
جزمة كمال.. ووجه عكاشة !

فتحى النادى
03 مارس 2016منذ أن خلع نيكيتا خروشتشيف حذاءه مهددًا به في الأمم المتحدة عام 1960، صار تقليدًا برلمانيًا يعبر عن العلاقة الوطيدة بين البراطيش وأصحابها ممن يجلسون على الكراسي.
وطبعًا لا يستطيع أحد أن ينكر الدور السياسي للبراطيش في حياة الشعوب، لا سيما وأن لنا منها نصيبًا وافرًا حتى تكاد أن تكون تقليدًا برلمانيًا نظرًا للسوابق التي حدثت من قبل في برلمانات سابقة وحوادث مشهورة أبطالها لا يزالون يعيشون بيننا الآن.
التهديد بالضرب بالحذاء ليس قاصرًا في ثقافتنا على الرجال ولكن يشاركهم في حب استخدامه لتخويف الخصم والتلويح به كسلاح النساء، بل أن الباحث المدقق سوف يجد أن النساء عندنا – وبالذات في البيئات الشعبية – يجدون في حذاء القدم مهما اختلف شكله وقيمته سلاحًا فعالًا في كسب المعارك التي يشتركون فيها وصارت روتينًا يوميًا لتسوية الخلافات أيًا كان نوعها.
ولعل ذلك قد ترسب في أذهان الأطفال الذين ينشأون في تلك البيئات ثم كبرت معهم الممارسة حتى صارت عادة، وانتشرت بعد ذلك لتغطي بيئات مجتمعية أخرى رأت في الحذاء رمزًا لتحقير الخصم والنيل من كرامته شأنهم في ذلك شأن الأمريكيين في استخدام لفظ مكون من أربعة حروف إنجليزية يستخدمه الكبير والصغير والمتعلم والجاهل والغني والفقير والرجال والنساء على حد سواء للتعبير عن الاندهاش والضجر وعدم الرضا والوعيد.
تعالوا نحلل ما حدث لعكاشة في المجلس من زميل له أراد أن يعبر عن قرفه من مقابلة عكاشة للسفير الإسرائيلي واستضافته في بيته وتسريبه لما دار بينهما في إطار رسمه عكاشة لكي يعكس غيرته على مصر ومصلحتها ومحاولته الاستقواء بإسرائيل لحل مشاكلها مع العالم الخارجي وحل مشكلة سد النهضة الذي أصبح أمرًا واقعًا نتيجة لخيبتنا وفشلنا الذريع في معالجة الملف الخاص ببناء السد والتهام المفاوض الإثيوبي للمفاوض المصري وانتزاع اعترافه واعتراف مصر بحق الإثيوبيين في بناء السد بالمواصفات وفي الوقت الذي حددوه دون مراعاة لمخاطره أو تأثيره السلبي على حق مصر في مياه النيل.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل ضرب كمال أحمد عكاشة بالحذاء اعتراضًا منه على ما حدث؟، أم لأن عكاشة أفلت لسانه بإهانة جمال عبد الناصر بأنه خائن؟، أو الاثنين معًا؟
قلت قبلًا إن عكاشة قد استفاد من فعلته كثيرًا كشخص، النائب اللي ضحك على أمة بحالها وساق الهبل على الشيطنة وأدى دورًا مرسومًا لكي يسهم بالقدر الأكبر في غسل عقول ضحايا كباريهات الإعلام.
لا شك أن ضحكه قد تحول إلى قهقهة وهو يتابع الضجة التي أثيرت عن استضافته للسفير الإسرائيلي في بيته ومحاولات سحب الثقة وفصله من البرلمان.
هذا البهلوان يعرف جيدًا ماذا يعمل فهو ضرب أكثر من 100 عصفور بحجر واحد: سيظل تحت الأضواء يؤدي نمرة الاستربتيز السياسي فترة طويلة، واكتسب شهرة وحصانة عالمية ومعها تأييد اللوبي الصهيوني، وأخيرًا لو حدث ووصلنا لحل في سد النهضة فسوف يدعي أنه صاحب الفضل في ذلك.
في كل الأحوال يستطيع أن يتعلل بأنه لم يخرج عن إطار اتفاقية السلام مع إسرائيل، وأن أكبر مسؤول في الدولة يقابل الإسرائيليين، لو كان ما صرح به عكاشه من قبل صحيحًا وأنه كان أداة لغسل عقول البسطاء من الناس فقد أثبت بالدليل القاطع أن ذلك هو أقصر طريق لتربية عميل مزدوج تحت سمع وبصر من هم المفروض فيهم أن يحاربوا ذلك ويمنعوا حدوثه.