البطل عادل صبري

ثابت عيد
06 أبريل 2018
صدمني خبر اعتقال البطل عادل صبري. تأسّفت له كثيرًا. وتأسّفت لحال مصرنا الّتي أصبحت تسير بظهرها إلى الخلف، نحو العصور الحجريّة.
شاركت البطل عادل صبري هموم مصرنا منذ رئاسته تحرير «بوّابة الوفد».
تعرّفت إليه من خلال صديق آخر كان يعمل معه. لفت نظري انفتاحه، وحبّه للمعرفة، واستعداده للتّضحية، وشجاعته، وإخلاصه لعمله. فلماذا يا ناس تعتقلونه؟
هو يحبّ مصر، ويعشقها، ويتمنّى أن يراها أحسن بلد في العالم. فلماذا يا ناس تعتقلونه؟
تضامن من شباب مصر في انتفاضته المباركة سنة ٢٠١١م.
وسرعان ما أدرك نقاط ضعف الإخوان. لكنّه لم يشأ في صبّ الزّيت في النّار بمهاجمتهم، بعدما ابتلاهم اللّـهُ من جديد بمحنة المعتقلات، فك اللّـهُ أسرهم جميعًا.
البطل عادل صبري كان يحمل هموم مصر جميعًا على عاتقه، حتّى غابت الابتسامة عن وجهه.
لم يفرّق البطل عادل صبري مطلقًا بين المسلم المسيحيّ، بل كان يتفاخر بأنّ أحد أقرب أصدقائه من أقباط مصر.
كان بوسع البطل عادل صبري أن يرحل ويفرّ من جحيم الحياة في مصر بعد 3 يوليو 2013. لكنّه قرّر كالأبطال البقاء في مصر، ومواصلة جهاده في تنوير العباد.
وعندما اقترحت عليه نشر سلسلة مقالات عن «رؤية ٢٠٣٠» السّعوديّة، لم ألمس منه إلّا الحماس والتّشجيع.
كان يعتبر أنّ رقي السّعوديّة سيعود بالخير على المصريّين. وكان يدرك أهمّيّة السّعوديّة، ومازال يفعل، لولا تقلّبات زماننا الّتي جعلت بعض حكّامنا يصرّون على توقيف عقارب السّاعة، وجرجرة شعوبنا قرونًا إلى الوراء.
شاركني البطل عادل صبري في إدراك خطوة اصطناع عدوّ وهميّ اسمه الإخوان، حيث أنّنا نعتقد معًا أنّ مصر أكبر من الإخوان، وأنّ الإخوان أضعف من أن يتمّ تصويرهم على أنّهم وحوش كاسرة هكذا. لكنّ هذا هو حال السّياسة: العسكر بحاجة دائمًا إلى عدوّ وهمي، ليستمدّوا منه شرعيّتهم.
في الماضي اتّخذ الغرب من الشّيوعيّة عدوًّا لدودًا. وبعد انتهاء الحرب الباردة أصبح الإسلام هو العدوّ. وبعد هجمات سبتمبر في أمريكا صار الجميع يتحدّث عن «محاربة الإرهاب»، بدون تحديد دقيق لهوية هؤلاء الإرهابيّين المزعومين.
فما يسمّى بالدّولة الإسلاميّة (داعش) قامت في الأساس بدعم خليجيّ لمواجهة المدّ الشّيعيّ. ثمّ حدث ما حدث بحيث صارت «داعش» هي رمز الإرهاب، تحرّكها الدّول الكبرى لإثارة الذّعر في قلوب العباد.
وكما أثبت المفكّرون في أمريكا أنّ الهدف من هذه الحرب المزعومة علي الإرهاب هو تقليص الحرّيّات، صار المصريّون يعيشون اليوم في سجن كبير، بدعوى «محاربة الإرهاب». إنّه عصر الاستهبال بامتياز.
البطل عادل صبري، يحبّ بلده، ويتمنّى لمصر أن ترفرف بأجنحتها عاليًا في سماء الحرّيّة والدّيمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة. فلماذا تعتقلونه يا ناس؟
كلّ هذه الانتهاكات الشّنيعة لحقوق الإنسان، مستحيل أن تمرّ بدون حساب.
السّذاجة تصوّر للبعض أنّ الشّعب المصريّ يمكن قمعه، وترويعه، وإرهابه، إلى الأبد، بدون حساب، وبدون مراجعة، وبدون عقاب. هذا وهم يا ناس. فالقانون الّذي ركّبه الخالق في هذا الكون يقوم على العدل عاجلًا أو آجلًا.
ودورس التّاريخ، لمن درس التّاريخ، تثبت لنا عكس ما يتوهّمه الواهمون. فكم من جبابرة سقطوا، ولو بعد حين، وكم من مستبدين تمّ جرجرتهم إلى المحاكم الدّوليّة، وكم من مراهقين كتب البارئ لهم نهاية مأساويّة. فلماذا تعتقلون البطل عادل صبري يا ناس؟
أيّها النّاس نحن نحبّ مصر أكثر ممّا تتصوّرون، وليس يجوز أنّ يكون جزاء الحبّ هو الاعتقال.
أيّها الظّالمون، لا تتمادوا في ظلمكم، وعودوا إلى رشدكم، قبل فوات الأوان.
العالم يراقبكم، واللّـهُ يُمهل ولا يهملُ، والعدالة الإلهيّة قادمة لا محالة.