في ذكرى ثورة يناير السادسة.. أين ذهب الطرف الثالث؟
كر وفر، واشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن المدعومة بالبلطجية أحيانا، واشتباكات أخرى بين متظاهرين وبلطجية، مشاهد متكررة اعتاد عليها المصريون عقب ثورة يناير، إلا أنها اختفت فجأة عقب 30 يونيو 2013.
في كل مرة كانت تندلع فيها الأحداث كانت الرواية الرسمية تتهم ما يسمى بـ "الطرف الثالث" بإشعال الفتنة بالشارع، لينتقل الاتهام لبعض الأطراف التي شاركت في الثورة، وبعد صيف يوليو 2013 بدأت بعض المجموعات التابعة لنظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، تتهم جماعة الإخوان المسلمين بأنها الطرف الثالث.
لم يتوقف الأمر عند ذلك فاتهمت وسائل إعلام محلية، الثوار الذين تبنوا فكر 25 يناير بأنهم هم الطرف الثالث، بينما الثوار يتهمون فلول الحزب الوطني وجهات رسمية بنفس التهمة.
في الذكري السادسة لثورة يناير ترصد "مصر العربية" أهم الأحداث التي اندلعت خلال السنوات الماضية واتهام ما يسمى بالطرف الثالث بالوقوف ورائها، في حين اعتبر خبراء أن معارضي 25 يناير هم من كانوا وراء استخدام هذا المصطلح.
1075شهيد والقاتل مجهول
على مدار 18 يوما بداية من 25 يناير2011 حتى 11 فبراير سقط 1075 قتيل في 22 محافظة مختلفة بحسب ما رصده موقع ويكي ثورة، ورغم اتهام بعض رجال الأمن في قتلهم إلا أن معظم القضايا طعن عليها، وحصل المتهمون على البراءة.
محمد محمود
حسب حصر "ويكي ثورة" سقط في أحداث محمد محمود التي اندلعت في نوفمبر 2011، 52 شهيداً بالقاهرة، وشهيدان بالإسكندرية، و 4 بالإسماعيلية، وواحد بكل من الغربية وأسيوط ومطروح، واتهم أيضا وقتها الطرف الثالث في إشعال الأحداث.
لكن وزارة الصحة قالت وقتها إن عدد القتلى 40 شهيداً و2000 مصاب، بينما أعلنت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر أن العدد تجاوز 50 شهيداً، أما مركز النديم فقد قال أن العدد وصل إلى 90 شهيداً.
مجلس الوزراء
في السادس عشر من ديسمبر من العام نفسه 2011، وقعت اشتباكات بين قوات الشرطة العسكرية والمعتصمين بمحيط مجلس الوزراء، وراح ضحيتها 17 شهيدًا وأكثر من 700مصاب، وكان الطرف الثالث حاضرا بقوة في هذه الأحداث، وكان هو المتهم الأول بقتل المتظاهرين.
واتهم ما يسمى بـ "الطرف الثالث" بإشعال أحداث "ماسبيرو" التي راح ضحيتها 23 قتيلا، 14 دهسًا بالمدرعات، و9 قتلى بالرصاص، وفقا لتقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، بعد تطورت اعتداءات الشرطة العسكرية من استخدام العصا وإطلاق الرصاص في الهواء إلى تحرك المدرعات بسرعة بين المتظاهرين، ودهس عدد كبير منهم، انتهاء باستخدام الذخيرة الحية وقنابل الغاز ضد المتظاهرين.
وبحسب تقرير منسوب لمصادر أمنية مجهلة نشرته صحيفة الأهرام الحكومية، فإن الطرف الثالث هو عدد من النشطاء الذين تلقوا تدريبات بالخارج وعادوا لمصر يوم 24 يناير 2011، وعددهم نحو 40، وتضمنت التقارير أسماء عدد منهم كانوا على علم بما سيحدث من أحداث تخريب.
واتهمت تقارير إعلامية بعض الأجهزة الأمنية بفرم المستندات التي تثبت تورط بعض رجال الشرطة بقتل المتظاهرين، وعلى رأسها أشرطة الفيديو الخاصة بالكاميرات المثبتة على المتحف المصري, إضافة إلى القرص المدمج الخاص بتسجيلات غرفة العمليات المركزية بوزارة الداخلية.
محامي العدلي يتهم الطرف الثالث
في يوليو من العام 2012 تقدم محامي وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، بطعن على الحكم الصادر ضده بالمؤبد في تهمة قتل متظاهري 25 يناير، وقال المحامي وقتها إن الطرف الثالث هو من قتل المتظاهرين.
وأضاف في المذكرة التي قدمها: "أن من قتل متظاهري شارع محمد محمود ومجلس الوزراء هو أيضا من قتل الثوار وأفراد الشرطة يوم 25 يناير، وقد ذكرت السلطات المعنية أن وراء كل هذه الجرائم ما يسمى بالطرف الثالث".
وأضاف أنه إذا كان سيتم محاسبة حبيب العادلي على فعل لم يرتكبه، ولكنه سمح للطرف الثالث أن يرتكبه فعلى المحكمة أن تعاقب المسئولين الذين سمحوا للطرف الثالث بفعل أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء.
الطرف الثالث في الحكم
المهندس ممدوح حمزة الناشط السياسي، رأى أن التشويه بدأ مبكرا لثورة يناير ومن شاركوا فيها.
وقال حمزة لـ "مصر العربية"، إن جماعة الإخوان تحالفت مع المجلس العسكري للنيل من الثورة في 2012، ومن بعدها تحالف الفلول مع العسكري لنفس السبب وأنفقت مبالغ ضخمة لهذا الغرض.
وأضاف ن الثورة المضادة التي كانت تحرك ما يسمى "الطرف الثالث" للنيل من الثوار ومهاجمتهم، حاليا وصلت للسلطة.
وأوضح أن الطرف الثالث اختفى ﻷنه بالفعل جزء من السلطة حاليا، ويمارس دوره علانية بضرب الثورة وتشوية رموزها أمام الجميع.
وأكد حمزة أن الثورة أفكار ومبادئ ومهما تعرضت للهجوم والتشوية فلن تموت.
رجال الأعمال والأمن
ويتفق معه شريف الروبي، عضو حركة 6 إبريل المعارضة، بأن الطرف الثالث هو الدولة العميقة، التي تعادي يناير وثوارها.
وأضاف الروبي لـ "مصر العربية"، أن أعداء الثورة متمثلون في رجال أعمال، ورجال أمن متقاعدين وآخرون متواجدون في السلطة، رافضين لفكرة الثورة لذلك أنفقوا أموالا طائلة لتشويهها والهجوم عليها، وتأجير بلطجية لممارسة التخريب وأعمال العنف.
ولفت إلى أن الهدف من هذه الأعمال هو تصوير المشهد ونقله للرأي العام المحلي والدولي على أن الثوار مارسوا أعمال عنف، وعرضها بوسائل الإعلام المملوكة لرجال أعمال للنيل من الثوار.
ولفت إلى أن بعض الأحداث كانت تمر بسلام دون ظهور ما يسمى بـ "الطرف الثالث"، ﻷن قوى الثورة المضادة كانت ترغب في تمرير هذه الأحداث دون عنف، أو ضحايا.
وفي الاتجاه نفسه قال جورج إسحاق، عضو المجلس القومي والقيادي السابق في حركة كفاية، إن الهجوم يشتد حاليا على ثورة 25 يناير حاليا ﻷن بعض أطرافها يحاولون العودة مرة أخرى.
وأضاف إسحاق لـ "مصر العربية"، أن المصريين تغيروا بعد الثورة، واتسعت قواعد المؤمنين بها، وأي حكم عليها بالفشل غير صحيح، ﻷنها مازالت مستمرة.
ولفت إلى أن النظام الحالي وعلى رأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي، جاء بناء على شرعية ثورة 25 يناير ولولاها ما وصل من في السلطة حاليا لأماكنهم.