في ذكرى النكبة
فلسطين ومشاركة المستوطنات.. تأجيل من «فيفا» أم تهرب؟
وقف الجميع صفًا في مشهدٍ مهيب، كانت الكلمات تخرجُ من القلبِ قبل الفمِ، تدفقت الدموع من أعين الجميع، حتى الذي رفض البكاء كافح بصعوبة كي يمنعها من التدفق.. وحين عُزفت الموسيقى ردد الكل في آن واحد.
"فدائي فدائي فدائي يا أرضي يا أرض الجدود.. فدائي فدائي فدائي يا شعبي يا شعب الخلود.. بعزمي وناري وبركان ثأري وأشواق دمي لأرضي وداري.. صعدت الجبالا وخضت النضالا قهرت المُحالا حطمت القيود".
كان هذا المشهد من مواجهة فلسطين والإمارات بتصفيات كأس العالم في سبتمبر من عام 2015، وحينها عُزف النشيد الوطني الفلسطيني لأول مرة في مباراة رسمية - غير ودية - بمدينة رام الله في الضفة الغربية.
وتزامنا مع الذكرى الـ69 لنكبة فلسطين عام 1948، أجلت الجمعية العمومية الـ67 للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، يوم الخميس الماضي، اتخاذ قرارا بشأن الاعتراف الرسمي الذي طالب به الاتحاد الفلسطيني للعبة، وقررت الجمعية أيضا تأجيل قرارا بشأن الطلب الفلسطيني بمعاقبة الفرق الإسرائيلية التي تلعب مبارياتها في مستوطنات الضفة الغربية.
وأرجعت فيفا قرارها لانتظارها الحصول على تقرير نهائي من جانب رئيس لجنة المراقبة المعنية بفلسطين وإسرائيل، الجنوب أفريقي طوكيو سكسويل، وهو ما يراه البعض تهربا من اتخاذ القرار، فيما يراه البعض الآخر تأجيل حتى اكتمال الرؤية.
ويقدم سكسويل ثلاثة حلول في تقريره: الإبقاء على "الوضع الراهن"، وهو ما "سيؤدي إلى إتخاذ إجراءات قانونية ضد فيفا"؛ أو تعليق مشاركة فرق المستوطنات في الدوري الإسرائيلي؛ أو مواصلة المفاوضات، وهو ما يرفضه الجانب الفلسطيني الذي لا يعترف بـ"شرعية المستوطنات".
وكان الضغط الدولي قد ازداد على إسرائيل بعدما أصدر مجلس الأمن قرارا في ديسمبر من العام الماضي يقضي بالتوقف فورا، وعلى نحو كامل، من جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
وتواصل الضغط بعدما صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، في أول الشهر الجاري، بالأغلبية لصالح نفي السيادة الإسرائيلية على القدس، واعتبارها "مدينة محتلة".
إضافة إلى منظمة "هيومن رايتس ووتش" والحركة المدنية العالمية "آفاز" وغيرها من المنظمات الإنسانية، التي ذكّرت فيفا في الأشهر الأخيرة أن المستوطنات غير شرعية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة.
ويرى البعض أن تسويف القرار من جانب فيفا يُعتبر تهربا من تنفيذه؛ لأن الاتحاد الأوروبي (يويفا) كان قد منع الاتحاد الروسي لكرة القدم من ضم فرق تابعة لشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو إلى أراضيها عام 2014 ، إلى دوري كرة القدم الروسي، وهو ما قد يتشابه مع الوضع الفلسطيني.
وهو ما أكده رئيس الاتحاد الفلسطيني، جبريل الرجوب، حينما قال: "أعتقد أن مسألة القرم سابقة يمكن البناء عليها. إما أن يمتثلوا أو يواجهوا عقوبات، ليس من المقبول أن تلعب الفرق الإسرائيلية على ملاعب فلسطين، وفي المقابل الفرق الفلسطينية تمنع من اللعب على أرضها".
وتأكدت الشكوك هذه بعدما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رئيس فيفا، جياني إنفانتينو، الإثنين بإلغاء التصويت على هذا القرار، بحسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس".
ويقترح القرار إعطاء الاتحاد الاسرائيلي مهلة 6 أشهر لمعاقبة 5 فرق إسرائيلية تلعب مبارياتها على مستوطنات مقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورغم طلب رئيس الاتحاد الفلسطيني، الذي ذكر بأنه تم تأجيل القرار في هذا الشأن في خمس مناسبات سابقة، إلا أن الجمعية صدقت على قرار مجلس فيفا بتأجيله حتى مارس 2018، بحسب ما ذكرت الوكالة الإسبانية.
وأعرب رجوب عن غضبه من المعاملة الإسرائيلية، إذ قال بعد اجتماع مع مسؤولي كرة القدم الإسرائيليين وطوكيو سيكسويل، أول أمس الثلاثاء: "الوفد الإسرائيلي واصل خلال اجتماع اليوم توجيه التهديدات للجميع، قالوا لا يوجد أحد وليس من حق أحد الزامهم بشيء".
وأضاف: "لا أعتقد أن بوسعنا الوصول لاتفاق مع الإسرائيليين بهذا الشكل. يريدون مواصلة الحديث فقط. لا يمكننا مواصلة هذه النوعية من الأحاديث".
"حضرنا إلى هنا لنيل حقنا في ممارسة كرة القدم. نريد من الاتحاد الإسرائيلي الالتزام بلوائح الفيفا وأن يتصرف وفقا لهذه اللوائح. نريد إيقاف الاذلال والاعتداء علينا".
وأظهر البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، موقفا متخاذلا مع تلك القضية، إذ دعم فلسطين ضد المباريات التي ترعاها إسرائيل في الضفة، قبل أن يتراجع ويصوت ضد فلسطين.
شكرنا أمس الشيخ سلمان (#البحرين) لدعمه #فلسطين ضد المباريات التي ترعاها #إسرائيل و@FIFAcom في مستوطنات الضفة. لكنه تراجع وصوت ضد فلسطين... pic.twitter.com/OR3Ar0MKfB
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) May 11, 2017
وقالت منظمة "هيومن رايت ووتش" عن هذا الموقف "الشيخ سلمان قبل التصويت: كفى من رعاية فيفا لمباريات إسرائيل في أراض فلسطينية مسروقة، الشيخ سلمان أثناء التصويت: الأمر ليس عاجلا".
وسيتخذ "فيفا" قراره النهائي بشأن تلك الأزمة في مارس من العام المقبل، في محاولة منه لاكتساب بعض الوقت من أجل حلها عن طريق المفاوضات أو حتى توفيق أوضاع الجانب الإسرائيلي.