إعلان حالة الطوارئ.. «جرح» جديد في شريان الاقتصاد المصري
ما بين تفجيرات بالنهار وإعلان لحالة الطوارئ بالليل أصبح الاقتصاد المصري فى وضع صعب وهو الخاسر اﻷكبر لكل ما يحدث بشكل مباشر وغير مباشر.
منع تدفق الاستثمارات الأجنبية الجديدة وتأثر الاستثمارات الموجودة بالفعل فضلا عن ضعف السياحة.. هى أبرز التأثيرات السلبية على إعلان حالة الطوارئ فى البلاد نتيجة تفجير كنائس طنطا والإسكندرية.
وتعتمد مصر بشكل أساسي على إيرادات السياحة لتوفير النقد الأجنبي، إلا أن سلسلة انتكاسات أبرزها سقوط طائرة روسية بالقرب من جزيرة سيناء، في أكتوبر 2015، راح ضحيته 224 شخصاً، دفع باتجاه مصاعب أخرى لصناعة السياحة المصرية.
وجاء إعلان حالة الطوارئ بينما تسعى فيه مصر الفترة الحالية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ودعم الاقتصاد لاستعادة عافيته من خلال تطبيق برنامج اﻹصلاح الاقتصادى الذى بدأت فى تنفيذه وبناء عليه وافق صندوق النقد الدولى على إقراضها 12 مليار دولار.
ويقوم برنامج الإصلاح على اعتماد سعر صرف مرن يكفل إلغاء التقييم المفرط للجنيه المصرى، وإعادة بناء الاحتياطيات، وتوفير هوامش أمان للوقاية من الصدمات الخارجية وتشديد السياسة النقدية لاحتواء التضخم.
وقرر الرئيس عبد الفتاح السيسي، إعلان حالة الطوارئ بعد استيفاء الإجراءات الدستورية والقانونية لمدة 3 شهور في مصر.
ووقع، أمس الأحد، تفجيران بكنيستين في محافظتي الغربية والإسكندرية، أسفر الأول عن وقوع 29 قتيلا و78 مصابا، بينما أسفر الثاني عن مقتل 17 شخصا بينهم قيادات أمنية وإصابة 48 آخرين، وفق تقديرات أولية لوزارة الصحة المصرية.
ويأتي التفجيران اللذان أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عنهما، بالتزامن مع احتفالات مسيحيي مصر بختام الصوم الكبير وصلاة أحد الشعانين (الأحد السابع والأخير من الصوم الكبير وبداية أسبوع الآلام) قبل الاحتفال بعيد الفصح أو القيامة الأحد المقبل، فيما أعلنت الحكومة الحداد الرسمي 3 أيام.
وتباينت آراء الخبراء حول إعلان الطوارئ حيث أكد البعض تأثيرها السلبى على الاقتصاد المصري وتدفق الاستثمارات الأجنبية الجديدة والسياحة بينما رأى البعض الآخر أن الطوارئ ستؤدى إلى استقرار اﻷوضاع اﻷمنية التى يحتاجها الاقتصاد والاستثمار.
نتائج سلبية
الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اﻷمريكية، قالت إن إعلان الطوارئ سيكون له نتائج سلبية على الاقتصاد والاستثمار فى حالة تمديدها لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر المعلن عنها.
وأضافت بكر فى تصرحات لـ"مصر العربية"، أنه لم يكن من المنتظر تدفق للاستثمارات خلال الثلاثة أشهر المقبلة بسبب عدم صدور التشريعات المطلوبةسواء قانون الاستثمار أو اﻹفلاس.
وأشارت أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اﻷمريكية، إلى أن هدف الإرهابيين زعزعة الاستقرار فى مصر لأنه الركن الأساسى للنمو الاقتصادى الذى ينتج عنه الاستثمار وإتاحة فرص العمل وزيادة الدخل القومي، مشيرة إلى أنه يجب علينا مواجهة ذلك بحزم وشدة فى الفترة المقبلة.
إعلان الطوارئ كارثى
وقال الدكتور ضياء الناروز، الخبير الاقتصادى، إن إعلان الطوارئ كارثى وسلبى على الاقتصاد فى المرحلة الحالية.
وأضاف الناروز، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن أبرز تأثيرات هذا القرار تتمثل فى منع أي تدفق للاستثمارات الأجنبية الجديدة والتأثير على الاستثمارات الأجنبية والمحلية القائمة بالفعل، فضلا عن التأثيرات على سعر الصرف وما تبقي من إيرادات السياحة.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن التأثيرات كثيرة ومتداخلة وكلها مبنية بعضها علي البعض، مؤكدا أن اﻷوضاع الحالية صعبة وأصبحت اﻷعمال اﻹرهابية متكررة وبشكل متطور ما يؤثر سلبا على الاقتصاد.
البورصة المصرية
وفى أول رد فعل على التفجيرات، تراجع مؤشر البورصة المصرية الرئيسي خلال جلسة تداولات أمس لينخفض السوق مدفوعا بقيمة تداولات 875.11 مليون جنيه، متأثرا بالتفجيرات الإرهابية.
وخسر رأس المال السوقى للبورصة المصرية نحو 6.9 مليار جنيه فى ختام تعاملات جلسة الأمس حيث بلغ 657.42 مليار جنيه، وانخفض السوق بضغط مبيعات المصريين والأفراد، فيما اتجهت تعاملات الأجانب والمؤسسات والعرب للبيع.
وأغلق المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية «EGX30» لأكبر 30 شركة من حيث الوزن النسبي على انخفاض بنسبة 1.55% في ختام التداولات ليغلق عند مستوى 12895.12 نقطة.
السياحة الخاسر اﻷكبر
الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادى، قال إن تفجيرات الكنائس فى طنطا واﻹسكندرية ومن ثم حالة الطوارئ سوف تؤثر بشكل سلبى على الاقتصاد المصرى وستضر بسمعة مصر.
وأضاف الدمرداش فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن التأثيرات السلبية ستكون فى عدة مجالات أبرزها السياحة التى ستتأثر بشكل كبير خصوصا بعدما وضعنا أملا على إعلان الولايات المتحدة اﻷمريكية منذ أيام أن مصر دولة آمنة.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن التفجيرات ستؤدى إلى الحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية التى تعمل الحكومة حاليا على جذب المزيد منها، مشيرا إلى أن الاقتصاد يحتاج إلى الاستقرار واﻷمن ولن يأتى إلينا المستثمرون طالما أننا دولة غير مستقرة نتيجة مثل هذه التفجيرات التى يقوم بها الجماعات اﻹرهابية.
التأثير مؤقت
خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، أكد أن الاقتصاد سيتأثر بالفعل مما حدث لأن رأس المال جبان ويحتاج إلى اﻷمن والبعد عن العمليات الإرهابية والمشاكل.
وأضاف الشافعى فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن التفجيرات ستؤثر سلبا على اﻷوضاع السياسية التى ترتبط بشكل وثيق باﻷوضاع الاقتصادية.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن الجانب الأكبر من التأثير سيكون على حجم الاستثمارات اﻷجنبية، ولكن ذلك سيكون بشكل مؤقت وليس على المدى البعيد، لأن اﻹرهاب موجود فى كل العالم ومن يريد الاستثمار الحقيقي لا يخاف من تلك اﻷعمال اﻹرهابية التى تنتشر حاليا فى مختلف الدول التى ليست بعيدة المنال عنه.
فرض السيطرة واﻷمن
في المقابل، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، إن إعلان حالة الطوارئ لن تؤثر على الاستثمار لأن الهدف من إعلانها تحقيق وفرض السيطرة واﻷمن وهو ما يحتاجه المستثمرون والاقتصاد بشكل عام.
وأضاف عبده، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن المستثمر يفضل دائما التعامل فى دولة تفرض سيطرتها على اﻷوضاع الأمنية وهو ما تسعى إليه مصر، مشيرا إلى أن القطاع الذى سيتأثر بهذا القرار بشكل مباشر هو السياحة على المدى القريب ولكن ستعود إلى حالتها الطبيعية مرة أخرى عند استقرار الأوضاع.
فيما قال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن تقاعس البرلمان في اتخاذ إجراءات جنائية، هو السبب الرئيسي وراء إعلان الرئيس عن حالة الطوارئ بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر اليوم من تفجيرات.
وأضاف النحاس في تصريحات لـ "مصر العربية"، أن اعلان الطوارئ رسالة طمأنينة للمستثمرين بأن هناك رد فعل للتفجيرات الأخيرة ولكن الاستثمار هو الخاسر فى المقام اﻷول من كل ما يحدث.
وتترقب مصر وصول بعثة صندوق النقد الدولي نهاية الشهر الجاري، للاطلاع على مجرى الإصلاحات الاقتصادية حيث تتوقع الحصول على الشريحة الثانية بقيمة 1.25 مليار دولار من القرض في يونيو المقبل، بعدما حصلت على الشريحة الأولى بقيمة 2.75 مليار في نوفمبر الماضي.
الدولار
الدكتورة نادية سالم النمر، أستاذة الاقتصاد بجامعة بنها، قالت إن هذه التفجيرات ستؤثر بشكل مباشر على الاستثمارات الأجنبية والمحلية معا، مضيفة: "لو كان فيه فرصة لانفراجة فى الاستثمارات الخارجية.. بعد اللى حصل النهاردة المستثمرين هيخافوا حتى المستثمر المحلى هيقلل من توسعاته الاستثمارية".
وأضافت النمر، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الاقتصاد يحتاج إلى أجواء مستقرة بعيدة عن اﻷعمال الإرهابية وبالتالى سوف يتأثر الاقتصاد المصري بهذه التفجيرات، إضافة إلى أنها ستؤثر على سعر الدولار لأنه مرتبط بزيادة الاستثمارات التى تؤدى إلى زيادة الإنتاج ومن ثم ينخفض الدولار ولكن بعدما حدث اليوم من المتوقع أن تقل الاستثمارات وبالتالى يرتفع الدولار بشكل نسبي.
وسجل أعلى سعر للدولار اليوم الإثنين، بالبنك التجارى الدولى، 18.10 جنيه للشراء، 18.20 جنيه للبيع، فيما سجل أقل سعر لصرف الدولار فى مصر فى أكثر من بنك جاء فى مقدمتها، البنك الأهلى المصرى بـ17.95 جنيها للشراء، و18.05 للبيع.