صعلوك العائلة
نعيمه أبو مصطفى
06 يناير 2017
في كل عائلة، وفي كل مجتمع، وفى كل دولة.. هناك مجموعة من الصعاليك الذين يسيئون للمجتمع الذي ينتمون إليه، وتختلف درجة الصعلكة مع درجة المنصب أو المكانة، بمعنى أنك قد تجد صعلوكا بدرجة وزير، أو سفير، أو دكتور جامعة، أو منصب أمني رفيع، وأنا أحدد هذه الفئات المتميزة لأن درجة الصعلكة فيها غير متوقعة، ونشهدها بدرجة أكبر في هذه الفئات أكثر من غيرها.. على سبيل المثال الفئات غير المتعلمة، وغير المثقفة تتوقع منهم تصرفات وسلوكيات غريبة على المجتمع، وغير لائقة، وتتنافى مع القيم والأخلاق. أما هذه الفئة المتعلمة تعليم ممتاز، وتتقلد مناصب مهمة يظهر بها سلوكيات أشد تدني من الفئات التي لم تنل حظا من التعليم و الثقافة.
لذلك لا أقوم بتقييم الأشخاص حسب شهاداتهم، ودرجاتهم العلمية والوظيفية، بل أفضل التقييم الأخلاقي، وهو الأدق والأفضل بالنسبة لي، وهذا التقييم ناتج عن تجارب شخصية ورصد لسلوكيات المجتمع الذي نعيشه.
منذ يومين تعرضت لواقعة كشفت لي عن صعلوك جديد في العائلة لم أكن أعلمه، سوى بالاسم، ولم يسبق لي أن رأيته، وللأسف يعمل في مؤسسة محترمة تم تلصيمه فيها عن طريق الواسطة والمحسوبية المنتشرة في مجتمعاتنا العربية، ولم ينتسب لهذه المؤسسة نتيجة مجهوده، أو مهاراته، أو شهاداته، وهذا الصعلوك الذي طفح سلوكه السىء على العائلة بإكمالها كاد أن يتسبب في أزمة كبيرة بين المؤسسة التي يعمل فيها وبين عدد من المؤسسات التي أنتمي إليها لولا تدخلي وتدخل بعض زملائي لاستيعاب الموقف، واستبعاد هذا الصعلوك من مكان تواجدنا، وحتى بعد أن حاول الاعتذار للمجموعة لم يتم قبول اعتذاره لأن السلوك المتشرد التي طفح علينا فجأة من شخص لا نعرفه هو سلوك مشين، ولا يتناسب مع ممثل مؤسسة محترمة كالتي تم دعوتنا إليها. ولكن هذا الصعلوك ما أن علم بوجودي تحول إلى قرد يعاني من خازوق دب في مؤخرته، وأخذ يصرخ كالفجار يصدر توجيهاته هنا وهناك بدون سبب ليقول لنا أنا هنا أنا موجود، وليثبت لي وللجميع أنه صعلوك بدرجة امتياز، ولم يعلم أن الكل يراه قرد، وأن رائحته العفنة سبقت سلوكه الوقح، وأن سيرته معروفه للجميع، وأن اسمه يرد ضمن قائمة اللصوص.
صعلوك العائلة يتضخم بفعل دعم عدد من صعاليك العائلة الذين ينتهجون نهجه، ولا يتصدون لسلوكياته الشاذة، منهم من يخشى على غضب المقربين من هذا الصعلوك فيدعمونه بالصمت أحيانا، وبالنفاق أحياناً أخرى. والغريب أن هؤلاء الصعاليك بمجملهم ينصبون أنفسهم عمداء العائلة بدون ترشيح، ولا انتخابات تجد صعلوكاً قد ظهر ليقول لك أنا عمدة.....أو شيخ قبيلة...أو مختار...ولا تعلم من أين أتى؟ ولا من رشحه؟ وما هو تاريخه؟. ونتيجة هذا النفاق و التدليس نجد الأجيال الجديدة النقية لا تعترف بمن يزعمون أنهم كبار العائلة.
وهناك العديد من الوقائع المماثلة التي نتعرض لها جميعا من أشخاص أبعد ما يكون في مخيلتنا أن يصدر منهم تصرفات مثل السرقة، والنصب، والاحتيال، خيانة الأمانة، وسرقة مجهود الغير...الخ، فالصعاليك لا تهتم بما يدخل بيوتها من مال حرام، ولا يبالون بما هو معد لهم في النهاية.
وهؤلاء الصعاليك يتنقلون بين درجات الصعلكة التي تتاح لهم، وغالباً ما يحاط بهم عدد لا بأس به من الصعاليك لحماية هذه الانحرافات السلبية، وتنميتها، للحفاظ على المصالح الخاصة بمجتمع الصعاليك.
ولو انتقلنا من صعلوك العائلة، وذهبنا إلى صعلوك الدولة نجد نفس الصعلوك قد تقلد منصب مهم يصل إلى درجة رئيس دولة، أو معارض للنظام، أو متاجر بالآم ومعاناة الشعب، ويقوم بمضاعفة تصرفات وسلوكيات الصعلكة التي مارسها على مستوى العائلة، والمجتمع المحيط به لتتشعب وتتكاثر، وتتحول إلى المتاجرة بالدماء والأوطان، ونصبح أما منظومة فساد، أو دولة فساد كل ما فيها فاسد متعفن لا يمكن تنقيته.
ونجد على الجانب الآخر أتقياء العائلة أصحاب اليد البيضاء، وتعرفهم من سلوكهم المعلن أو الخفي، ومن سمات هؤلاء.. خفيض الصوت، مهذب، ينتقى كلماته، حريص في سلوكياته، لا تقصده في شيء ويردك، ولا يستثمرك ليصعد على كتفيك، ولا يغتابك، ويتمنى لك كل خير، وتجده أول المحيطين بك وقت الشدائد.
وعلى مستوى المؤسسات نجد هؤلاء الأتقياء عليهم سخط المدير أو الرئيس بسبب تصديهم لفساده، وصعلكته المكشوفة و المستترة، ويفقدون كثير من حقوقهم جراء مواقفهم الصلبة في وجه الباطل.
ومع أن هذه الفئة أصبحت نادرة الوجود إلا أنها موجودة، وستبقى لكشف الصعاليك، ويجب على كل فرد اكتشاف الصعلوك المقرب منهن وهذه رسالة إلى صعلوك كل عائلة، لا تحول تنظيف ما علق بك من قاذورات على حساب أنقياء عائلتك لأنك ستبقى صعلوك ما لم تنظف نفسك بنفسك.