اضرب المربوط!
علاء عريبى
10 مارس 2018
سمعناهم زمان يقولون: "اضرب المربوط يخاف السايب"، من هو المربوط؟، ولماذا تبدأ به؟، ولماذا أجلت السايب؟، ومن هو السايب؟، وهل الهدف منه العمل بمقولة: "من خاف سلم"، لم يقل لنا أحد شيئا، وما سمعناه مجرد تخمينات مرتبطة باجتهادات البعض.
قيل: إن المثل ضرب فى الحيوان، فقد نصح أحد الفلاحين بضرب الحيوان المقيد أمام الحيوانات غير المقيدة بعد، لكى يدب بها الخوف وتمتثل لقائدها. وقيل: إنه من الأمثلة السياسية، ضُرب لكى يتمكن الحاكم من فرض سيطرته على الرعية. وقيل: إن المثل اخترعه أحد البلطجية، عند دخوله مشاجرة مع أكثر من شخص، ينصح بأن يختار أضعفهم ويعنفه أو يضربه بقسوة لكى يزرع الخوف فى قلوب مرافقيه.
على أية حال، فـ "اضرب المربوط يخاف السايب"، هو من الأمثلة التى تحرض على العنف والقهر والظلم، ففى كل الحالات هناك قسوة غير مبررة، تهدف إلى تعميم الخوف، وهذا الأسلوب هو المتبع فى جميع البلدان الديكتاتورية، ويعد الأداة الرئيسية لأجهزة الأمن بها.
وفى ظنى أن ما نفذ منذ أيام مع بعض الإعلاميين هو إعمالا بهذا المبدأ: "اضرب المربوط يخاف السايب"، فقد تعمدت الأجهزة اختيار بعض الشخصيات المتفق على قربها من النظام والدفاع عنه، وقامت بتوجيه اتهامات الكذب والإهانة، وذلك لتأكيد جديتها فى معاقبة من سيفكر فى نشر الأخبار الكاذبة، والشائعات المغرضة، وعجلت بتقديم نماذج تؤكد من خلالها هذه الجدية والصرامة.
بالطبع نحن لسنا ضد معاقبة من يتجاوزون القانون، ولا نقبل أبدا ترك من تعمدوا نشر الأكاذيب أو الشائعات بغرض زرع الفتن أو الرعب فى قلوب المواطنين أو بهدف زعزعة الاستقرار، نحن مع محاكمة هؤلاء ومعاقبتهم بالعقوبة التي تتوافق والجرم الذى قاموا به، لكن عندما تتضمن هذه القوانين صياغات ومصطلحات مطاطة يمكن تطويعها، وتأويلها، وتفصيلها، هنا يجب أن نشعر بالقلق ونبدى مخاوفنا، لأن المصطلحات المطاطة غير محكمة التعريف قد تطول الأبرياء من ناحية، ومن ناحية أخرى تعد نموذجا على ديكتاتورية النظام، لأنه تعمد إصدار مواد بصياغات ومصطلحات حمالة أوجه، بغرض فرض سيطرته وسطوته على معارضيه وليس على من يتعمدون تجاوز القوانين.
سبق ونبهنا، نحن وغيرنا، أكثر من مرة فى مواضع متشابه من خطورة الصياغات والمصطلحات المطاطة فى مواد القوانين، صحيح أن النظام يتبع القانون فى معاملته مع معارضيه، لكن ما هي نوعية هذه القوانين، وكيف تم صياغتها، وما هي المصطلحات المستخدمة فيها؟، وما هو الهدف منها؟، هل لتنفيذ العدالة والمساواة بين المواطنين أم لفرض السيطرة ولتكميم الأفواه، والعمل بمبدأ " من خاف سلم".
بالطبع نحن لن نعدد فى هذا المقام القوانين والمواد التى فصلت تفصيلا منذ سنوات طويلة لتمكين النظام وفرض سيطرته، فقط نشير إلى أن ترزية النظام الحالى لا يختلفون عن ترزية الأنظمة السابقة، وأن المبدأ قبل الثورة هو نفسه بعد الثورة، مواد غير منضبطة، ومصطلحات غير محكمة، والحاصل فى النهاية مواطن يشعر بالقلق والخوف من أن يقع تحت طائلة هذه المصطلحات بسبب كلمة غير مقصودة أو رأى قيل بحسن نية، ويضطر إلى التزام الصمت والعمل بمقولة: "من خاف سلم".