ترامب.. الشخص المناسب في الوقت المناسب

ترامب.. الشخص المناسب في الوقت المناسب

نعيمه أبو مصطفى

نعيمه أبو مصطفى

10 نوفمبر 2016

في مفاجأة غير متوقعة استطاع الحشد الشعبي الأمريكي وليس العراقي ولا الإيراني أن ياتي بـ دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري صاحب التصريحات والأفعال العنصرية المرفوضة من المجتمع الأمريكي قبل غيره.

 

استطاع الحشد الشعبي الأمريكي وليس العراقي ولا الإيراني أن ياتي بـ دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري.

 

نعم بعد سباق رئاسي استمر حوالي 600 يوم استطاع ترامب الوصول إلى البيت الأبيض بفضل حشده الشعبي، والولايات المتأرجحة، ليصبح بذلك الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية، بعد تفوقه على منافسته مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون.

 

رفض ترامب الهزيمة قبل ظهورها وهدد بالطعن في النتائج. لأن كل التوقعات كانت تشير لفوز كلينتون، فهل ستقوم كلينتون بالطعن على نتائج هذه الانتخابات كما هدد ترامب في حال فوزها؟. وعودة الحزب الجمهوري للحكم تذكرنا بحربي الخليج الأولى والثانية، وتذكرنا بتزاوج المال والسلطة لأن ترامب رجل أعمال وسوف يحصد المزيد من المال العربي لشراء بعض المواقف والقرارات الشخصية

 

هو بالفعل حدث تاريخي استثنائي كما وصفه هذا العنصري الذي تمني أن يقضى ثماني سنوات على قلوبنا وعقولنا ليحدد مصير العالم، ويعبث بأمن الشعوب كسابقيه من رؤساء هذه الولايات المتحدة، التي ظهرت على البشرية منذ عام 1783، حيث كان سكان أمريكا مواطنين بريطانيين يعيشون في مستعمرات مثل التي يعيش فيها الصهاينة في فلسطين، وفرضت عليهم بريطانيا الضرائب بهدف زيادة دخل الموازنة، وتمردوا عليها عام 1773، ورفض سكان مدينة بوسطن دفع الضرائب لبريطانيا مقابل استيراد الشاي، وضريبة السكر، وضريبة الدمغة(الطوابع)،لأن الأمريكيين كانوا يرون أنهم غير ملزمين بدفع أية ضريبة لم يشاركوا في إقرارها عن طريق مجالسهم المنتخبة، طبعاً لا نستطيع المقارنة هنا بين فرض الضرائب على المواطن الفلسطيني تحت الاحتلال لأنه لا وجود لسلطة حقيقية تدافع عن حقوقه كما فعل الأمريكان بالبريطانيين.
 

 وفي يوليو 1776م أعلن المجلس القاري الرابع الاستقلال عن بريطانيا مكونا الولايات المتحدة الأمريكية، واستمرت بعد ذلك الحرب الطاحنة بين أمريكا وبريطانيا حتى انتصر الأمريكان في 1781م في معركة يوركتاون بفرجينيا، ثم وقَّع الطرفان معاهدة فرساى في 1783 م وكانت بمثابة إعلان بنهاية الثورة الأمريكية.هذا تاريخ نسرده الآن للعظة، لعل السلطة الفلسطينية وغيرها يتعلمون كيفية الاستقلال عن هذه العصابات.

 

نعود لترامب وأهم ما يميزه تصريحاته عن الدين والعرق التي تعد دعوة مباشرة للعنصرية، والتفرقة بين البشر بحسب العرق والدين، حيث صرح كثيراً عن رغبته في إطلاق مبادرات مماثلة لتلك التي تطلقها الحكومة البريطانية في إطار محاربة داعش تشمل إغلاق بعض المساجد. وفى أحد خطاباته دعا إلى منع المسلمين من دخول أمريكا، عقب حادث إطلاق النار في ولاية كاليفورنيا، وأنه سوف يحجم عدد الجاليات المسلمة، وسيضع لها قاعدة بيانات خاصة من شأنها تحديد هوية خاصة للمسلمين المقيمين في أمريكا ليتم تمييزهم عن باقي أفراد المجتمع وهو نوع من أنواع التمييز الديني العنصري.

 

وهذا التمييز تقدم به بعض الدول العربية تجاه بعض الأشقاء العرب لتيميز المواطن من المغترب أو اللاجئ علماً بأن هؤلاء عرب وأشقاء والأخريين أصحاب جنسية واحدة، ولكن سياسة التمييز والعنصرية لادين ولا جنسية لها. وكالعادة سارع بعض مؤيدي هذا الترامب ووصف هذه التصريحات بأنها شعوبية أي لحصاد الأصوات.

 

لم نحزن لفوز هذا العنصري وخسارة الحرباء الأخرى كلينتون لأنه لا فرق بينهما سوى أنها محنكة سياسياً، وهو جهوري غير متمرس سياسياً، وكلاهما ينضح بالعنصرية تجاه العرب، وكلاهما يضع مصلحة العدو الصهيوني في المقام الأول لكي يضمن مصلحة أمريكا.وتغيير الرئيس الأمريكي لا يغير في السياسة الأمريكية كثيراً لأنها دولة مؤسسات لا حكم مطلق للفرد أو الزعيم. ومن سمات النازي الجديد ترامب أيضاً، التحرش بالنساء، والتلفظ بألفاظ بذيئة، ولقد شاهدناه وهو يتوعد كلينتون بوضعها في الحبس حال فوزه في الانتخابات. أتمنى أن يفي بوعده؟

 

لقد تم استخدام لغة العصر السائدة في العالم كله أثناء فترة الانتخابات وهي لغة البذاءة و التطاول بين المرشحين، وهذه هي اللغة الدراجة بين معظم الساسة والإعلاميين والأعمال الفنية، والتعليم...الخ من مجالات الحياة حيث اختفي التذوق اللفظي للكلمات كما اختفى الأمن والأمان بين البشر، ويوميا ترتفع لغة الحدة، والتشنج، والعنف، والغطرسة. وهذه الحالة هي جزء من التحولات التي يشهدها العالم الآن

 

ترامب أعلن في حالة فوزه سوف يلغي الاتفاق النووي مع إيران وهذا الاتفاق مرتبط بمجموعة الخمسة +واحد، وليس بين إيران وأمريكا وحدهما، لا علاقة بمشاعر الكراهية التي يحملها اليهود وترامب ضد إيران بغض النظر عن هذا الخطاب السياسي البغيض الذي صدر عن شخص مثل ترامب لم يعتاد عليه العالم من رئيس الولايات المتحدة. علما بأن إيران محل تجاذب بين روسا والصين للتأثير على أمريكا التي تسعي الأخيرة لبث الفرقة بين روسيا و الصين التي تعد حالياً مع إيران رمانة الميزان للعالم، أن مالتا يساراُ أو يميناُ فاز من تميل لصالحة. عموماً سوف نرى من هذا الشخص كل ما هو سيء ليرتفع به رصيد أمريكا السلبي تجاه العرب.

 

لماذا ترامب هو الشخص المناسب في الزمن المناسب؟ لأن ترامب تربطه كيمياء خاصة بينه وبين بعض الزعماء العرب فهناك توافق كبير بين هذا الشخص وبين ما يحدث في المنطقة العربية تحديداُ من سياسات غير متزنة أدت إلى تدهور معظم الدول العربية.

 

لم نحزن لفوز هذا العنصري وخسارة الحرباء الأخرى كلينتون لأنه لا فرق بينهما سوى أنها محنكة سياسياً.

 

نعلم جيداً أن العالم يمر بفترة تاريخية شهدت وستشهد تحولات سياسية وجغرافية كبيرة، وهذه التغيرات قامت على يد شخصيات غير عادية، لذلك ليس غريب أن يأتي ترامب شخص غير مناسب لقيادة أكبر دولة في العالم ليتوافق مع هذه السياسات غير العقلانية الحالية التي تسود المنطقة، ولكي يذهب بنا جميعهم إلى مرحلة تدهور وانهيار تام للمنطقة العربية تحديداً، وأهم هذه التغييرات هو الدعم الكامل والتام للعدو الصهيوني ومن يعاونه في المنطقة.

 

فإذا كان للعرب بارقة أمل في استرداد فلسطين عن طريق المفاوضات فجاءهم تراب للقضاء على هذا الأمل الوهمي الذي اصطنعوه لتنويم شعوبهم.

 

صباح الخير يا عرب.