أوقفوا الإعدام

أوقفوا الإعدام

خديجة جعفر

خديجة جعفر

20 يونيو 2017

 

أمر غير مسبوق يحدث في مصر ككثير من الأمور غير المسبوقة التي حدثت في خلال السنوات الأربعة الماضية. أحكام بالإعدام تصدر بالجملة على شباب في مقتبل العمر. فقد تأكد الحكم أمس الاثنين 19 يونيو بالإعدام على سبعة مواطنين اتهموا بارتكاب تفجير في استاد كفر الشيخ، في أحداث تعود وقائعها إلى 15 إبريل 2015.

 

وفي يوم الأحد الماضي 18 يونيو أحيلت أوراق 30 متهم في قضية اغتيال النائب العام إلى المفتي تمهيدًا للحكم بإعدامهم. منهم الشاب إبراهيم شلقامي، الذي تعرّض للإخفاء القسري، والشاب أحمد طه وهدان الذي ولدت ابنته في فترة اعتقاله، ومنهم الشاب أحمد محروس الطالب في الهندسة، والذي كان يساعد صديقه المعتقل أحمد بديوي في دراسته للهندسة، وهو المحبوس على ذمة قضية مسجد الفتح، وأسماء أخرى كثيرة.

 

وفي يوم الخميس 8 يونيو، أقرّت محكمة النقض الحكم النهائي بالإعدام على ستة من شباب المنصورة، من شباب الإخوان المسلمين حسبما يتناقل في مواقع التواصل الاجتماعي. منهم الشاب أحمد الوليد، والشاب إبراهيم العزب، وغيرهم.  اتهموا بقتل حارس قاضي الرئيس الأسبق محمد مرسي، واستنفدوا جميع درجات التقاضي.

 

ثلاث وقائع لأحكام بالإعدام تتفاوت في درجة التقاضي حدثت كلّها فيما يقلّ عن أسبوعين اثنين.

 

شيء غريب يحدث، تزايد كبير لعنف القضاء، وسابقة قضائية سياسية لم تحدث في مصر من قبل. لم يحدث في مصر من قبل أن أحيلت أوراق متهمين بالجملة إلى المفتي تمهيدًا للإعدام، ولم يحدث أن أيدت أحكام الإعدام هكذا بالجملة على شباب في مقتبل العمر.

 

ليس هناك داعٍ للتنبيه على جور وظلم هذه المحاكمات، وهي التي بدأت بخطف وإخفاء معظم متهميها، وانتزاع الاعترافات من المختطفين والمخفيين تحت وطأة التعذيب. في تصوير في قاعة المحكمة، يقول القاضي للمتهم: "لكنك اعترفت" فيرد المتهم: "هاتلي صاعق كهربائي وأنا أخليك تعترف بأنك قتلت السادات".

 

هناك شيء آخر غريب يحدث، وهو أنّ الناس لا تهتم بهذه المظلمة الشديدة. عامّة الناس لا تعرف شيئًا مطلقًا عن القضايا السياسية التي تحدث في أروقة المحاكم، ولا يعرفون شيئًا بالضرورة عن قضايا شديدة الظلم مثل المحكومين بالإعدام. أمّا أوساط المسيسين من منظمات ونشطاء فهي لا تهتم بالقدر المماثل للحدث الجدل. تولي بعض الاهتمام، نعم. ولكنّه اهتمام غير متناسب مطلقًا مع عظم ما يمكن أن يحدث. أمّا الإعلام المستقل، فكثيرًا ما ترد هذه الوقائع كأخبار عابرة لا تستحق المتابعة المطوّلة والمستمرة. بل في أحيان كثيرة، تُعطى كثير من القضايا السياسية الأقل درجة في الانتهاك والظلم مستوى أكبر من الاهتمام والتغطية الصحفية والتوثيق الحقوقي. في حين تلقى قضايا الإعدام الأقل كثيرًا من التغطية والاهتمام.

 

تُرى إلى أين يأخذنا هذا العنف غير المسبوق من الدولة، وهذا الظلم غير المسبوق من القضاء، وهذا التخاذل الكبير للدوائر المعنية بالسياسة والحقوق في مصر؟ هل يمكن بالفعل أن نصحو يومًا لنعلم أنّ عددًا من الشباب البريء أُعدم تحت المقصلة؟ كيف يمكن تفسير هذا الظلم غير المسبوق؟ هل القضاة مقتنعون بالفعل أنّ أفضل إجراءات العدالة قد اتُخذت؟ هل هم مقتنعون بالفعل أنّ ستّة من الشباب تشاركوا في قتل شخص واحد؟ هل يمكن بالفعل أن يأتي اليوم الذي يعدم فيه العشرات، ثم نسمع عن براءتهم بعد تنفيذ قتلهم بحكم جائر؟ هل يمكن أن تستمر الحياة هكذا غير عابئة بمظالم العشرات؟ اللهم أجرنا.