يا عزيزي كلنا ضفادع !

يا عزيزي كلنا ضفادع !

وليد بدران

وليد بدران

31 مايو 2017

 

لم تدهشني صيحة حاكم في واحد من مواطنيه وعضو في برلمان بلاده: من أنت؟ ومجلس إيه؟ ولكن ما أذهلني هو صدمة الكثيرين من هذه الصيحة بعد خطاب الحاكم الذي أثار إعجابهم في قمة عقدت مؤخرا بدولة مجاورة.. وقد كنت أنا نفسي أحد المصدومين!!! 

 

ذكرتني صدمتي وهؤلاء بقصة كلاسيكية  من الطبيعة تقول إن ضفدعا كان يستعد لعبور نهر من ضفة إلي أخري‏، وبينما هو يستعد لذلك‏ إذ به يجد عقربا يقول له‏:‏ هل تساعدني في عبور النهر معك؟

 

فقال له الضفدع ببراءة: ولماذا لا تستطيع أنت الاعتماد علي نفسك وتعبر بمفردك؟

 

فأجابه العقرب: أنا لا أعرف العوم، ولكي أعبر النهر يجب أن تحملني فوق ظهرك حتي نصل سويا.

 

فقال الضفدع وقد بدأ يشك في الأمر: ولكنك مشهور بأنك تلدغ كل من تقابله، فهل يعقل أن أسلمك ظهري وجسمي كله، وأين؟ في النهر؟.. لو لدغتني  سأموت وأغرق وستغرق معي.

 

فأجابه العقرب بثقة: لست غبيا لأفعل ذلك فحياتي بيدك ولو لدغتك سنغرق معا!

 

فاقتنع الضفدع بصدق العقرب ووافق أخيرا علي مساعدته وتسلق العقرب ظهر الضفدع وبدءا سويا في عبور النهر.

 

ولكن في منتصف الطريق فوجيء الضفدع بالعقرب يلدغه أثناء العوم فخارت قوي الضفدع وبدأ الاثنان يغرقان فسأله الضفدع: لماذا فعلت ذلك؟ ألم أقل لك إننا سنغرق معا لو لدغتني؟ فأجابه العقرب: يا عزيزي.. أنا عقرب وأنت تعرف ذلك ولو لم ألدغك وأخدعك لما استحققت أن أكون عقربا!

 

بالفعل إن العقرب لا ينسى نفسه أبدا وقد جربنا أنواعا عديدة من العقارب السامة .. منها من يتمسح في الدين ..ومنها من يتمسح في القومية.. وكانت النتيجة مرة وسامة دفعناها من دم العديد من شبابنا.. الورد اللي فتح في جناين مصر فلدغته العقارب .. لينتهي به الأمر إلى القبر أو السجن .. ثم نجد بعد  كل ما حدث من يصدق ومن يصدم!!

 

إن العقارب يا سادة تكذب وتخدع وتلدغ وتؤذي وتقتل..  فهذه هي مهمتها الوحيدة في الحياة وهي عاجزة أن تفعل غير ذلك!

 

عموما لا أرى أن العيب في العقرب فتلك طبيعته التي يعرفها الجميع وإنما العيب في الضفدع الذي صدقه ووثق فيه رغم علمه بحقيقته.. ولقد كان هناك الكثير من الضفادع وكنت واحدا منهم.. ولا يسعني إلا أن أرد على نفسي قائلا: "يا عزيزي كلنا ضفادع".