في مصر..
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان| أماكن الاحتجاز.. سلخانات تعذيب
يجب أن نؤكد من جديد على أهمية إنسانيتنا المشتركة، فمن خلالها يمكننا أن نحدث فرقا حقيقيا أينما تواجدنا، وفقا لهذه المقولة بحتفل الكثير من دول العام اليوم بذكرى مرور 68 عاما على الإعلان عن اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لكن تلك المقولة تغيب بشكل تام عن ممارسات الشرطة المصرية وأبرز ممارساتها متمثلة في التعذيب داخل أماكن الاحتجاز.
الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في عام 1948، والذي طالب باحترام معاملة الانسان يدعو إلى الدفاع عن حقوق إنسان ما، محملا مسئولية تحقق هذا على عاتق الجميع.
إذا كانت إجراءات القبض على المواطنين بها نوع من الظلم أو العشوائية، فالأمل الذي يتبقى للمحبوس أن يعرض على النيابة على أمل أن يحصل على البراءة من تهمة لدى الكثيرين "لا شيء"، لكن تلك الأمنية البسيطة أجهضتها الداخلية بالتعذيب حتى الموت، وتمثلت أبرز حالات التعذيب التي أفضت إلى الموت داخل أقسام الشرطة، في مجموعة من الوقائع أهمها.
قتيل الغردقة
سبتمبر الماضي كان موعد آخر لتعذيب شاب يعمل بالسياحة في الغردقة على يد أفراد قسم شرطة ثان الغردقة، والذي وفقا لشهادات الأهالي الذين تجمهروا أمام القسم نتج عن تعذيبه كسر نخاعه الشوكي والفقرات الظهرية.
في شهر نوفمبر الماضي، وقعت حادثة مماثلة ، كان ضحيتها المواطن مجدي مكين، فبعد مشادت بينه وبين نقيب شرطة اقتاده على إثرها الأخير إلى قسم شرطة الأميرية، وفي صباح اليوم التالي أخبروا أهله بوجوده جثة هامدة في مستشفى الزيتون.
الداخلية برأت نفسها من تهمة التعذيب وأرجأت وفاته إلى هبوط بالدورة الدموية، لكن تقرير الطب الشرعي الصادر منذ ثلاثة أيام أثبت تعرض مكين للتعذيب.
أحمد مدحت
في أخر يوم تبقى من شهر أغسطس، لقى الطالب أحمد مدحت، طالب الطب، حتفه بعد يومين من اختفاءه، محاولات شقيقه للبحث عنه لو تصل إلى نتيجة، فبحث والده عنه في قسم أول مدينة نصر ليبلغوه بتواجده في القسم وأنه حاول القفز من الطابق الثاني مما تسبب في وفاته، لكنهم وحينما وصلوا إلى المشرحة وجدوا كسرا بالجمجمة يبلغ حوالي 8 سم، نتيجة ضربه بما يشبه شاكوش على رأسه، أو ما شابه ذلك -وفقا لرواية شقيقه-، فضلا عن فوم "رغاوي" على فمه، ولا وجود لآثار كدمات أو خدوش في جسده.
لم يكن العام 2016 الذي أوشك على الرحيل بداية للتعذيب من قبل الشرطة في الأقسام وأماكن الاحتجاز، ففي عام 2015، وفقا لتقرير الطب الشرعي الخاص بمقتل المواطن طلعت شبيب داخل قسم شرطة الأقصر، تبين أنه تعرض لضربة في العنق والظهر أدت إلى كسر في الفقرات، مما نتج عنه قطع في الحبل الشوكي نتج عنه وفاته.
محمد أبو ضيف
محمد صالح أبو ضيف، 25 عاما، اعتقل لثمانية ايام دون أن يُعرض على النيابة، وحسب التصريحات التي أدلى بها أحد أقاربه فكل الذين كانوا موقوفين على ذمة القضية تم إخلاء سبيلهم سواه، كما نفى شقيقه معاناته من أية مرض قبل دخول القسم، كاشفا عن وجود آثار تعذيب بدت على جثة شقيقه من كدمات في جنبه وبقع حمراء وآثار حز في يديه من أثر الكلبشات.
طبيب الإسماعيلية
عفيفي حسني، طبيب يعمل في صيدلية زوجته بشارع الأهرام بمنطقة المحطة الجديدة، حسب أحد الفيديوهات التي نشرها أقاربه اعتدى ضابط شرطة بقسم أول الإسماعيلية عليه داخل الصيدلية أثناء القبض عليه، ليلاقي حتفه والذي كشف تقرير الطب الشرعي عن تعرضه لضربة في خلفية العنق.
عمرو سعيد
تم الاعتداء عليه من قبل 3 مخبرين والنقيب معتز الشوربجي الذي اتهمه أهل القتيل في مركز شرطة شبين القناطر، ووفقا لعدد من زملاءه المحتجزين واتهامات أهله فإنه تعرض لتعذيب وضرب من جانب الضابط السابق والمخبرين الثلاثة ما تسبب فى وفاته قبيل العرض على النيابة فى 19 نوفمبر.
الحالات التي تم التحدث عنها وطرق التعذيب التي ظهرت توحي بالبشاعة، وشدة التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، فكيف لعدد قليل من الساعات ربما لا تتجاوز 5 أو 6 ساعات فقط، أن تكون كفيلة بتحويل الإنسان إلى جثة، لكن تلك الحالات يوجد غيرها الكثير مما لم تسلط عليه الأضواء. تحدثت في أرقام تقارير المنظمات الحقوقية.
وذكرت مؤسسة النديم، لتأهيل ضحايا العنف في إصدارها "كشف حساب"، وتضمن الانتهاكات التي من 8 ينويو 2014، وحتى 7 يونيو 2016، أن عدد حالات التعذيب في أماكن الاحتجاز في النصف الأول من العام الحالي بلغ 236 حالة، كما أن عدد حالات التعذيب الجماعي وصلت 44 حالة، و 51 حالة قتل في أماكن الاحتجاز.
وفي يوم الاثنين الموافق العاشر من أكتوبر الماضي، أعلن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب عن رصده لوفاة 3 حالات داخل مناطق الاحتجاز بالسجون وأقسام الشرطة المختلفة نتيجة للإهمال الطبي بالإضافة إلى وقوع حالتي قتل.
وأكد المركز على ارتفاع ضحايا التعذيب إلى 52 حالة بينهم 15 حالة تعذيب وتكدير جماعي، ووقوع 27 حالة إهمال طبي
ووفقا لتقرير المركز فإن حالات التعذيب والانتهاكات التي وقعت في عام 2015 بلغت 39 حالة تعذيب وقعت جميعها في أقسام الشرطة على النحو التالي.
كشف صادر عن مركز النديم يوضح حالات التعذيب في أقسام الشرطة على مستوى الجمهورية.
وفصل المركز في تقريره أقسام الشرطة التي شهدت حالات تعذيب فردي على النحو التالي.
كما جاءت حالات التعذيب وسوء المعاملة بحسب طبيعة الأماكن التي يحدث فيها كما يلي.
حالات التعذيب في أماكن الاحتجاز أكدها حديث محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، والذي قال إنهم تلقوا شكاوى عديدة حول التعذيب في أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز، مشيرا إلى أنه رغم نفى الداخلية لوجود حالات تعذيب، إلا أن هناك 3 حالات وفاة بسبب التعذيب موثقة، هذا إضافة إلى 20 حالة وفاة فى الأقسام وأماكن الاحتجاز ليست بسبب التعذيب، ولكنها تعكس سوء ظروف المعيشة والتكدس فى أماكن الاحتجاز.
جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، قال إن حالات التعذيب في الأقسام وأماكن الاحتجاز أمرلا يخفى على أحد، لافتا إلى أن نجاد البرعي بالتعاون مع اثنين من القضاة حاولوا العمل على إعداد مشروع لمناهضة التعذيب، وذلك توافقا مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة المصرية، لكن النتيجة أنه البرعي والقضاة الأن يحاكمون بسبب رغبتهم في القضاء على التعذيب.
وأكد إسحاق، لـ "مصر العربية"، انهم داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان طلبوا أكثر من مرة بزيارات لأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز ولم يحصلوا على موافقة على هذا الطلب.
وأشار عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلى أن حادثة مقتل المواطن مجدي مكين خير دليل على وجود انتهاكات وتعذيب داخل أقام الشرطة وأماكن الاحتجاز.
وطالب إسحاق، بضرورة تحسين أحوال حقوق الإنسان قبل الذهاب إلى المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان في جنيف في مطلع العام المقبل، لأنه إذا استمر الحال كما هو عليه الأن سوف ينخفض تقييم مصر دوليا في مجال حقوق الإنسان من أ إلى ب، وهذه خسارة كبيرة جدا.
النائب علي بدر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أوضح أن اللجنة لم تتلقى حتى الأن أية شكاوي متعلقة بوجود تعذيب داخل أقسام الشرطة، بخلاف موضوع مجدي مكين، والذين تحركوا على الفور بزيارة إلى قسم الأميرية ولن يتركوا القضية منوها إلى أنهم في متابعة مستمرو لما توصلت إليه النيابة بشأن التحقيقات التي تجريها.
بدر، في حديثه لـ "مصر العربية"، أكد أن لجنة حقوق الإنسان داخل مجلس النواب اجتمعت بقيادات وزارة الداخلية، وطالبوهم بضبط النفس في التعامل مع المواطنين، وأنهم لن يتهاونوا في أية انتهاكات يتعرض لها المواطن، لترد الداخلية بانه لا تهاون في محاسبة أي فرد من أفرادها حال خروجع عن قواعد التعامل التي تتوافق مع حقوق الإنسان.
وذكر وكيل اللجنة، وجود تطور في أحوال حقوق الإنسان في مصر وخاصة فيما يتعلق بجانب تعامل الأمن مع المواطنين، من خلال إنشاء مكاتب لحقوق الإنسان في كافة أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز، لكنها بحاجة غلى تفعيل ورقابة مستمرة من جانب لجنة حقوق الإنسان داخل البرلمان بالتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان.