هآرتس: ترامب يفرض على السيسي معادلته .. الدولار مقابل «الأجندة»
توقع "تسفي برئيل" محلل الشئون العربية بصحيفة "هآرتس" أن تتكشف كواليس ما تم خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لواشنطن ولقائه الرئيس دونالد ترامب، بعد انتهاء الزيارة، عبر خطوات قد تكون مفاجئة يشارك فيها الرئيس المصري لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تتضمن ممارسة ضغوط على الرئيس الفلسطيني وتوطيد "العناق" العربي لإسرائيل.
واعتبر في مقال بعنوان "لقاء ترامب والسيسي.. مستشار الشرق الأوسط يزور البيت الأبيض" نشرته الصحيفة الثلاثاء 4 أبريل، أن الرئيس الأمريكي يسعى لتطبيق معادلة جديدة تقضي بأن على كل من يتلقى الأموال من الولايات المتحدة أن يدفع بالعملة السياسية.
وطرح "برئيل":عدة أسئلة تركها دون إجابة، هل سيكون السيسي مستعدا لعقد قمة مشتركة مع نتنياهو؟ هل يمكن عقد قمة بمشاركة نتنياهو وعباس وملك الأردن والسيسي؟ هل الدول العربية وتحديدا مصر والسعودية، على استعداد لصياغة مبادرة جديدة تتضمن ضم أجزاء من المستوطنات والقدس الشرقية لإسرائيل؟ هل ستوافق مصر على تدفئة علاقاتها مع إسرائيل؟ وكيف يمكن أن تساهم مصر في حل مشكلة غزة؟.
إلى نص المقال..
لا يحتاج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تصريح خاص لدخول الولايات المتحدة. لم تُدرج دولته في قائمة الست دول التي يُمنع مواطنيها من الحج لمكة الغرب، وهو معروف على أنه المفضل لدونالد ترامب.
الزيارة الرسمية الأولى للرئيس المصري بواشنطن، التي بدأت أمس بشكل رسمي في البيت الأبيض، هي ساعة الحظ للزعيم الشرق أوسطي. صحيح أن مكانة السيسي اعتراها الضعف على الساحة الدولية خلال العامين الماضيين، لكن كان من الواضح للسيسي قبل أن يصل لواشنطن للتطرق لقضايا سياسية ويحاول تحسين مكانة القاهرة، أن صداقة شجاعة مع الرئيس الأمريكي من شأنها أن تفيد في تقليص طوابير الخبز أمام المخابز الحكومية في بلاده.
بدأ الشرخ بين مصر والولايات المتحدة في عهد الرئيس حسني مبارك الذي تعامل بتشكك وباشمئزاز كبير مع الرئيسين جورج بوش الابن وباراك أوباما. اعتبر مبارك كلا الرئيسين جاهلين لا يفهمان الشرق الأوسط ويفتقران للمهارة والحكمة المطلوبة لإدارة الصراعات التي شلت الشرق الأوسط.لخمس سنوات لم يزر مبارك الولايات المتحدة رغم مغازلة واشنطن.
أما السيسي فلم يدعه أوباما أبدا، وتطلب الأمر عاما كاملا حتى اعترفت الولايات المتحدة بشرعية ولاية السيسي الذي أطاح بالإخوان المسلمين واستولى بالقوة على الرئاسة. سهلت الانتخابات التي فاز بها السيسي الأمر على الولايات المتحدة للقبول بنظامه، لكن الرواسب القاسية ظلت على حالها: بالنسبة لمصر وإسرائيل كان أوباما الشرير الذي عزز مكانة إيران وصديق الإخوان المسلمين.
رأت فيه كلتا الدولتين الزعيم الكاذب الذي يتحدث عن الحرب على إرهاب الدولة الإسلامية (داعش)، وإسقاط نظام بشار الأسد ودفع السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، دون أن يحرك ساكنا.
وهنا وصل ترامب. الطبطبة على الظهر التي منحها ترامب للسيسي- “الفتى الأسطوري"، مثلما سماه بعد لقائه به العام الماضي في نيويورك- كانت بمثابة بداية جديدة في منظومة العلاقات بين الدولتين.
بينما فضلت هيلاري كلينتون الحديث مع السيسي عن حقوق الإنسان، تحدث ترامب "عن الأمر" من وجهة نظر السيسي، الذي كان أول زعيم يهنئ حامل الراية الجمهورية على فوزه في الانتخابات.
عض الليبراليون في مصر أناملهم وناشطو حقوق الإنسان في البلاد، الذين يواجهون بالفعل الاعتقال، والسجن والتحقيق والملاحقة، فهموا على الفور أن الصداقة الجيدة مع أمريكا ترامب لن تأتي بأي خير.
وكما لدى جيراننا، في إسرائيل مصالح الليبراليين ليست بالضرورة نفس مصالح قائد الدولة. لدى السيسي ثلاثة تطلعات رئيسية من الولايات المتحدة: زيادة المساعدات الاقتصادية السنوية، وزيادة المساعدات العسكرية بهدف الحرب على الإرهاب، وتصنيف الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، وذلك من أجل إكمال حربه على خصومه السياسيين من الجانب الديني. ولترامب هو الآخر مطالبه- إذ يسعى لتدخل مصري أكثر فاعلية لدفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ويريد ضمان أن مصر لن تحيد شرقا تجاه روسيا وإيران.
الزيارة لواشنطن ليست فقط زيارة رسمية ودية، من النوع الذي يغمس فيه الرئيسان البسكويت الجاف في كأس شاي يتصاعد منه البخار. جاء السيسي لواشنطن بعد القمة العربية، التي "أشرف" على ما يحدث بها المبعوث الخاص لترامب جيسون جرينبلات، وبعدما تحدث ترامب مع الرئيس محمود عباس، والملك الأردني عبد الله والسعودي سلمان.
دخل السيسي البيت الأبيض بصفته رئيسا ومستشارا بارزا، يريد أن يسمع منه ترامب ليس فقط نصائح وتقديرات، بل أيضا مبادرات محتملة لدفع "الصفقة التاريخية" بين إسرائيل والفلسطينيين. هل الدول العربية وتحديدا مصر والسعودية، على استعداد لصياغة مبادرة جديدة تتضمن أجزاء من المستوطنات والقدس الشرقية كجزء من دولة إسرائيل؟ هل ستوافق مصر على تدفئة علاقاتها مع إسرائيل؟ وكيف يمكن أن تساهم مصر في حل مشكلة غزة؟ هذه فقط بعض المسائل الشائكة التي يتوقع أن تطرحها إدارة ترامب خلال زيارة السيسي للعاصمة الأمريكية.
نقل مسئولون بارزون في الولايات المتحدة في وقت سابق للقاهرة قائمة القضايا التي ستُطرح خلال الزيارة، وطالبوا السيسي بأن يأتي مستعدا، أي ليس فقط بآذان صاغية بل بأفكار عملية.
على سبيل المثال، هل سيكون مستعدا لعقد قمة مشتركة مع نتنياهو؟ هل يمكن عقد قمة بمشاركة نتنياهو وعباس وملك الأردن والسيسي؟ إذا ما طبق ترامب معادلته الذهبية، التي تقضي بأن على كل من يتلقى الأموال من الولايات المتحدة أن يدفع بالعملة السياسية، يتوقع أمام السيسي زيارة مثيرة للاهتمام. وهو ما يعني أن جوهر العمل سيبدأ بعد الزيارة، عندما يُطلب منه ممارسة ضغوط على الرئيس الفلسطيني وتوطيد العناق العربي لإسرائيل.
زيارة السيسي هي جزء من جولة مشاورات يجريها ترامب مع زعماء من الشرق الأوسط، من شأنها أن تفضي عن خطة أمريكية أكثر تماسكا تجاه المنطقة- كتلك التي لا توقفها فقط تدابير بناء الثقة تجاه الفلسطينيين أو وقف البناء في المستوطنات.
صحيح، الآن ترك ترامب المسألة السورية، وترك الحرب في اليمن لتتعامل معها السعودية، وغاب عن الساحة اليبية المشتعلة. على هذه الخلفية يتوقع أن يحظى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بالحنان الأمريكي كقضية رئيسية لترامب.
الخبر من المصدر..