اللغز المصري !

اللغز المصري !

وليد بدران

وليد بدران

03 مايو 2017

 

في الوقت الذي ترتفع فيه العديد من أسعار السلع الغذائية في مصر حاليا لدرجة أن بعضها مما يعرف بالغذاء الفاخر صار من الكماليات التي لا يقدر عليها سوى الأثرياء مثل الجمبري "الربيان" والاستكوزا، نجد أن الهدر مازال مستمرا من جانب المصريين فيما يتعلق ببقايا الطعام، بل والمذهل أنهم لا يقبلون على بعض الأطعمة الغنية بالمواد الغذائية والمتاحة أمامهم بأسعار زهيدة وربما مجانا! فبعض المصريين الذين يقبلون على الفسيخ، والذي يعد من وجهة نظر البعض "سمك معفن"، لا يتناولون الاستاكوزا، بل ويشمئزون منها!

 

يحدث ذلك رغم أن الاستاكوزا، التي لم أتناولها في حياتي سوى مرات معدودة نظرا لارتفاع سعرها بدرجة كبيرة، تعتبر وجبة الملوك والأمراء.

 

والحقيقة أن فوائد الاستاكوزا عديدة فهي مصدر للبروتين قليل السعرات الحرارية وغنية بقيتامين ب وأملاح الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم و المنجنيز ويمكن استخدامها كطعام فى صورة مسلوقة أو محمرة أو مشوية أو مدخنة فضلا عن شهرتها كمقوي جنسي.

 

لذلك كانت صدمتي ودهشتي لا حدود لها عندما وجدتها في قرية صغيرة من قرى البحيرة الوجبة المفضلة للبط.. نعم إن المزارعين في هذه القرية يشمئزون من تناول الاستاكوزا ويلقونها طعاما هنيئا مريئا للبط!! فيما يتناولون الفسيخ والرنجة والملوحة بشهية كبيرة!!

 

وهنا تطرح عدة أسئلة نفسها وهي أين تعيش الاستاكوزا؟ وكيف وصلت إلى تلك القرية الصغيرة في البحيرة والمطلة على النيل؟

 

من المعروف أن الاستاكوزا موجودة في المنطقة العربية في البحر الأحمر وفي العالم موجودة في مياه ولاية فلوريدا الأمريكية ومياه البحر الكاريبي وخليج المكسيك ويسمى بالاستاكوزا الشائكة ويصل عدد البيض الذي تضعه الأنثى الواحدة منها إلى أربعين ألف بيضة.

 

وتعطي البيضة عند فقسها كائنا يرقياً دقيقاً يبدأ جولة غير محددة المعالم هائماً في المياه المحيطة بموطن آبائه تستمر لمدة عام كامل يتعرض خلالها لعدد من عوامل الهلاك أهمها الافتراس فهو يمثل بنداً أساسياً في قوائم غذاء كائنات بحرية أخرى.

 

وتجدر الإشارة إلى أن الاستاكوزا من الكائنات البحرية التي تحب القاع نظيفاً مفروشاً بالحصى.

 

وكانت إحدى المزارع السمكية الخاصة في مصر قد استوردتها في ثمانينيات القرن الماضي وعندما لم تنجح تربيتها تم صرفها في مياه النيل فبدأت تظهر في منطقة الجيزة وجنوب القاهرة وحتى مدخل الدلتا وبمرور الوقت اتسع انتشارها وأطلق عليها الاستاكوزا النيلي.

 

وأعود إلى البط المحظوظ في تلك القرية حيث لاحظت أنه يتمتع بحيوية ونشاط غير متوفر لأقربائهم في المناطق الأخرى.

 

ومازال لغز المصريين الذين يتناولون الفسيخ بشهية كبيرة ويعرضون عن الاستاكوزا عصي على الحل في ذهني، وأعجز تماما عن التوصل لتفسير له.