خاطرة الجزء الثالث والعشرين

"سبقت كلمتنا لعبادنا".. الجندية شرط النصر

كتب:

فى: أخبار رمضان

13:45 17 يونيو 2017

قال تعالى في أواخر سورة الصافات "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون" (171-173 سورة الصافات)


والآيات فيها وعد صريح من المولى عز وجل لعباده سواء من المرسلين أو من أتباعهم بأن الله تعالى سينصرهم ويجعل الغلبة لهم لا محالة.


وهذا النصر وتلك الغلبة في الدنيا قبل الآخرة فالله سبحانه يقول في سورة غافر "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" (غافر: 51) .


والغلبة للمؤمنين تكون على وجهين:


الأول: أن تكون الغلبة بالحجة والبرهان، فتقوم لهم على مخالفيهم الأدلة التي تثبت أحقية منهجهم وتثبت صدقهم وصدق دعوتهم أنهم هم الحاملون للحق.


بيد أن هذه الحجج لا يسلم لها إلا العقلاء المنصفون، أما الجاحدون فلا.


فإذا جاء المعاندون المستكبرون متجاوزين الحجة والبرهان وأرادوا مواجهة بالبطش والقوة، فعندئذ يكون الوجه الثاني، وهو النصر في القتال.

 

الثاني: النصر في المعارك والجهاد، وذلك حتمي في نهاية المطاف إن حقق المؤمنون الشرط الذي ذكره الله تعالى في الآيات.

 

وشرط الغلبة الكامن في الآيات، هو أن يكون المؤمنون جندا لله فعلا وحقيقة، لا ادعاء ولا اتباعا للهوى.


فمن وطن نفسه أن يكون جنديا لله فعلا يتحرى تحقق الدين أولا في حياته الخاصة، وفيمن حوله من زوج وذرية وعشيرة، ويسعى لنشر الدين ويجاهد لنصره صادقا مخلصا محتسبا المثوبة من الله.


قال القرطبي في تأويل هذه الآية: أراد الله تعالى بقوله "كلمتنا" قوله عز وجل "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي" (المجادلة: 21).

 


وقال ابن كثير: معناها ولقد سبق منا القول لرسلنا "إنهم لهم المنصورون": أي مضى بهذا منا القضاء والحكم في أم الكتاب، وهو أنهم لهم النصرة والغلبة بالحجج، كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين" حتى بلغ "لهم الغالبون" قال: سبق هذا من الله لهم أن ينصرهم.

 


وقال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون" يقول: بالحجج.


"وإن جندنا لهم الغالبون"

قال ابن كثير: وإن حزبنا وأهل ولايتنا لهم الغالبون، يقول: لهم الظفر والفلاح على أهل الكفر بنا، والخلاف علينا.

وتلك والله وعود لا تتخلف، لكن يبقى على عاتقنا القيام بحق الجندية الحقيقية لله عز وجل.
 

اعلان