنت أيضاً تحتاج أنْ تهتمَ بنفْسِك، لأنك إن لم تعرف قيمتها فلن يعرفها غيرُك، لذا يتوجَّب عليك أن تعطي علاقاتك حَقها، فهي العامل المهم في كل شيء، علاقتك بربك في المقام الأول لأنك - يقيناً- تعلم أنه مُسَيّر الأمور، وكذا؛ استمتع بعلاقتك مع نفْسك، فإلم تُحبها فسيكون من الصعب أنْ يحبك الآخرون، والحب هنا بمعنى أن تُرَوِّحَ عن نفسك ولا تُلقِها دوماً في دوامة الأحزان، لأنك لحظتها ووقتَ تلتقي بأناسٍ يُمارسون الحزن والاكتئاب مثلك؛ فستصبحون معا وسط عاصفةٍ منَ الكآبة، أما حينما يأتونك وأنت متصالح مع نفسك، وتعيش حالةً من الرضا والسعادة؛ فستنتقل طاقتك الإيجابية إليهم، فيزدادون إعجاباً والتِصاقاً بك؛ لأنك وقتها قد أصبحت شخصاً جذاباً يودون أَلو قَلَّدُوه.


الأمر يستدعي كذلك أن تستمتع بعلاقاتك مع أطفالك وزوجك، خذ معهم الوقت الكافي، فالحياة تُعلمنا أنه لا ثمار بدون علاقات، فلا يمكنك أن تكون وحدك بمفردك مُنتجاً في العمل والبيت والحياة. فأنت عبارة عن شبكة علاقات تُحيط بها نفسك، فاحرصْ على أن تكون علاقاتك جيدة.


خامسا: وازنْ بين العمل والمرح، فلا يُمكن أن تقوم بإحداهما فقط؛ وتتوقع أن تحصد ثمارهما معاً، فإذا كنت مُجِداً مُكِداً في عملك؛ فلابد أن تُضْفي على حياتك بعضاً من المرح لتتوازن أُمُورك،وفي المقابل لا تُسْرف في اللهو على حساب العمل، فتصبح إنساناً مَرِحاً حقاً؛ لكنك حتماً ستموت جوعاً.


ضَعْ أطفالَك في أولويات اهتمامك، فإذا كنت شخصاً مُنضبطاً طِيلة الوقت، فإنهم بدَوْرهم لا يودون أن يسكنوا مع "شُرطة منزلية"، فقد اجتهدوا وتَعبوا في يومهم الدراسي، ويريدون حقهم الإنساني في المرح داخل البيت، وإلا بحثوا عنه خارجه؛ وتلك مَهْلَكَة لهم.. ولك.


تذكر أنه ليس كل ماتتركه لأطفالك يجعلهم عُظماء، بل ماتتركه فيهم، فإذا تركت فيهم مايكفي؛ فلا تقلق عليهم البَتة، يمكنهم أن يجدوا طريقهم الخاص في الحياة مُكللين بالنجاح، أما إذا تركت لهم أكثر مما تركت فيهم؛ فسوف يركضون خلفه.. قَلَّ أم كَثُر.. وهنا يُنْهِي أحد  الخبراء كلامَه بقوله" لقد خُلقنا لنكون بَشَرا بهذا الشكل الصحيح".


والحقيقة بِدَوري أنا أسأل القارئ: تُرى هذه النقاط الخمس يسهل علينا في مجتمعاتنا العربية أن نطبقها، أم أن هناك قيوداً تُعَوقنا، خاصةً فيما يخص الخطوة الثانية؟.. راجعْ مقالي، وأجِبْ صراحةً.