في الذكرى السادسة..
فيديو| هل تنقذ "مراجعات الفرقاء" ثورة يناير من كبوتها؟
"بعد مرور 6 سنوات..ثورة 25 يناير ما لها وما عليها"، تحت هذا العنوان نظم حزب الوسط، أمس الإثنين، مائدة مستديرة، جمعت مجموعة من ممثلي تيارات مختلفة "إسلامية، ليبرالية، يسارية"، يتناقشون حول ما آلت إليه الثورة.
حضر الندوة التي أدارها المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، كل من "المحامي الحقوقي خالد علي المحسوب على التيار اليساري، محمد القصاص نائب رئيس حزب مصر القوية، والدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية، وحازم حسني أستاذ العلوم السياسية".
على اختلاف توجه المشاركين بالمائدة، كان هناك اتفاق وإجماع فيما بينهم، على وجود أخطاء وقعت فيها كافة التيارات والقوى التي تحكمت في مسار ثورة يناير، تسببت فيما وصفوه بـ "الكبوة" التي تعرضت لها فيما بعد.
وقال خالد علي المحامي الحقوقي، إن الحاضرين ينتمي كل منهم إلى تيار مختلف، ولكن يجب أن تكون هناك محاولات بقدر الإمكان للاستماع إلى بعضهم البعض رغم خلافاتهم السابقة والمستقبلية، من أجل الوصول إلى أرضية مشتركة.
واستهل الحديث المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، بالتأكيد أنه بغض النظر عما تعرضت له الثورة من انتكاسة إلا أنه هناك حاجة لمعرفة ماذا جرى، والأخطاء التي أدت إلى الوضع الحالي.
"الإخوان والعسكري"
حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية، شن هجوما حادا على التيار الإسلامي، الذي اعتبره سببا أسياسيا في الكبوة التي تعرضت لها ثورة يناير.
وقال حسني: "إن أخطاء التيارات التي تحكمت في مسارات 25 يناير، هى أننا لم نكن نبني المستقبل ولكن في كثير من الأحيان نريد أن نهدم الماضي القريب لنعيد استنساخ الماضي البعيد".
واستشهد حسني، بالمادة 219 من الدستور، التي اعتبرها دليل قاطع على أن من ضغطوا من أجل وجودها هم في الحقيقة كانوا يستنسخون أفكار الأقدمين على المستقبل، موضحا أنه لا يرفض الدين ولا يمكن وضع دستور لا يعبر عن ثقافة الشعب، ولكن القضية في الاحتكام إلى أحكام سابقة كانت تعبر عن عصر آخر وأماكن أخرى غير مصر.
وتابع: "أن هذا ما وضعنا في مأزق أحدث كثير من الانقسامات داخل المجتمع المصري، وبدلا من الاتحاد لنقيم مجتمعا جديدا، انقسامنا وحارب بعضنا الآخر، وكانت النتيجة أن حدثت اختراقات للثورة وأدت في النهاية إلى ما انتهت إليه".
واستطرد: "أن كل التيارات أخطأت (المدني، والليبرالي، والإسلامي)، وبدأت اﻷزمة حينما تم إقصاء الآخرين، ولم يتورع البعض ممن يهتفون اليوم بسقوط حكم العسكر، بالتحالف مع العسكر من أجل إقصاء التيار المخالف لهم".
الهجوم على التيار الإسلامي عقب عليه "أبو العلا" بعد إنهاء حسني كلمته، قائلا: "حزب الوسط اتحسب زور على الإخوان، ولكن باعتباره من المنتمين للتيار الإسلامي فعليه تحمل جميع ما نتج عنه من أخطاء"، لافتا إلى أن الجميع دفع ثمنا كبيرا حتى أدرك هذه الأخطاء.
أسلمة الثورة
وأردف حسني، أن الكبوة بدأت أيضا من أن التيارات المتعددة التي شاركت في 25 يناير لم تتلاقح فكريا مع بعضها البعض بشكل صحيح، وحاول كل تيار استغلال قوته التي يتمتع بها في فرض وجهة نظره وتصوره للمستقبل على بقية التيارات الموجودة في المشهد السياسي.
ومن الأخطاء الأخرى التي ذكرها أستاذ العلوم السياسية، هى ما وصفه بـ "حالة الاستقطاب الحاد" نحو "أسلمة الثورة"، وإقناع الرأي العام العالمي والمحلي بأن 25 يناير ثورة إسلامية تريد إقامة الشريعة، والخلط بين الشرعية والشريعة.
صراع الشباب والكبار
وأكمل أن من بين الأخطاء التي وقعت فيها الثورة، هو الصراع بين الشباب والأجيال الأقدم، مشيرا إلى تعذية الشعور بين الشباب بضرور الاكتفاء بالأجيال الأقدم كمستشارين.
وشدد أنه حتى لا تتكرر هذه الأخطاء إذا كان هناك مستقبل لـ 25 يناير، ولتجديد الإرادة الشعبية لإحداث التغيير لبناء المستقبل، على الجميع تذكر أن محاولة تمكين أي جماعة أو تيار على حساب التيارات الآخر، فذلك يضع قنابل موقوتة يمكنها أن تنفجر في أي محاولة للتغيير.
"الاستقطاب"
وبدأ محمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية وكان عضوا بائتلاف شباب الثورة، حديثه باستنكار ما يراه البعض حاليا بأن ثورة يناير "مؤامرة"، مؤكدا أنها أحدثت تغيير حقيقي وإن لم يكن يكتمل التحول الديمقراطي حتى الآن.
واعترف القصاص، أن الكل أخطأ وكل تيار يتحمل مسؤوليته في الخطأ حسب حجمه وتصدره للمشهد، مشيرا إلى أنه حدثت محاولات كثيرة للاستقطاب ولا تزال موجودة، وهى أحد أسباب الإخفاقات بعد الثورة.
وطالب كل القوى التي شاركت في ثورة يناير، إجراء مراجعة ذاتية لأفكارها ومواقفها ونقد ذاتي بشكل حقيقي، منوها إلى أن هناك حوارات تدور في الغرف المغلقة بين عدد من القوى السياسية في هذا الإطار.
احتكار الثورة
واتفق معهم خالد علي، المحامي الحقوقي، مؤكدا أن هناك أخطاء ارتكبت من أطراف متعددة، لكن الوزن النسبي بينهم يختلف بحسب من كان في السلطة، وقدرته في التأثير وتحريك الشارع.
ولفت علي، إلى أن هناك فرص ضائعة من ثورة 25 يناير، أولها هى أن العديد من القوى السياسية التي كان لها قدرة في التأثير على الناس، كل منها تخيل أن الثورة ملك لها وبالتالي تصبغها بصبغتها.
واستدلل: بجمعة "عيش. حرية. شريعة إسلامية" التي استبدلت شعار الثورة، مضيفا: "أنه في نفس الوقت كان من الغريب وقوع القوى السياسية في فخ الاستقطاب من 19 مارس".
وتساءل: "كيف لهذه الأطراف أن تتخيل أنها جزء من ثورة على نظام، ثم تذهب وتتحالف مع جوهر هذا النظام وحارسه؟"، مستطردا: "إحنا بنكدب على نفسنا، الجيش كان مع مبارك لحد موقعة الجمل وبعدها رفع يده، ثم تحالف معه التيار الإسلامي".
الاستعانة بالجيش
وتابع: "جبهة الإنقاذ تحالفت مع الجيش، أين هؤلاء وأين الجيش؟، الجميع ذهب للتحالف مع المؤسسة العسكرية، وأيا كان مبرراته وقراءته للمشهد، لكن في الحقيقة هؤلاء تجاهلوا أن المؤسسة العسكرية هى الحاكم والحارس للنظام وبالصعوبة أن تستعين بها للقضاء عليه".
ورأى علي، أنه لايزال هناك فرصة للمقاومة وأن الجو مهيأ لفتح حوار بين القوى السياسية، متسائلا:"إن لم تدخل القوى السياسية في معركة من أجل الدفاع عن العدالة الاجتماعية ومواجهة السياسيات الاقتصادية المجحفة، فمتى تكسب الشارع؟، أين أجندتها الاقتصادية وقيم العدالة الاجتماعية؟".
إيجابيات
ومن زاوية أخرى نظر الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ، إلى ثورة 25 يناير كما أن لها أخطاء فهناك إيجابيات، ولا يمكن تقييم الثورة في فترة زمنية قصيرة.
ومن الإيجابيات التي ذكرها السيد، أن الشباب هو من فجر ثورة 25 يناير، وهو من حطم الكثير من الأوهام عن الشباب المصري الذي لا يهتم بالوطن والعمل العام.
ورأى أن شعارات الثورة "عيش..حرية..عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية"، حددت خارطة طريق لتصل إلى مجتمع يحلم الجميع بالعيش فيه، ولكن تم فقدانها في ظل النظام الحالي لا يوجد حرية ولا الشعور بكرامة إنسانية.
عناصر قوة الثورة اعتبرها "السيد"، أيضا عناصر إخفاقها: وهى عدم وجود قيادة وتنظيم، بمعنى أن غياب القيادة جعل هناك حالة من عدم النزاع على من يتولى القيادة، وهى ذاتها التي أدت لفقدان خط واضح تسير عليه".
وأشار، إلى أنه لمعرفة الوضع الذي آلت إليه الثورة، يجب معرفة القوى التي شاركت بها، وهم :"القوى الشبابية، الإخوان، المجلس العسكري"، لافتا إلى أن "العسكري" كان مهتما بثورة يناير، لا لأنه يريد الديمقراطية، ولكن لأن استمرار سيناريو التوريث يعني وصول المجموعة التي تلتف حول مبارك للحكم، واستمرار تهميش القوات المسلحة في السياسة.
ونوه، إلى أنه حدث توافق بين الإخوان والمجلس العسكري لمدة عام بعد الثورة، وأول قوى تم تهميشها هى القوى الشبابية، وهو أحد الأخطاء التي وقعت فيها التيارات المشاركة في ثورة يناير.