«دكروري وعمارة».. كلمة السر في تعديل ضوابط تعيين رؤساء الهيئات القضائية
أزمة كبيرة تلوح في الأفق بين مجلس النواب والهيئات القضائية، على خلفية موافقة الأول على تعديل ضوابط اختيار رؤساء تلك الهيئات، خلافا لما كان سائدا بتطبيق مبدأ "الأقدمية المطلقة".
وعلى الرغم من رفض الهيئات القضائية للتعديلات المقترحة، وافق مجلس النواب، في جلسته العامة، اليوم الإثنين، على مشروع قانون لتعديل ضوابط تعيين رؤساء الهيئات، بحيث تقضي باختيار رئيس الجمهورية لرئيس أي هيئة من بين ثلاثة نواب يرشحون من أقدم سبعة نواب لرئيس تلك الهيئة لمدة 4 سنوات.
وصاحب مناقشة مشروع القانون في لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، مخاوف من تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وتهديد استقلالية القضاء، وهو ما طرح فكرة وجود رغبة للإطاحة ببعض المستشارين من تولي رئاسة بعض الهيئات القضائية.
دكروري وعمارة
وقال المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، إن الإصرار على تمرير قانون تعيينات رؤساء الهيئات القضائية، يؤكد وجود نية مبيتة للتدخل في استقلالية القضاء، فالدستور أعطى استقلالية للقضاء فيما يتعلق بتنظيم جميع شؤونه.
وأضاف سليمان، لـ "مصر العربية"، أن الباعث خلف تعديلات القانون منع أشخاص بعينهم من الوصول إلى رئاسة محاكم النقض ومجلس القضاء الأعلى، ذاكرا المستشار أنس عمارة، نائب رئيس محكمة النقض وأقدم المستشارين سنا.
ويٌحسب المستشار أنس عمارة، على المستشار حسام الغرياني، والأخير اتسم بنزاهته في الأحكام القضائية ومعارضته الواضحة للتدخل في شؤون القضاء، وتولى رئيس مجلس القضاء الأعلى عقب المستشار سري صيام، وكان من أوائل المنادين بتيار استقلال القضاء، وأصدر حكما تاريخيا عام 2003 ببطلان الانتخابات التي فاز بها زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية حينها، ونظم أول وقفة احتجاجية للقضاة عام 2005، و 2006، بسبب محاولة التنكيل بالمستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي، بعد اعتراضهم على تزوير الانتخابات.
وتوقع وزير العدل الأسبق، أن يكون الهدف من القانون منع وصول المستشار يحيى دكروري، نائب رئيس مجلس الدولة، من الوصول إلى رئاسة مجلس الدولة، معتبرا أن هذا القانون من دروب الخراب للقضاء، وسيعاني منه السيسي فيما بعد فهو لن يدوم في الحكم وسيحتاج يوما ما إلى قاض عادل ينصفه.
المستشار يحيى دكروري، صاحب العديد من الأحكام التي لم توافق هوى السلطة التنفيذية ومنها حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وأوقف الانتخابات البرلمانية 3 مرات في عامين، وتنحى عن نظر الدعاوى القضائية المقامة لإلغاء التحفظ على أموال الإخوان.
فتنة في القضاء
من جانبه، أبدى الدكتور شوقي السيد، الخبير القانوني، اعتراضه على موافقة مجلس النواب على مشروع القانون، معتبرا أنه سوف يثير فتنة كبيرة في القضاء دون داع، والدليل أن كل مجالس القضاء وهيئاته رفضت هذا المشروع.
وأشار السيد، لـ "مصر العربية"، إلى أنه لا بد من احترام رأي أهل البيت في إشارة إلى مؤسسات القضاء، في أي أمور تتعلق بهم، مطالبا مجلس النواب بالعدول عن الموافقة النهائية على مشروع القانون.
لا إلزام بالأقدمية
المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، خالف الآراء السابقة، ورأى أن تعيينات القضاة كانت تتم وفقا للعرف السائد وهو الأقدمية، ولا يوجد إلزام بهذا المبدأ في التعيين، أو للرئيس أن يأخذ بالأقدمية.
وأشار السيد، لـ "مصر العربية"، إلى أن الرئيس السيسي لم يعلن رغبته في إقصاء مستشارين بعينهم أو محاباة غيرهم، حيث أن ترشيح الشخصيات لمجلس القضاء الأعلى يكون من خلال محكمة النقض ولن يتم هذا الأمر قبل 25 يونيو المقبل.
وتابع: "حتى الآن لا يوجد ترشيحات لهذه المناصب، وكل ما يُشاع حولها مجرد ادعاءات ليس لها أساس من الصحة، ويهدف إلى خلق حالة من حالات الفتنة دون داع".
وأوضح أنه توجد معايير أخرى بجانب معيار الأقدمية في الاختيار منها الحالة الصحية للمرشحين لهذه المناصب، فلا يمكن اختيار رئيس لهيئة قضائية لديه مرض مزمن يمنعه من مباشرة عمله بدعوى أن الأقدمية تحتم هذا الأمر.