في الذكرى الـ 50 للنكسة.. إسرائيل تكشف نقاشات الحكومة قبل احتلال القدس
بعد 50 عاما على حرب يونيو 1967 أماطت إسرائيل اللثام اليوم الخميس عن وثائق تلخص ما جرى خلال اجتماع الحكومة واللجنة الوزارية للشئون الأمنية في اليوم الثاني للحرب 6 يونيو، وهو الاجتماع الذي قرر فيه الإسرائيليون احتلال القدس بعدما أصبحت القوات الجوية المصرية في خبر كان خلال الساعات الأولى من الحرب.
بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وفي تمام الساعة 16:00 اجتمع أعضاء اللجنة الأمنية في تل أبيب، وافتتح رئيس الحكومة "ليفي أشكول" الجلسة قائلا :”كما هو معروف فإنّ العملية العسكرية التي انطلقت صباح أمس، توجت بنجاح هائل، بفضل قواتنا الجوية، التي ساهمت في ذلك النجاح بشكل غير مسبوق في كل حروب العالم". وأكد أشكول أن الوضع السياسي قد تغير :”في ضوء هزيمة الجيوش العربية، علينا بلورة خطة تضمن مكانة مناسبة لإسرائيل بالشرق الأوسط انطلاقا من سلام دائم وأمن على الحدود".
بعد استعراض الموقف، تطرق رئيس المخابرات العسكرية (امان) لإمكانية احتلال المدينة القديمة بالقدس، قائلا :”إذا ما تلقى الجيش الإسرائيلي تعليمات بدخول المدينة القديمة، ستكون هناك معارك، لكن لا أعتقد أن تكون معارك كبيرة. أغلب الظن أن عمليات قنص ستندلع من هنا وهناك. لم ندخل بعد للمدينة القديمة، ولم نتعامل معها، وفي الأثناء يغلب الهدوء هناك".
وزير العمل "يجال آلون" تطرق هو الآخر للقدس قائلا :”من الناحية العسكرية حُسم أمرها. فهي محاصرة ولا توجد بها قوات (عربية) كافية. من الناحية الأخرى، أعتقد أن تعليق احتلال المدينة القديمة يمكن أن يؤدي لتدخل دول خارجية ربما أيضا الفاتيكان وقتها سيكون من الصعب علينا القيام بذلك بما يخالف إنذار العناصر الخارجية". واقترح "آلون":تشكيل وحدات خاصة من عناصر مسئولة تحت إمرة قائد على دراية بالأمور السياسية وجعلهم يحتلون المدينة القديمة حتى الصباح".
وبحسب الوثائق دعا الوزير "مناحيم بيجن" للانتهاء من العملية على الجبهة الأردنية :”يمكن للجيش أن يأخذ، وقد - استخدمت كلمة "تحرير" -الجزء الشرقي من أرض إسرائيل الغربية. متى تكون أمامنا مثل هذه الفرصة؟ بدأ حسين القصف المدفعي، هل نأخذ قمة الجبل ونبقي في يده المدينة القديمة وما حولها؟ علينا أن نأخذ أرض إسرائيل الغربية الآن. في هذه المرحلة". ودعا "بيجن"الوزراء لاستخدام كلمة "تحرير "بدلا من "احتلال".
وزير الدفاع "موشيه ديان" بدأ حديثه بالقول :”أقترح عدم الدخول غدًا للمدينة القديمة وللقدس بشكل عام. هناك هروب للجيش (العربي) لأنهم يشعرون أننا قمنا بتطويقهم. أعتقد أنه يمكن أن تصبح القدس كلها بأدينا مع نهاية هذا الاجتماع".
وتابع :”من الناحية العسكرية يمكننا دخول المدينة، لكني أقترح عدم القيام بذلك لعدة أسباب. الأول عسكري. أعتقد أنه علينا الذهاب لشرم الشيخ ولا أريد التورط في حرب عصابات بالمدينة القديمة. إذا ما كان للحكومة رأي آخر، بضرورة دخول المدينة القديمة غدا، سنفعل ذلك، لكننا سنضطر للدخول في معارك عصابات وفرض حكم عسكري هناك".
وقال "ديان" إنه حال بقي الجيش الإسرائيلي في جبل المشارف والشيخ جراح "فسوف يأتي العرب بعد يوم أو يومين أو حتى مساء أمس، رافعين الرايات البيضاء، ويطلبون منا الدخول، وقتها سيحدث ذلك بدون رصاصة واحدة أو معارك".
وتطرق رئيس الحكومة "أشكول" لمسألة السيطرة على نحو مليون عربي فلسطيني بالضفة الغربية :”أفرق بين المدينة القديمة التي تضم 60 ألف نسمة، لأن المدينة القديمة هي الممر لأماكننا المقدسة وبين مليون عربي بالضفة الغربية، كيف سنسيطر على مليون عربي. تقول إنهم سيتوجهون إلينا. ماذا سيحدث لو توجهوا إلينا؟ احتمال من الاثنين، ألا تقبلهم، وقتها ستقول لهم "اذهبوا للأردن"، أو أنه يمكننا الاستقرار على التلال، ويبقون هم في أماكنهم".
في نهاية الأمر قررت اللجنة الوزارية الأمنية تأكيد احتلال التلال على الضفة الغربية لنهر الأردن، وتقرر عدم الدخول ليلا للمدينة القديمة بالقدس والاكتفاء في هذه المرحلة بتطويق المدينة من كل الجهات. وفقًا للقرار، إذا ما استدعت التطورات السياسية، فإنّ وزير الدفاع الإسرائيلي مفوض بإدلاء التعليمات لجيشه بدخول المدينة القديمة.
في 7 يونيو احتلت إسرائيل المدينة القديمة بالقدس، وهدد الاتحاد السوفيتي إسرائيل حال لم توقف إطلاق النار بشكل فوري، فسوف يقطع العلاقات الدبلوماسية معها. في الساعة 21:00 ليلا اجتمعت الحكومة الإسرائيلية التطورات العسكرية التي حدثت في هذا اليوم.
رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك "إسحاق رابين" أطلع الوزراء على مجريات القتال في الضفة الغربية :”بالنسبة للأردن والضفة الغربية. كذلك بالمدينة القديمة، ورغم توقف القتال، هناك عمليات قنص طوال الوقت، باستثناء مدينة الخليل التي لم تشهد معارك تقريبا. هنا أوجدنا إمكانية لمنح من يريد الفرار الفرصة، وللحيلولة دون قتال ضار. في أريحا توقفنا ولم نرغب في تفجير جسر اللنبي (جسر الملك حسين)، للسماح بفرار من يريد الهروب. أخبروني أن هناك عمليات فرار، بشكل عام تضم هذه المنطقة نحو مليون عربي. نفترض أن 100 ألف سوف يفرون".