محظورات كتابة المقال السياسي في كوريا الشمالية

محظورات كتابة المقال السياسي في كوريا الشمالية

محمد إبراهيم

محمد إبراهيم

08 فبراير 2018

 

أولا: لا تكتب عن ميكي ماوس

فمن المعروف أن ميكي ماوس فأرٌ أمريكيٌ رسمه والت ديزني الأمريكي أيضا, ومن المعروف أن هنالك ثمة عداء " مجنون " بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية, لكنك تستطيع الكتابة عن ميكي ماوس إن كنت كاتبا للمقال السياسي في مصر..

 

فهنا ليس هناك عداءً رسميا بين الدولتين – إلا اللهم في بعض برامج التوك شو – فمن المُتاح أن تكتب مقالا سياسيا تتحدث فيه عن علاقة ميكي بميمي, أو أن تشطح بقلمك لتكتب عن العم دهب وصراعه مع محظوظ, وقد تصل برأسك لسقف الحريات المرتفع وتتحدث عن علاقة بطوط بأولاد أخيه الثلاثة وكيف يتعامل معهم بـ " سياسة " رائعة.

 

ثانيا: لا تكتب عن بابا نويل

فكوريا الشمالية لا تعرف بابا نويل ولا تعرف هداياه ولا تعرف الكريسماس, بل لا تعرف المسيح كي تعرف ميعاد مولده ! لذا لو كتبت عن بابا نويل أو احتفلت بالكريسماس ستطالك يد البطش, لكنك تستطيع  الكتابة عن بابا نويل إن كنت كاتبا للمقال السياسي في مصر..

 

فالنظام المصري يعترف بالكريسماس, وتُفتح الأماكن العامة والأندية للإحتفال, بل ويحضر الرئيس وكبار المسؤولين الإحتفالات أحيانا, بل من المسموح أن ترتدي ثياب بابا نويل وتكون بابا نويل ذات نفسه, لذا فمن المُتاح ككاتب سياسي أن تكتب عن بابا نويل والكريسماس, وكيف يوزع هداياه بــ " سياسة " رشيدة على الأطفال.

 

ثالثا: لا تكتب عن الجينز الأزرق

فالجينز الأزرق ممنوع ارتداءه في كوريا الشمالية, لكن اللون الأسود مسموح به, لذا فإن كنت ستكتب مقالا سياسيا في كوريا الشمالية فاختار الجينز ذا اللون الأسود لتكتب عنه.. لكنك تستطيع الكتابة عن الجينز الأزرق إن كنت كاتبا للمقال السياسي في مصر..

 

فالنظام المصري يُتيح إرتداء الجينز الأزرق بمصر, بل تستطيع في مزيدٍ من " الأكادة " أن ترتديه بجميع درجاته, بالإضافة أنك تستطيع أن تكتب عن كل الألوان الأخرى أيضا دون ملاحقة لقلمك, وتستطيع ككاتب سياسي أن تكتب عن شركات الموضة و " سياستها " في إختيار خطوطها.

 

رابعا: لا تكتب عن الكوكاكولا

الكوكاكولا ممنوعة في كوريا الشمالية, وهي تقريبا المكان الوحيد في العالم الذي يمنعها, لذا فالكتابة عنها أمر غير مأمون العواقب, لكنك تستطيع الكتابة عن الكوكاكولا إن كنت كاتبا للمقال السياسي في مصر..

 

فالنظام المصري لا يمنع الكوكاكولا بطبيعة الحال, بل ويسمح ببيعها بأشكال عدة, منها الزجاجات البلاستيكية وأيضا المصنوعة من الزجاج والعلب الصفيح, ناهيك عن أحجامها المختلفة, بل ويسمح بتواجد ماركات عالمية أخرى, منها البيبسي على سبيل المثال لا الحصر, وككاتب سياسي تستطيع أن تكتب عن " السياسة " الناجحة لتلك الشركات مما جعلها تستمر وتنتشر.

 

خامسا: لا تكتب عن السيارات

فالسيارات ممنوعة في كوريا الشمالية, وهي متاحة فقط للمسؤولين الحكوميين, فحرية التنقل غير مكفولة للجميع, لكنك تستطيع الكتابة عن السيارات إن كنت كاتبا للمقال السياسي في مصر..

 

فالنظام المصري لا يمنع إمتلاك السيارات وقيادتها, أي نعم يفرض ضرائب كبيرة فوق سعرها, لكنها في النهاية تصل ليد المواطن دون تعقيد, بل أيضا متاحة بأنواع عدة منها الياباني والأمريكي والأوروبي والكوري الجنوبي أيضا !

 

بل إن مؤسسات صحفية رسمية لها إصدارات صحفية أو صفحات خاصة بالسيارات, لذا فمن المتاح ككاتب سياسي أن تكتب عن " سياسة " قيادة السيارات في مصر.

سادسا: لا تكتب عن الإنترنت

فالإنترنت ممنوع في كوريا الشمالية, فليس من المتاح أن يتواصل الكوريون الشماليون مع العالم الخارجي, ومتاح لهم فقط شبكة محلية بها عدد من المواقع التي تتيحها السلطة لهم, بينما يحظى قليل من المسؤولين على "وصلة" إنترنت من الصين, لكنك تستطيع الكتابة عن الإنترنت إن كنت كاتبا للمقال السياسي في مصر..

 

فالنظام المصري يتيح استخدام الإنترنت منذ عصر مبارك, وقد مر الإنترنت بخطوات عدة بدأت بـ 0900 ثم 0777 ثم انتشار الإنترنت السلكي ثم اللاسلكي, وتتعدد الشركات المقدمة للإنترنت في مصر, وبالرغم من حظر عشرات المواقع لكن الإنترنت متاح للجميع, وتستطيع ككاتب سياسي أن تكتب عن " سياسة " الإستخدام العادل الذي تفرضه الشركات على عملائها.

 

سابعا: لا تكتب عن السياسة

ففي كوريا الشمالية الحديث عن السياسة جريمة قد تصل بك إلى حبل المشنقة, فالسياسة ممنوعة في كوريا الشمالية بشكلٍ كامل, لكنك تستطيع أن تكتب عن السياسة إن كنت كاتبا للمقال السياسي في مصر..

 

فالنظام المصري يُتيح لك الكتابة عن سياسة كوريا الشمالية بأريحية شديدة, فمن المُتاح أن تكتب حتى عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون, بل من الأدهى أن سقف الحريات الذي يتيحه النظام المصري يسمح أن تكتب عن السيدة جدة الزعيم كيم كونج سوك, لذا تستطيع ككاتب سياسي أن تكتب عن " سياسة " المنع في الحديث عن السياسة في كوريا الشمالية دون أي قلق.

 

***

إن كنت بصدد كتابة مقالا سياسيا في كوريا الشمالية فتلك سبعة نقاط غير مسموح الكتابة عنها هناك, يجب وضعها نصب عينيك حتى لا تجد نفسك محبوسا أو مطعونا أو مختفيا قسرا إن ذكرتها على سبيل الخطأ, أما في مصر فليس من المتاح – إن كنت كاتبا للمقال السياسي – أن تكتب في غيرها!