أدب النكبة.. حكايات الحنين للأرض

كتب: آية فتحي

فى: ميديا

10:43 15 مايو 2017

يُحيي شعب فلسطين اليوم الموافق 15 مايو الذكرى الـ 69 عامًا على مأساة النكبة، تلك الذكرى والتي وقعت في الخامس عشر من مايو لعام 1948، والتي تُعد أكبر كارثة إنسانية بحق الشعب الفلسطيني والعربي، حيث تعرض الفلسطينيون إلى التهجير القسري الجماعي عام 1948 لأكثر من 780,000 فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم، ونصب المجازر الجماعية في القرى الفلسطينية.
 

حمل أدباء فلسطين، وغيرهم هم الوطن على أكتافهم ما دفعهم لرسم مأساتهم بين صفحات رواياتهم، لتخليد تلك الذكرى، وللتأكيد على إيمانهم بعودة الوطن ﻻ محالة، ونقدم في هذا التقرير جزء من الأعمال الأدبية التي تحدثت عن النكبة.

 

رواية "مصائر: كونشيرتو الهولوكوست والنكبة"

ذاعت شهرت تلك الرواية مؤخرًا حيث حصد بها الروائي الفلسطيني، ربعي المدهون، بالجائزة العالمية للرواية العربية، في دورتها التاسعة عن روايته، لتعد انتصار لشعب فلسطين حيث يعد هو أول فلسطيني يفوز بالجائزة التي سبق وأن وصل لقائمتها القصيرة في العام 2010.

 

تقع الرواية في أربعة أقسام، يمثل كل منها إحدى حركات الكونشرتو وحين يصل النص إلى الحركة الرابعة والأخيرة، تبدأ الحكايات الأربع في التوالف والتكامل حول أسئلة النكبة، والهولوكوست، وحق العودة، إنها رواية الفلسطينيين المقيمين في الداخل الذين يعانون مشكلة الوجود المنفصم وقد وجدوا أنفسهم يحملون جنسية إسرائيلية فُرضت عليهم قسرًا، وهي رواية الفلسطينيين الذين هاجروا من أرضهم إلى المنفى الكبير ثم راحوا يحاولون العودة بطرق فردية إلى بلادهم المحتلة. إنها رواية فلسطين الداخل والخارج.

 

فتروي "مصائر: كونشيرتو الهولوكوست والنكبة" حكاية إيفانا الفلسطينية الأرمنية، التي أحبت في صباها طبيباً بريطانياً في زمن الانتداب على فلسطين، فأنجبت منه بنتاً سمياها جولي، وهربا بها إلى لندن عشية نكبة عام 1948، بعد سنوات طويلة، وقبل وفاتها توصي إيفانا ابنتها أن تحرق جثتها وتنثر نصف رمادها فوق نهر التايمز، وتعيد نصفه الآخر إلى موطنها الأصلي: عكا القديمة.


ومن أجواء الرواية نقرأ:-

“خذوا بعضي وكل روحي إلى عكا يعتذران لها حارة حارة، خذوا ما تبقى مني وشيعوني حيث ولدت، مثلما ستشيعني لندن حيث أموت، يا أصدقائي وأحبتي، يوماً ما، لا أظنه بعيداً، سأموت، أريد أن أدفن هنا وأن أدفن هناك".


رواية "عائد إلى حيفا"

رواية للأديب الفلسطيني غسان كنفاني، والتي تُعد من أبرز الروايات في الأدب الفلسطيني المعاصر، يروي بها تجربته التي عاشها كل فلسطيني، تجربة جرح وطن، وعذاب إنسان عانى ظلمًا وتشردًا، إلا أنه دائماً يحلم بالعودة إلى الوطن.


تروي عن بطلها "سعيد" الذي يقرر هو وزوجته الذهاب إلى هناك، وتفقد بيتهما الذي تركاه وفيه طفل رضيع أثناء معركة حيفا عام 1948.


من أجوائها نقرأ:-

حين وصل سعيد إلى مشارف حيفا، قادمًا إليها بسيارته عن طريق القدس، أحس أن شيئا ما ربط لسانه، فالتزم الصمت، وشعر بالأسى يتسلقه من الداخل، وللحظة واحدة راودته فكرة أن يرجع، ودون أن ينظر إليها كان يعرف أنها آخذة بالبكاء الصامت، وفجأة جاء صوت البحر، تماما كما كان، كلا،لم تعد إليه الذاكرة شيئا فشيئًا، بل أنهالت في داخل رأسه، كما يتساقط جدار من الحجارة ويتراكم بعضه فوق بعض، لقد جاءت الأمور والأحداث فجأة، وأخذت تتساقط فوق بعضها وتملأ جسده، وقال لنفسه أن"صفية"زوجته، تحس الشيء ذاته، وأنها لذلك تبكي.

 

رواية" باب الشمس"

رواية للكاتب اللبناني إلياس خوري، وقع إختيارها كواحدة من ضمن أفضل مائة رواية عربية.

 

تروي "باب الشمس" واحدة من حكايات المتسللين الفلسطينيين، الذين كانوا يحاولون العودة إلى فلسطين بعد ضياعها عام 1948، هؤلاء ممن سئموا أيام المنفى الأولى كانوا يتسللون عبر الحدود والأسلاك الشائكة وخطر الموت لكي يعودوا إلى قراهم المهدمة وبيوتهم التي سكنها آخرون ليعودوا ويطردوا مرة أخرى أو يقتلوا على الحدود بين إسرائيل والدول العربية المحيطة.


فتحكي الرواية عن يونس الأسدي، رجل المقاومة المتسلل، الذي يعيش حكاية عشق ورمز صمود، فهو على مدار ثلاثين عامًا، وأكثر، يذرع الجبال والوديان بين لبنان والجليل الفلسطيني ليلتقي زوجته نبيلة في مغارة سماها "باب الشمس"، وينجب منها عددا كبيرا من الأولاد والبنات، مبقياً صلة الوصل بين الفلسطيني اللاجئ والباقين على أرضهم.

 

من أجوائها نقرأ:-

"ماتت أم حسن..رأيت الناس يتراكضون في أزقة المخيم، وسمعت أصوات البكاء. كان الناس يخرجون من بيوتهم، ينحنون لكي يلتقطوا دموعهم، ويركضون. ماتت نبيلة زوجة محمود القاسمي التي كانت أمنا. كنا ندعوها "يا أمي" لأن كل الذين ولودوا في مخيم شاتيلا سقطوا من أحشاء أمهاتهم إلى يديها.. وأنا أيضاً، سقطت إلى يديها وركضت يوم موتها.


جاءت أم حسن من الكويكات، قريتها في الجليل، لتصبح القابلة الوحيدة في مخيم شاتيلا، امرأة لا عمر لها ولا أولاد، وأنا لا أعرفها إلا كهلة. كتفان منحنيتان، وجه مليء بالتجاعيد والغضون، وعينان كبيرتان تلتمعان في الوجه الأبيض المربه، وشال أبيض يغطي شعر رأسها الأبيض.قالت جارتها سناء، زوجة كريم الحاشي بائع الكنافة، إن أم حسن مرت بها ليل أمس، وأخبرتها أ الموت سيأتي، سمعت صوته يا بنيتي الموت يوشوش وصوته واطي".

 

رواية "بيت للرجم وبيت للصلاة"

تأليف ابن يافا الفلسطينية الكاتب أحمد عمر شاهين، تدور أحداثها في مدينة يافا، معظم أحداثها حقيقية، والشخصيات كذلك.

 

من أجوائها نقرأ :-

 "كان الجامع الوحيد في خان يونس ممتلئًا بالعائلات فذهبنا إلى مدرسة في شمال البلدة، وجدنا في كل غرفة خمس عائلات أو أكثر يفصل بين كل عائلة وأخرى كيس من الخيش، فرد على شكل ملاءة ومعلق على حبل، وحول المدرسة وفي حوشها تكدست خيام صغيرة كأخمام الدجاج فأكبر خيمة كانت في اتساع كيسين من الخيش وفي علو متر، أحد أطرافها مربوط بمسمار مدقوق بحائط المدرسة الخارجي أو دورة المياه، والطرف الآخر مربوط بوتد مدقوق في الأرض، يدخلها الناس زحفًا كالحيوانات".

 

رواية "المتشائل"

تعد رواية "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل"  رواية ساخرة من تأليف الروائي الفلسطيني إميل حبيبي، والتي تعني كلمة "التشاؤل" التي هي تحمل معنى التفاؤل والتشاؤم، والتي تتكون من ثلاث كتب تجسد ثلاث مراحل أساسية للتاريخ الفلسطيني.


تدور أحداثها حول سعيد أبي النحس المتشائل الفلسطيني من عرب الداخل في فترة الحكم العسكري الذي فرضته إسرائيل عليهم.


ومن أجواء الرواية نقرأ:-
"خذني أنا مثلاً، فإنني لا أميز التشاؤم عن التفاؤل. فأسأل نفسي: من أنا؟ أمتشائم أنا أم متفائل؟ أقوم في الصباح من نومي فأحمد الله على أنه لم يقبضني في المنام. فإذا أصابني مكروه في يومي أحمده على أن الأكره منه لم يقع، فأيهما أنا: أمتشائم أنا أم متفائل".

 

اعلان