عالم

عالم "عيال" !

وليد بدران

وليد بدران

10 مايو 2017

 

مع كل كلاسيكو، وهو لقاء القمة الكروي الأسباني الشهير بين فريقي برشلونة وريال مدريد، تزدحم مقاهي القاهرة عن آخرها لمتابعة سيمفونيات الفن الكروي التي تعزف في هذه اللقاءات. فقد أثبتت الساحرة المستديرة انها الحب الأول في العالم كله على اختلاف القوميات والأعراق والأديان.. أتذكر خلال وجودي في العراق عام 2010 وكان الوضع مشتعلا أن مباريات فريق برشلونة كانت تعيد الهدوء إلى البلاد حيث تمتلئ المقاهي عن آخرها بالمشاهدين من كل الطوائف والذين يجمعون على حب البارسا.

 

ومن مظاهر جنون كرة القدم أنه في عام 1971 اندلعت حرب بين هندوراس والسلفادور بسبب مباراة فأصيب العالم كله بالذهول!

 

وعندما أعلن الإرجنتينيون في مونديال عام 1986 ان مباراتهم ضد الانجليز امتداد لحرب فوكلند اندهش الناس من ذلك!

 

وخلال الحرب الأثيوبية الاريترية في التسعينيات أعلنت اريتريا أن مباراة فريقها في تصفيات كأس العالم ضد أثيوبيا امتداد للحرب بين البلدين!

 

وهكذا انتشر جنون كرة القدم في كل مكان على كوكب الأرض باستثناء دولة واحدة في افريقيا لم تبد اهتماما بمونديال أقيم في أواخر التسعينيات فاعتقد الناس انه مازال بها بقية من عقل ليتضح فيما بعد أن التليفزيون لم يكون قد دخل إلى ذلك البلد بعد!

 

ومن كل ذلك يتضح أن الأرض ليست فقط كروية تدور حول نفسها فقط وإنما تحاور وتغزل وتدخل الشبكة أيضا فتخطف الأبصار وتخلع القلوب وتذهب بالعقول!

 

إن ما يحدث حولنا يكشف النقاب عن أننا نعيش في " عالم عيال" حبه الأول كرة القدم وكي نفهمه فاننا بحاجة إلى منظرين كرويين لوضع نظرية " التفسير الكروي للتاريخ" بدلا من نظريات ماركس وآدم سميث وفرويد.

 

ومن المحتمل أن يخرج لنا قريبا من يؤكد أن الانسان أصله كرة ظهرت لها ذراعان وساقان.. وإلى أن يحدث ذلك فانه من المؤكد أن الانسان حيوان كروي!

 

ومع انتشار جنون الكرة يجب أن نأخذ في الاعتبار أن التعصب الرياضي مرض نفسي حقيقي ناتج عن ضعف الوعي والفهم الحقيقي للرياضة والمنافسة الشريفة وانها مكسب وخسارة. فللأسف تتحول المنافسة لدى البعض إلى حرب حقيقية ويصبح فيها المنافس عدوا يسعى المتعصب إلى تدميره بالعنف.

 

ولا شك أن الضغط العصبي الذي يتعرض له المتعصب يجعله عرضة لأمراض عضوية مثل الضغط والسكري، وعلاج ذلك يكون بالتوعية السليمة وتوضيح الهدف الأساسي للرياضة وتعزيز الروح الرياضية بين الشباب.