الأوسكار.. تاريخ من الإبداع والعنصرية والهزل
جائزة الأوسكار، المكافأة العالمية الأكثر شيوعًا وشهرة وعلامة للتطور والتفوق والإبداع في الثقافة والفن والأدب والتكنولوجيا، وتعد من أرفع الجوائز السينمائية في الولايات المتحدة ويعتبرها البعض أهم جائزة سينمائية.
تمنح جائزة الأوسكار من مؤسسة أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، للأفضل بين المرشحين في صناعة الأفلام في 24 مجال سينمائي، وهم: "أفضل فيلم وأفضل ممثل وممثلة في دور أساسي ودور مساعد، وأفضل مونتاج، وأفضل مؤثرات صوتية، وأفضل موسيقى، وأفضل أغنية فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل مونتاج، وأفضل فيلم رسوم متحركة، وأفضل فيلم وثقئقي طويل وقصير".
وجائزة الأوسكار تمثال مصمم على نمط فن الديكوArt Deco style أحد الفنون البصرية المؤثرة التي ظهرت في فرنسا في أعقاب الحرب العالمية الأولى والتي تجمع بين التصميمات الفنية التقليدية وبين الصور والمواد الأخرى التي يتم تصميمها آليا.
ويصنع تمثال الأوسكار من معدن البريتانيا المطلي بالذهب لفارس ممسك بسيف يقف فوق قاعدة معدنية سوداء ويبلغ طوله 34 سنتيمترًا، ووزنه 3.85 كيلوجرامًا.
يعود تصميم هذا التمثال إلى عام 1928 وإلى المصمم الأمريكي الآيرلندي "أوستن سدريك جيبونز" المدير الفني لشركة مترو جولدن ماير؛ أحد أهم الشخصيات المؤثرة في الحقل السينمائي، وقام بطبع التصميم لهذا التمثال على لفافة وعهد بها إلى "دولريس ديل ريو" بالبحث عن موديل مماثل لتصميمه فقدمت له الممثل والمخرج السينمائي المكسيكي "إيميليو إلإنديو فرناندز".
وطلب من فرنانديز، كموديل، أن يظهر عاريا فتردد في أول الأمر لكنه عاد واقتنع في النهاية، ثم أوكل المهمة للنحات "جورج ستانلي" فوضع تصميم "جيبونز" في الطين وشكله بينما قام "ساشين سميث" بسبك التمثال بنسب مختلفة من معدني القصدير والنحاس، وطلاه بماء الذهب.
واشترطت الأكاديمية منذ عام 1950، على الفائزين و ورثتهم بعدم بيع جوائز الأوسكار التي يحصلون عليها تكريمًا لتميزهم دون طرحها للبيع على الأكاديمية أولا بمبلغ دولارًا أمريكي واحد، وإذا رفض الفائز الموافقة على هذا الشرط يصبح من حق الأكاديمية الإحتفاظ بالتمثال.
وعلى مدار تاريخ الأوسكار، الذي بدأ أول حفل له عام 1928، شهد عدد من الأرقام القياسية، فحصل فيلم "بن هور" على 11 جائزة أوسكار من أصل 12 ترشيحاً في عام 1959، ومن ضمنها جوائز أفضل فيلم وأفضل ممثل رئيسي "تشارلتون هيستن" وأفضل ممثل ثانوي وأفضل إخراج وأفضل تصميم أزياء وأفضل موسيقى تصويرية.
وقاسمه في ذلك فيلم "تايتانك" الذي حصل على 11 جائزة أوسكار من أصل 14 ترشيحًا في عام 1997، ومن ضمنها جوائز أفضل فيلم وأفضل تصميم أزياء وأفضل إخراج وأفضل موسيقى تصويرية، لتشارك معهم في قائمة الأرقام القياسية "سيد الخواتم: عودة الملك" حاز على 11 جائزة أوسكار من أصل 11 ترشيحاً في عام 2003، ومن ضمنها جوائز أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل تصميم أزياء وأفضل تقطيع وأفضل مكياج.
أما فيلم "قصة الحي الغربي" حاز على 10 جوائز أوسكار من أصل 11 ترشيحاً عام 1961، وحصل "جيجي" على 9 جوائز أوسكار من أصل 9 ترشيحات عام 1958، كما فاز "الإمبراطور الأخير" على 9 جوائز من أصل 9 ترشيحات عام 1987، و"المريض الإنجليزي" حاز على 9 جوائز اوسكار من أصل 12 ترشيحا عام 1996.
أما بالنسبة لخطابات الفائزين فلم يكن "الشكر، والدموع، والفرح" الوسيلة الوحيدة، ليتحول مسرح الأوسكار لمنصة للتعبير عن الغضب من بعض القرارات السياسية، وقضايا العرق، وحقوق المرأة.
وكان خطاب المخرج مايكل مور، بعد فوزه بجائزة أفضل فيلم وثائقي، أحد أشهر الخطب في تاريخ الأوسكار، وانتقد "مور" في كلمته، الحرب الدائرة في العراق قائلًا: "نعيش في زمن يرسلنا رجل إلى الحرب لأسباب خيالية".
واختتم كلمته صائحًا: "نحن ضد هذه الحرب، العار عليك يا سيد بوش، نحن لا نريد تلك الحرب"، ليقف الجميع في المسرح مصفقين له كتحيّة وموافقة.
ووجهت الممثلة البريطانية فانيسا ريدجريف، بعد استلامها الأوسكار عام 1978، كلمة للصهاينة جاء فيها: "إن سلوك السفاحين المجرمين الصهاينة يعد إهانة لليهود حول العالم ولكفاحهم ضد الفاشية".
واستقبل الحضور تلك الجملة بصدمة كبيرة، وبعد الخطاب على الفور تجمع بعض اليهود أمام المسرح وأحرقوا صور "ريدجريف".
وعندما حصل المنتج بيرت شنايدر في عام 1975 على جائزة "أوسكار" لأفضل فيلم وثائقي عن فيلم "قلوب وعقول"، عن الحرب العالمية الثانية، قرأ برقية من السفير الفيتنامي الشمالي، أثناء محادثات السلام في باريس، يشكر الأمريكيون على سعيهم نحو إنهاء الحرب.
كما شهد الأوسكار مواقف غير متوقعة، ومنها ظهور الممثل الأمريكي جيمس فرانكو، يرتدي ملابس نسائية اثناء تقديمه احدي جوائز حفل أوسكار عام 2011، وهو الأمر الذي فاجيء الحضور.
ووضع الممثل الكوميدي "بن ستيلر" في حفل الأوسكار عام 2010 المكياج الخاص بشخصيات فيلم "آفاتار" لإعلان جائزة أفضل مكياج التي نالها الفيلم في ذلك العام.
وفي عام 2014، أراد نيل باتريك هاريس أن يضع لمسته هو الأخر في حفل أوسكار 2015 فظهر عاريًا على مسرح أوسكار.
"الجمال الأسمر" شعار أطلق على الدورة عام 2002، بعد الفوز التاريخي للسود في الأوسكار، حيث اصبحت الممثلة الأمريكية هالي بيري أول امرأة من أصول أفريقية تفوز بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في دور رئيسي عن دورها في فيلم Die another Day، كما فاز الممثل الامريكي دينزل واشنطن بجائزة افضل ممثل في دور رئيسي عن فيلم The Training Day.
ومن المفارقات في حفل الأوسكار، رفض عدد من الفنانين استلام جائزتهم، وهم "دادلي نيكولاس، وكاثرين هيبورن، وجورج سكوت، وبيتر أوتولي، ومارلون براندو، وودي ألن، وجان لوك جودارد".
وحصلت الفنانة كاثرين هيبورن على أربع جوائز أوسكار، ولكنها لم تحضر الحفلة ولو مرة واحدة من أجل استلام أحدهم.
كما رفض الممثل الأمريكي مارلون براندو، استلام جائزته في حفل أوسكار 1973عن دوره في فيلمه “The God Father " كأفضل ممثل رئيسي، وأرسل فتاة من الهنود الحمر لإعلان رفضه احتجاجًا على معاملة الهنود الحمر في الولايات المتحدة.
وكان السيلفي الذي التقطه برادلي كوبر بناء على طلب من إيلين ديجينيرز، مع مجموعة من نجوم هوليوود بينهم جينيفر لورانس، تم مشاركته أكثر من 2 مليون مرة على موقع التغريدات "تويتر"، ليصبح السيلفي الأشهر في تاريخ الأوسكار.
واتهمت جائزة الأوسكار بالعنصرية، وانها جائزة للبيض فقط، وذلك على مدار عامين 2014، و2015، لتتعرض لهجوم وانتقاد لاذع ومقاطعة عدد من النجوم للحفل.
وفي البداية أعلنت الممثلة جادا بينكت والمخرج سبايك لي، ومخرج الأفلام الوثائقية مايكل مور، عدم حضور حفل الأوسكار 2016، احتجاجًا على عدم اختيار أي ممثل ملون ضمن المرشحين لجوائز التمثيل، ووسرعان ما أنضم لهما الفنان ويل سميث، ليبرهن على أنه جزء من المجتمع.
ولم تكن الاحتجاجات فقط للون البشرة، لتستقبل "الأوسكار" موجة من الانتقادات بسبب عنصريتها ضد المرأة، وذلك بعد الاتهامات التى وجهتها الممثلة والمخرجة الفرنسية الأمريكية الكبيرة جولى دلبى، واصفة إياها أنها تمارس العنصرية ضد المرأة.