" طلقة فشنك" لدول حصار قطر

 

بعد انتظار استمر لنحو 5 ساعات، منتصف نهار الأربعاء الماضي، ظهر وزراء خارجية دول حصار قطر في القاعة الرئيسية لقصر التحرير بالقاهرة، ليعلنوا على الرأي العام الخليجي والعربي بيانا صامتا، أو كما نقول بالعامية المصرية "طلقات فشنك"، ويطلق عليه الشوام "طق حنك".

 

البيان الذي تلاه وزير الخارجية المصرية سامح شكري خلا من إي إجراءات تصعيدية جديدة ضد الدوحة كما لم يطرح استراتيجة الدول الأربع في التعامل مع الجارة الخليجية، على عكس ما توقع البعض، خاصة بعد عمليات التسخين الإعلامي التي سبقت اجتماع وزراء الخارجية.

 

المحللون الذين تم صرفهم للظهور على فضائيات دول التحالف الجديد توقعوا أن يتضمن البيان ردا قاسيا على تجاهل الدوحة لمطالبهم الـ13، ولأن اجتماع وزراء الخارجية سبقه اجتماع لقادة أجهزة المخابرات المصرية والسعودية والإماراتية والبحرينية، فذهب هؤلاء المحللون إلى أن البيان قد يصل إلى التهديد بتدخل عسكري إذ لم تلتزم الدوحة بتنفيذ قائمة المطالب، وأكد بعضهم أننا في انتظار "عاصفة حزم جديدة" ضد النظام القطري.

 

لم يشر البيان إلى طبيعة الإجراءات الجديدة مع الدولة التي تمارس دور "تخريبي" على حد تعبير وزير الخارجية المصري، ولا ماهية التعامل مع "رد الدوحة السلبي" مع قائمة المطالب، لكنه عبر عن أمل وزراء الخارجية في أن "تسود الحكمة، وأن تتبنى قطر قرارات صائبة".. فماذا حدث أثناء الاجتماع الذي استمر أكثر من 4 ساعات؟، وماذا جرى قبله؟، وهل تلقى الوزراء رسالة من جهة ما أربكت حساباتهم فصدر البيان بهذه اللهجة؟!.

 

قبل الاجتماع بساعات تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من نظيره الأمريكي دونالد ترامب اتصالا هاتفيا دعا فيه الأخير إلى حل الخلاف مع قطر عبر المفاوضات والحوار، وقال بيان صادر عن الرئاسة المصرية إن "رؤية الرئيسين في التعامل مع الأزمات الإقليمية الحالية تسير على نفس الخط، خاصة فيما يتعلق بالوصول إلى تسويات سياسية تسهم في أمن المنطقة واستقرارها".

 

واستبق وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بيان القاهرة بالقول بأن بلاده ترحب بأي جهود جدية لحل الأزمة مع جاراتها من خلال الحوار و"ليس الحصار".

 

وقال "مع انتهاء مهلة الـ48 ساعة لا تزال قطر تدعو إلى الحوار، بالرغم من تشتيت شمل 12 ألف أسرة، وبالرغم من الحصار، الذي هو عدوان صريح عليها".

 

إذن البيت الأبيض هو كلمة السر وراء تراجع دول الحصار، فرغم ما بدى من تشجيع السيد الأمريكي لموقف الدول الأربعة تجاه الدوحة إلا أنه لن يضحي بالبيدق الذي اعتاد تحريكه على رقعة الشطرنج العربية خلال العقود الثلاث الماضية.

 

وفق ما أعلنه ديفيد بترايوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي إيه”، فإن استضافة قطر لوفود من حماس وطالبان، كان بعلم وطلب وإشراف الإدارة الأمريكية.

 

وقال بترايوس في تصريحات لصحيفة الأحد الفرنسية الأسبوع الماضي أن «قطر قد استضافت وفودا من حماس وطالبان بطلب منا». وأضاف: «أذكر شركاءنا الخليجيين أن استضافة حماس وطالبان في الدوحة كانت بطلب أمريكي وتحت إشرافنا».

 

تصريحات بترايوس تكرار لما ذكره وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم في حوار أجرته معه قناة "بي بي إس" الأمريكية، عندما أشار إلى أن الحكومة الأمريكية طلبت من دولة قطر "تشجيع حركة حماس على المشاركة في الانتخابات الفلسطينية وبالفعل شاركت فيها".

 

أما بشأن وجود قيادات من حركة طالبان الأفغانية على الأراضي القطرية، فأقر بن جاسم بوجود 5 من عناصر طالبان في قطر بطلب من الولايات المتحدة.

 

الدوحة أحد أدوات السياسة الأمريكية في المنطقة، تقوم بما تطلبه واشنطن مقابل الحماية والحفاظ على استقرار نظامها، ولا تستطيع دول الحصار الأربع إفساد "الجيم" أو إغضاب السيد الأبيض من أجل وقف الدور التخريبي للشقيقة الصغرى.