
محمول الرئيس

علاء عريبى
01 أبريل 2018
من المشاهد الطريفة في فيلم "ناصر 56" بطولة الفنان أحمد زكى، وتأليف محفوظ عبد الرحمن، وإخراج محمد فاضل، مشهد المكالمة التليفونية الخاطئة التى تلقاها الرئيس من إحدى السيدات، وينتهى المشهد بدعاء السيدة للرئيس> هذا المشهد يتضمن واقعة ساذجة، كتبت وصورت لكي تكشف عن الجانب الإنساني للرئيس عبدالناصر.
المشهد رغم سذاجته أثار عدة أسئلة مشروعة، ماذا لو كان تليفون الرئيس المحمول معلوما للمواطنين؟، ما هى نوعية وحجم وتوقيت المكالمات والرسائل التى كان سيتلقاها على المحمول؟، وهل يجوز أمنيا الكشف عن محمول الرئيس؟، وهل يجوز أمنيا وضع خطوط الرئيس وقيادات الدولة على شبكة المواطنين؟
في المملكة المغربية انشغلت أجهزة الأمن فى نهاية السنة الماضية برسالة وصلت إلى محمول الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية، حيث تلقى جلالة الملك رسالة بعث بها مواطن مغربي يعيش فى بريطانيا، اسمه محمد الفنيش، وهو محلل سياسي من أصل صحراوي، بعث بالرسالة إلى الهاتف الخاص للملك، يدين فيها الانتهاكات التي يرتكبها نائب برلماني في منطقة كلميم (تبعد 170 كيلو عن أغادير).
خبر الرسالة وصل إلى الصحف المغربية، وتساءلت: كيف وصل محمول الملك الخاص إلى الفنيش؟، من الذي سرب الرقم؟
قبل واقعة ملك المغرب بعامين، فوجئ العالم بقيام أجهزة المخابرات الأمريكية بالتجسس بأجهزة عالية التقنية على محادثات زعماء العالم، وكان من بينها محادثات لرئيسة الحكومة الألمانية، وغيرها من حكام البلدان الإفريقية والعربية.
وقبل فترة ليست بقصيرة تداولت بعض القنوات الفضائية والمواقع الخبرية ووسائل التواصل تسريبات نُسبت للرئيس السيسى وبعض مساعديه، تناول بعضها وقائع تخص إدارة البلاد وبعض القضايا الشائكة، وأيامها تساءلنا جميعا: هل هذه المكالمات حقيقية؟، ومن الذى قام بتسجيلها؟، وكيف سجلت؟، ومن الذى قام بتسريبها؟، وهل مكتب الرئيس وقيادات البلاد مخترق أمنيا إلى هذه الدرجة؟، وهل الذى سجل وسرب أجهزة مخابرات لدول معادية أو صديقة أو شقيقة؟، وكان السؤال الأهم: لماذا سربت المكالمات؟، ولماذا فى هذا التوقيت؟، ولماذا هذه المكالمات بعينها فقط؟، ولماذا لم تشمل مكالمات فى موضوعات أخرى؟
فى المغرب كان الوضع على خلاف ذلك، فقد انشغلوا بالتساؤل عن الشخص أو الجهة التى سربت الرقم الخاص لمحمول الملك، وإذا كان محمول الملك متاحا لبعض المواطنين فماذا عن أجهزة مخابرات البلدان الصديقة والمعادية؟، وهل هذا يعنى أن جميع محادثات الملك مكشوفة وغير آمنة؟
الأجهزة المصرية لم تعلن عن الجهة التي قامت بالتسجيل والتسريب، ونشرت بعض الأخبار التي تنفى صحة المحادثات، ونسب لجماعة الإخوان وبعض أجهزة المخابرات لبلدان معادية مسئولية فبركة المكالمات وتسريبها لتشويه صورة الرئيس، وزرع فتنة وشقاق بينه وبين بعض الحكام العرب، ولخطورة الواقعة والأسئلة مرت التسريبات مرور الكرام ولم نعرف حتى اليوم حقيقتها: هل هناك خلل أمنى؟، وهل تم سد هذه الثغرة؟، وما هى الجهة التي سجلت وسربت؟، وماذا لو فوجئنا فى أحد الأيام بتداول الرقم الخاص بمحمول الرئيس كما حدث مع ملك المغرب؟