
زلزال الانقسام يضرب أمريكا

نعيمه أبو مصطفى
02 فبراير 2017اقترنت كلمة الانقسام بالقضية الفلسطينية في العصر الحالي أو تحديداً خلال آخر عشر سنوات منذ العام 2007، وذلك نتيجة الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، وقامت القيادات العربية بغسل يدها من مسؤوليتها تجاه فلسطين، وتوجيه اتهام للفلسطينيين بأنهم السبب في تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية ولا زال هذا الاتهام قائم، ولكن بشكل أخف قليلا لأن معظم الذين وجهوا الاتهام للفلسطينيين تعاني دولهم من نفس الانقسام وإن كان بصورة أشد واكبر.
وتلى الانقسام الفلسطيني تفكك وانقسام لمعظم الدول العربية، وتم تنفيذ مخطط إعادة رسم جغرافية العالم العربي من جديد، والمفاجأة هي أن من وضع هذا المخطط لم يدر بخلده أنه سيصاب من هذا التغيير بصورة أو بأخرى، وظن أنه سيبقى أمنا إلى ما لا نهاية.
وكأن التاريخ يعيد نفسه، وكُتب على الأجيال الحالية أن تدخل آله الزمن التي يشاهدونها في أفلام الخيال العلمي.
ولم تكن المفاجأة في القانون الذي أصدره الإرهابي دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي27 كانون الثاني/ يناير في مقر وزارة الأمن (الداخلية) الذي يمنع منح تأشيرات الدخول واستقبال اللاجئين والهجرة، لمواطني 7 دول هي العراق، إيران، ليبيا، السودان، الصومال، سوريا واليمن وطرد المسلمين من أمريكا، ومنعهم من الدخول إليها، حتى المعترف بإقامتهم قانونا من حملة الجرين كارد، ومن تعاون مع الأمريكان أثناء غزو العراق، والعرب الذين ساهموا في تفتيت الدول العربية كل هؤلاء تم منعهم بحجة منع انتشار الإرهاب في أمريكا، فهذا أمر متوقع من شخص عنصري أعلن عن عنصريته مرات عديدة ولم يخجل منها، وأعلن تحديه للقوانين والأعراف الدولية، وتحدى جهاز مخابرات دولته بل قام بتهديده أيضاً.
وتأتي المفاجأة هنا في ردود الأفعال الأمريكية نفسها على هذا القرار، وما شاهدناه من انقسام أمريكي وصل إلى درجة استخدام العنف، وحرق مسجد للمسلمين، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم حرق مسجد للمسلمين في أمريكا من هذا الشعب الذي يتغنى بالديمقراطية والحرية، ونجده الآن انتهج نهج الدول النامية في اعتراضه على قرارات ديكتاتورية، عنصرية، ظالمة عندما طُبقت عليه، هذا الشعب الذي قبل أن يساند الظلم والعنصرية على شعوب العالم الثالث، انتفض ومارس نفس سبل الاعتراض التي يقوم بها العالم العربي، يا للغرابة!
وكأن التاريخ يعيد نفسه، وكُتب على الأجيال الحالية أن تدخل آله الزمن التي يشاهدونها في أفلام الخيال العلمي، وعلى مدار ست سنوات دخلنا عصر الحروب العالمية السابقة، وشهدت هذه الأجيال ما يشيب له الولدان من قتل وتقطيع أوصال وجثث ودماء سوف تستمر معهم هذه الصور لعشرات السنين وسوف يتم تدوينها في كُتب، وأفلام لتحكى للأجيال القادمة هذا التأريخ الدموي.
ويحضرني مئات الهجمات الشرسة على الإسلام منذ تاريخ إسبانيا الإسلامية وتحويلها إلى كاثوليكية، وصولاً إلى ترامب في 2017، الذي عاد بعجلة الزمان إلى عصور الظلام، كان ترامب قد وصف داعش بأنها تعيدنا إلى العصور الوسطي. ولم يلتفت لما قام به وماذا فعل بهذا القرار العنصري؟ طار بنا فوق السحاب وخصص لنا مقاعد على وجه القمر؟!. لقد تطابق هذا الإرهابي ترامب مع داعش في كل شيء.
والحديث هنا لا يتسع لسرد نظراء ترامب في العنصرية والإرهاب من الصهاينة ونكتفي بالعودة للأمس القريب عندما أعلن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني اليميني المحافظ أن المسيحية هي ديانة بريطانيا وفتحت الحكومة البريطانية تحقيقا رسميا حول أنشطة حركة الإخوان المسلمين بوصفها حركة إرهابية بناء على توصيات ومباركه من بعض زعماء الدول العربية التي تتناحر سياسياً مع الجماعات الدينية وتستنصر بالغرب على حساب الإسلام.
ولم يقف الأمر عند الانقسام الأمريكي فحسب بل وصلت الاحتجاجات والإضرابات والانقسامات إلى أوروبا، وإيران التي تم حظر مواطنيها، وعدد من دول العالم يأتي العرب في مؤخرتهم بجامعتهم العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم 57 دولة ولا يعرف عنها الشارع العربي سوى الاسم، والتي تأسست بعد حريق الأقصى في 21 آب/أغسطس 1969 للدفاع عن كرامة المسلمين، فكان من انجازاتها تهويد القدس، وحرق المساجد، وتشويه الإسلام، وأنصحهم بغلقها لعلنا نجد من يدافع عن الإسلام ومؤسساته بعدها.
ماذا عن العرب؟ هل سنشهد صحوة إسلامية أم تراجع إسلامي بحجة أن الإسلام تحت المنظار ولا نريد التحدث باسمه حتى لا نتهم بالإرهاب؟
شاهدنا خلال الأيام الماضية الانقسام الأمريكي في ثوبه العربي، وننتظر المزيد من الشعب الأمريكي الذي أبهر العالم بأفلام هوليود ننتظر أن يطبق ما صاغه في أفلامه على أرض الواقع ويثبت تفوقه على العالم العربي في خلع الديكتاتور الأمريكي كما يتغنى بتفوقه في كل شيء، وينتصر على هذا المهرج الذي وصل إلى الحكم بدعم من جماعات المافيا والبيزنس في أمريكا.... ويأتي السؤال ماذا عن العرب؟ هل سنشهد صحوة إسلامية أم تراجع إسلامي بحجة أن الإسلام تحت المنظار ولا نريد التحدث باسمه حتى لا نتهم بالإرهاب؟، وهل سنشهد صمت متواصل من المؤسسات والمنظمات الإسلامية؟ إلى متى؟
اعتقد أن ترامب لم يخجل عندما أصدر قرارا عنصريا لا يحتمل التأويل ولا الخجل، وهو شخص غير متدين فماذا عن المسلمين المتشدقين بالإسلام؟ وماذا عن الذين صمتوا على ضياع القدس وتهويدها هل سينتظرون لرؤية المسلمين محشورين في مخيمات على حدود الدول الغربية وأمريكا؟ هل سيسمح القادة العرب بخروج مظاهرات عربية للتنديد بهذا القرار أم أنهم سيخشون على مقاعد السلطة من الفوضى، ويقبلون بهذه المهانة؟.