
الرجل والجنس

كريم الشاذلى
23 فبراير 2017أخبرونا أن الرجل الشرقي لا يهتم إلا بالجنس، وأنه شهواني يفكر بنصفه الأسفل، ولا يريد من المرأة إلا نيل المأرب، وإرواء الشهوة.
لكنهم لم يخبرونا أن الرجل ـ كل رجل طبيعي ـ تحتل العلاقة الجنسية لديه أولوية عليا، وأن تحضره، ورقيه، وسموه، لا يعني أنه لا يفكر في الجنس، وإنما دور الرقي هنا أن يدفعه للتفكير في الجنس بشكل أقل أنانية وأكثر شاعرية!.
للأسف، حكايات ألف ليلة وليلة، وكتب مثل (الأغاني للأصفهاني) واشعار أبونواس اتخذها البعض دليلاً على شهوانية العربي الأول، ومد بعضهم الخط على استقامته كي يعمموا الفكرة، مطالبين المرأة أن توقف هذا الحيوان الأرعن عند حده، ووضع القيود والشروط على ممارساته الهمجية، وهنا بدأت المشكلة في الظهور.
ارفضي أو اقبلي لكنها الحقيقة .. الجنس أهم ثان شيء يحتاجه الرجل كي يستطيع العيش بعد الأكسجين!
في كتابة ( فكري كسيدة وتصرفي كرجل ) للإعلامي والكاتب "ستيف هارفي" ينبه الرجل ـ الغربي بالمناسبة ـ المرأة بأن أي رجل لا يستطيع أن يصبر على الجنس، سيتحملك إذا كان يحبك وقت تعبك وتمنعك، لكنه لن يكترث بك إذا لم يكن لكِ رصيد بقلبه وسيبحث عن مراده هنا أو هناك!.
ويضيف "هارفي" ـ صاحب أشهر برنامج إذاعي متخصص في العلاقات في أميركا ـ : نحن الرجال نحب ممارسة الجنس، ليس على كوكب الأرض شيئ رائع مثله، نريده دائما وفي كل وقت، يمكنك أن تأخذي منزلنا، وظيفتنا، سيارتنا، أو أي شيئ تريدينه ولكن أرجوك لا ترفضي ممارسة الجنس معنا!.
شكرا سيد "هارفي" يكفينا ما قلت ووزع منه أكثر من 5 مليون نسخة وترجم لثمان لغات، شكراً على تأكيدك لنا أن ليس الرجل الشرقي فقط هو الذي يحب الجنس ويطلبه، شكراً لأنك أخبرتنا بما نعرفه ونخجل من التعبير عنه، أخبرتنا أن الجنس بالنسبة للرجل احتياج جسدي مُلح، وأن لا شيء أكثر خطورة من العبث باحتياجات الرجل!.
غير أن مالم يعرفه "هارفي" أن مشكلة أهل الشرق مع الجنس أنهم لا يقيمون حوله حواراً جاداً، لا يجتمع الناس عندنا للحديث عن الجنس إلا لتأكيد الفحولة، أو تمريره عبر نكتة بذيئة أو قصة تشبع نهم الفضول، تجلب الضحك أكثر مما تجلب الفهم!
أزمتنا أن رجالنا يتصورون أن إقامة حديث جاد حول الجنس يعني أنهم ليسوا على ما يرام، والنساء يتصورن أن الكلام عن العلاقة وما تحب وما تكره دليل على قلة الحياء ..
وهكذا تضيع المتعة، وتكبر الهوة، وتترسخ لدينا فكرة أن الرجال أنانيون، وأنهم دون مستوى العاطفة والرقي.
لقد تحدثت كثيراً عن أهمية أن يفهم الرجل احتياجات المرأة، أن يعي جيداً أن الجنس بالنسبة لها غير مفصول عن المشاعر، وأنه بحاجة لأن يهتم بإرواء عاطفتها قبل أن يطلب ما يريد، حسناً، لقد جئت اليوم لأخبركم بشيء هام آخر، وهو أن الرجل يحتاج من المرأة شيئين في غاية الأهمية ( الدعم النفسي ـ الدعم الجسدي).
الدعم النفسي تكلمنا عنه كثيراً، أما الدعم الجسدي فهو أن يشعر بأنه مقبول في معظم أحواله، وأن احتياجه للجنس مفهوم، وأنه لا يحتاج إلى جهد كي يصل إلى مراده!.
أكرر، على الرجل أن يهتم بمشاعر المرأة قبل أن يصل إلى مبتغاه، وقديما قالوا "يجب أن تفتح قلب المرأة قبل أن تفتح غرفة النوم"، حسناً علينا أن نكمل المعادلة ونقول "عليكِ أن تفتحي غرفة النوم كي تفتحي قلب الرجل"، ليست شهوانية ولا غلبة النزعة الحيوانية، إنها فطرة زرعها الله في آدم، ومع نصحي له بأن يمهد للعلاقة، إلا أنه سيحتاج في بعض الأوقات أن يأتي بلا تمهيد، نزعة الاحتياج قد تكون غالبة، سيختصر كثير من المسافات كي يصل إليكِ، أرجوكِ، لا تصعبي الأمر عليه.
لم أر رجلاً يخون زوجته مع أخرى لأنها تطبخ أفضل، أو تهتم ببيتها بمهارة أكبر!
أرجوك، حاولي ألا تستخدمي الفراش كجزء من إعلان غضبك وتمردك، مقبول أن تتمنعي مساء بعدما أغضبك في الصباح، لكن من غير المقبول أن يقترب منك في اليوم التالي فتشيحي عنه مؤكدة أنك لست "تحت الطلب" وأن عليه أن يتعلم الدرس أولاً!.
شخصياً، لم أر رجلاً يخون زوجته مع أخرى لأنها تطبخ أفضل، أو تهتم ببيتها بمهارة أكبر، لكني رأيت كثر يتركون المرأة التي تزوجوها ويذهبون لأخرى، لأن هذه الأخرى أشعرتهم أنهم كبار، أنهم مقبولين نفسياً وجسدياً في كل أحوالهم.
ارفضي أو اقبلي لكنها الحقيقة .. الجنس أهم ثان شيء يحتاجه الرجل كي يستطيع العيش بعد الأكسجين!