هو مش سياسي
علاء عريبى
03 فبراير 2018
المتعارف عليه علميا ودوليا وسياسيا أن الأجهزة المعنية هي المسئولة عن الحاكم فى أي دولة، توجهه، وتنبهه، وتساعده في اتخاذ القرار، كما أنها هي المسئولة عن تشكيل الفريق المسئول عن تعليم وتدريب الحاكم على بروتوكولات المنصب، كيفية الجلوس، كيفية مقابلة حكام ووزراء وسفراء البلدان الصديقة وغير الصديقة، تلقينه القاموس الذي يستخدمه فى الحديث والتصريحات، تدربه على كيفية مخاطبة الجماهير، التعامل مع المعارضة، وكيف يتحكم في انفعالاته وأحاسيسه.
نقول هذا بمناسبة واقعة افتتاح حقل ظهر، وانفعال الرئيس وحدته وتوتره، حيث اتهم النخب والإعلام والساسة وقيادات الأحزاب والكل كليله بالجهل وعدم الفهم، وهدد الذين ينتقدوه ويعارضوه بإجراءات عنيفة ينفذها الجيش.
الرئيس للأسف في لقاء حقل ظهر لم يترك أحد إلا وهاجمه وانتقده، وسفه منه، هاجم الإعلام وطالب الذين يعملون به بالتعلم اولا لسنوات طويلة قبل أن يفكروا فى توصيل معلومة للمواطن، هاجم تحالف الحركة المدنية الديمقراطية صاحب بيان خليك فى البيت، وهددهم بالجيش وبإجراءات صرامة، وقام بوضعهم فى سلة واحده مع الإرهابيين والإخوان وبعض الحكومات المعادية التى سبق وأطلق عليهم لقب أهل الشر، الرئيس هدد كذلك الشعب بتصدى الجيش له فى حالة خروجه فى مظاهرات تطالبه بالرحيل، الرئيس اتهم النخب جميعها بعدم الفهم والجهل، وطالبهم ضمنا بان يحصلوا على القرص الخمسينى فى تعلم معنى الدولة، حيث أقسم انه تعلم معنى الدولة فى خمسين سنة، الرئيس أتهم الأحزاب السياسية وسفه من شأنها، وأشار إلى إنشاء مركز لتدريب الكوادر الشبابية لكي ننشئ أحزاب سياسية تفهم وتعرف.
يجب أن تنتبه الأجهزة المعنية جيدا لخطاب الرئيس والقاموس الذي يستخدمه، اللافت للانتباه أن الرئيس يقسم بالله مع كل جملة لتأكيد صحة ما يرويه، كما انه دائم التفاخر بمعرفته لبواطن الأشياء، وكثيرا ما لا تنتهي بعض جمله إلى خبر مفهوم للعامة، أضف إلى ذلك إيمانه الواضح بالحسد، وقيامه بإخفاء بعض المشروعات لكى لا يحسدها أهل الشر، وتأكيده الدائم بأن ما تحقق لم يقدم منذ خمسين ومائة سنة، كما أن ما يتم انجازه متفرد ولن ينفذ مثله في العالم اجمع.
من الطبيعي جدا كما سبق وذكرنا أن يقع الرؤساء بشكل عام فى سنوات توليهم الأولى ببعض الأخطاء، خاصة الرؤساء أو الوزراء الذين ليست لهم خبرة بالعمل السياسي المؤسسي أو الحزبي، مثلما نتابع هذه الأيام مع الرئيس الأمريكي ترامب الذي لا يمتلك أية خبرة سياسية في التعامل والتخاطب، وكما سبق ورأينا مع الرئيس مبارك في بداية سنوات تولية الحكم، وقد ساعد الرئيس مبارك في تخطى هذه المرحلة بسرعة الفترة التي عمل فيها نائبا لرئيس الجمهورية. السياسة ليست كما عرفها الرئيس خلال حديثه بأنها مجرد كلام، السياسة علم له قواعده وأصوله ومناهجه.
كان على الأجهزة ألا توافق على ظهور الرئيس في هذه الصورة المتوترة، وكان عليها أن تقترح عليه عدم الخوض فى بيان تحالف الحركة المدنية، وترك معالجة الموضوع لبعض النخب ووسائل الإعلام التي تتبع الأجهزة، لأنه ليس من المنطقي أن يخرج الرئيس مع كل تصريح أو مقال أو بيان لحزب أو مجموعة معارضة ويهاجم ويسفه، ويهدد، ويخون، أو حتى يدخل فى سيجال معهم، الرئيس بالفعل يقدم، ويعمل، وينجز، ويحقق على أرض الواقع، والشعب يلمس هذا جيدا، لكن من حق المواطن أن ينتقد، ويقترح، ويرفض، ويعترض، ويقول رأيه بحرية دون أن نهدده أو نخونه أو نسفه مما يقول.
على أية حال الأجهزة المعنية مطالبة بأن تساعد الرئيس والبلاد قبل فترته الثانية على تجاوز هذه المرحلة.