
الاحتلال يرفع نسب الطلاق بين الضفة وغزة

حورية عبيدة
22 سبتمبر 2016لم تقتصر سياسة المحتل الصهيوني لفلسطين العربية على ما نراه من مجازر يومية يُندى لها جبين الإنسانية؛ إلا أنها تمادت وعن قصد لإضعاف البنية الأساسية للمجتمع؛ ألا وهي البناء الأسري؛ والذي كنا نظن أنه خط الدفاع الأخير ضد الغاصب؛ وهُيئ لنا أن تماسك اللَبِنة الأسرية ولُحمتها سيزداد كلما اشتد القهر والصلف الإسرائيلي حِفاظاً على الهوية الفلسطينية. لكن تَعَرُّض المجتمع الفلسطيني لسياسات التهجير من أراضيهم مذ العام1948؛ وتوالي سياسة المحتل الرامية لتدمير البناء الاجتماعي للفلسطيني -وخاصة مع الانقسام السياسي الحاصل عام 2007- أدي لسوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية وظهور النَّعرات الحزبية؛ مع صعوبة التنقل بين أجزاء الوطن الواحد من الضفة الغربية إلى غزة والعكس، كل ذلك ساهم في انهيار العديد من الأنساق الأسرية، واستفحال ظاهرة الطلاق قبل الزفاف وما يترتب عليه من معاناة وأضرار جِسام.
تلك النتائج؛ كانت ثمرة دراسة علمية جادة حصل بها الباحث الفلسطيني محمود إبراهيم أبو رحمة على درجة الماجيستير بامتياز من جامعة عين شمس بالقاهرة، تناول فيها قطاع غزة على وجه الخصوص، عن طريق دراسة العديد من الحالات التي انفصل أصحابها قبل الزفاف؛ وكلها اجتمعت على أسباب واحدة؛ منها: الاختلاف الحزبي بين العروسين؛ كأن تكون العروس وأهلها ينتمون لحماس بينما العريس ينتمي لفتح، والعكس بالعكس، وحالات أخرى نتيجة الحصار الذي يطوق غزة؛ مما جعل استحالة انتقال العروسين ليعيشا معا، وبسبب عدم وجود حكومة واحدة لشئون القطاع والضفة؛ ترتب على ذلك تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية في غزة تحديدا، وفقدان سُبُل العيش بكرامة، مما يضطر معه الكثيرون -تحت وطأة الفقر المُدقع الناتج عن الحصار والانقسام الفلسطيني الداخلي- إلى العصف بالبناء الأسري المنشود، ومن ثَمَّ ازدياد معدلات الجريمة والسرقة والتسول والبطالة والمخدرات، وتأخر سن الزواج وكثرة حالات الطلاق، وانتشار الرذيلة خارج إطار الزواج، ونُدرة الفرص الوظيفية للخريجين.
قدَّمت الرسالة عدداً من التوصيات الهامة منها: تعديل النصوص في المحاكم الشرعية باعتبار أن الزواج قبل الزفاف ماهو إلا فترة خطبة؛ بحيث لا يُعتد بعقد القران إلا إذا صاحبه انتقال العروس لبيت الزوجية، تجنبا للأثار النفسية السيئة التي تتعرض لها الفتاة الحاملة للقب "مطلقة"، إعداد برامج توعوية لمناصحة المقبلين على الزواج؛ وتشجيعهم على تحمل مسئولياته، السعي للوحدة الوطنية بين الحكومتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ ليتبنا معاً مشروعات تنموية لتحسين الأوضاع الاقتصادية بالقطاع على وجه الخصوص، والتخفيف من حدة الاحتقان الحزبي بين أبناء الشعب الواحد.