
لماذا أخشى الأمومة؟

دينا نجم
24 مارس 2015
الأمومة حلم أي بنت" .. "البنت إتخلقت عشان تكون أم" .. "أنا نفسي أتجوز عشان أخلف" .. "أحلى حاجة في الجواز الخلفة" ... أمثلة من جمل بتؤرقني و تستفزني للرد و الاعتراض... أحيانا بكبر دماغي و بكسل أتناقش و أعارض و أجادل و بسكت و أهز راسي و أبتسم إبتسامة الموافقة.. و أحيانا بقرر أعمل فيها عباس الضو و أقف بعلو صوتي و أزعق و أقول : لأ و أستحمل بقى كل اللي حيجرالي من ساعة ال "لأ" دي ما تطلع مني و تصل إلى الجميع واثقة مجلجلة مسنودة بالأدلة و البراهين! عشان الاعتراض على مفاهيم مترسخة زي دي عواقبه ممكن تبقى وخيمة زي مثلا ان يتم اتهامك بانعدام المشاعر و الأحاسيس او بعدم تقدير نعمة من نعم ربنا و هي الأطفال و هلم جرا! مع إن عدم اتفاقي مع الجمل دي مش معناه حاجة غير إني بشوف جزء تاني من الحكاية و بركز فيه أكتر فبيخليني أخاف!
أنك تقرر إنك تخلف معناه ببساطة من وجهة نظري إنك تجيب للدنيا الشخص اللي حتحبه أكتر ما حبيت و حتحب أي حد في حياتك اللي فاتت و اللي جاية.. إفتكر كده أكتر شخص حبيته في حياتك؟ إفتكر مشاعرك ليه كانت عاملة إزاي؟ و خوفك عليه؟ و خوفك من فقدانه في أي لحظة؟ و إحساسك إنك عايز تجيبله الدنيا كلها تحت رجله؟ و مستعد تضحي بكل حاجة لمجرد إنك تشوفه سعيد؟ تخيل بقى الحب اللي فوق الحب ده بكتير! تخيل إنك مش بس حتحبه أكتر من أي حد، إنت حتحبه أكتر من نفسك! فكرة مرعبة! نقطة ضعف حتلازمك و مش حتفارقك أبدا!
و بعد ما تحبه مطلوب منك تربيه... تربيه كويس أوي... يعني تعمل إيه؟ إيه هو مفهومك عن التربية الكويسة؟ أنا مفهومي عنها هو اللي أمي عملته معانا أنا و إخواتي... عمرها ما جابتنا كده و قعدت معانا و قالت لنا متعملوش ده و إعملوا ده... بس أنا كبرت لقيت نفسي عارفة إن ده صح و ده غلط... و لقيت إن فيه حاجات مبعملهاش ولا فكرت في يوم أعملها و لما بقعد مع نفسي و أفكر ليه، بلاقي إن أمي هي السبب من غير ما تقولي حاجة! إزاي؟!! معرفش عملت كده إزاي و معتقدش إني حعرف أعمل زيها...
عايزة أبقى صاحبتهم يحكولي على كل حاجة بس لو إبني جه في يوم قالي إنه جرب الحشيش و عجبه و لو بنتي اللي عندها ١٦ سنة قالتلي إنها بتحب و مصاحبة، حعمل إيه؟ لو شوفت إبني اللي عنده ١٢ سنة كتب بوست شتايم بس، حدخل أقوله عيب كده إمسح الكلام ده ولا حسيبه و أعمل نفسي مشوفتش؟ و لو لقيت بنتي حطه صورها إمبارح في خروجة بليل اللي كان المفروض بتذاكر فيها؟ حقولها هي دي المذاكرة؟ ولا حسكت عشان زمان مكانش فيه فيسبوك و كان زماني معرفتش حاجة؟ هو أنا حسيبهم أصلا يعملوا فيسبوك؟ من و هم قد إيه؟ و برقابة مني و لا من غير؟ معقولة حسيبهم يشوفوا اللي بنشوفه ده و هم لسه أطفال؟ ولا هي دي مفاهيم الحرية في الزمن ده؟ طب حسيبهم يعيشوا في البلد و يعانوا زينا ولا حنصحهم يسيبوها و يسيبوني و يهاجروا؟ هو أنا حيجيلي قلب إزاي أجيب عيال في بلد بالظروف دي؟
حكلمهم في الدين؟ ولا مش حعرف أسايرهم لو دخلنا في جدال و قالولي طب و "داعش"؟ و السياسة؟ حفهمهم حاجة ولا حسيبهم يفهموا لوحدهم؟ حقولهم أنا مع مين و رأيي إيه؟ ولا بلاش أثَّرَ عليهم؟ حعلمهم فين و إزاي؟ حسيبهم يبقوا ضحية لعملية إغتيال الذكاء على إيد مناهج عقيمة مصدية مش حيفتكروا منها معلومة واحدة بعدها بسنين قصيرة؟ ولا حفهمهم اللي فيها من الأول و أقولهم ميركزوش أوي؟ مؤخراً سمعت صديقة أمي بتشتكي إن بنتها لما المدرسة خيرتها بين "لغة تانية" و "فنون"، إختارت الفنون! و لقيت أمي بتنتقد تصرف البنت هي كمان و أنا في عقلي: ما تسيبوا البنت تدرس اللي هي عايزاه! بس لو بنتي؟ أكيد مش حتبقى سهلة كده! حجيب مربية تجري ورا العيال في كل حتة و تلاعبهم و تحبهم و يحبوها و أقعد أنا أشرب القهوة وأقرأ و ألعب على الأي باد؟ ولا لأ مينفعش غيري يربيهم؟ ولا الكلام سهل؟ طب و أنا؟ حعيش إمتى؟ كل أصحابي اللي خلفوا قالولي إلحقي إعملي كل حاجة قبلها عشان "حياتك حتخلص" بعد العيال! بس أنا لسه عندي أحلام... أنساها؟
حاجات كتير .. كتير أوي ... مش عارفة حعمل فيها إيه و مش حاسة إني حقدر أعمل حاجة... يمكن اللي جرب فهم قد إيه الأحاسيس الحلوة الكتير اللي بتيجي مع كل المعاناة دي تستاهل التجربة و المعافرة... و فيه اللي مجربش و برضه بيحلم بيها و حاببها و مستعد يتجوز عشانها بس... بس أنا بترعبني فكرة الحب الزيادة و بتخوفني الأسئلة الكتير أوي دي اللي ملهاش إجابات واضحة و القرارات المصيرية اللي نتايجها أبدية! و بيقلقني إحساس التقصير و وجع الضمير! فبقيت عايزاها و مش عايزاها... بحبها و مرعوبة منها، بفرح لغيري لما ينولها بس متمنهاش لنفسي! و بقى مريحني إحساس الإكتفاء الذاتي بحبي لأولاد غيري... عشان مش مطلوب مني غير إني أحبهم... أحبهم و بس!
على أمل إني في يوم من الأيام أوصل لإجابات مريحة تحسم الصراع اللي جوايا!