«بانون».. الرجل الأبيض خلف الرجل الأبيض!

«بانون».. الرجل الأبيض خلف الرجل الأبيض!

مها عمر

مها عمر

16 يناير 2018

بانون، الطباخ الجمهوري الشهير، له طريقة خاصة كجمهوري عريق في إعادة صناعة المزيد من "الترامبات"، ولكن هذه المرة كانت وجهته انتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي في ديسمبر/كانون الثاني الماضي حين أتحف الرأي العام الأمريكي بدعم القاضي روي مور المتهم بخمس حالات تحرش أفظعها تعود إلى العام 1982 حين اغتصب نادلة تعمل في أحد المطاعن المحلية في ألاباما، الصبية كان عمرها وقتها 16 عاما حين هاجمها القاضي المبجل مور، وأنهى اغتصابه وهو يقول لها بتشفٍ: "إن أحدا لن يصدقك".

 

الجمهور الأبيض الذي استعاده بانون في حملة دعم مور المدعوم أصلا من ترامب بطبيعة الحال، استقبله الجمهور الأبيض من العجائز وصغار السن، الذين أمسك أحدهم بالميكروفون على خشبة المسرح ليقول: "مبارك رجل الله القاضي مور، ندعمه ونمجد السيد المسيح" على عهدة النيوزويك التي وصفت المشهد بالمكان الذي يمتزج فيه الدين بالسياسة في حرية تامة.

 

رجل الله أو القاضي مور خسر الرهان الانتخابي أمام الديمقراطي دوج جونز، وبدا أن الله لا يدعم القاضي مور حقا، ولا يدعم أيا من أصحاب الخطاب الجمهوري في هذا المشهد.

 

الجمهوريون، الذين يسمون ما يقوم به بانون بالانتحار السياسي، ولا يحبونه، ذكرك الأمر كله بمشهد لبطله فان ديزل وهو يقول باستمرار لأصدقائه من الإيطاليين أعضاء جماعات المافيا: find me guilty  "أنا أحبكم يا جماعة" فينهرونه عن قول ذلك، لأنه لم يمنعه من توريطهم في القضايا والدعاوي في المحكمة، بانون هو فان ديزل في هذا الفيلم، ولكنه يحاول أن يبدو مقاتل شوارع، يهتف بالحقيقة، ويشجع اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري على السيطرة على الحزب من الداخل، ولكن هل تعلم الديمقراطيون الدرس؟

نعم، على ما يبدو، يتبع الديمقراطيون الآن سياسة "الخمسين ولاية" التي تضمن دخولا للديمقراطيين في الولايات الحمراء تماما (الجمهورية) وهي سياسة تجعلهم يحرزون تقدمهم على المدى الطويل في نتائج الانتخابات النهائية، صحيح أنهم أيضا تعلموا الدرس جيدا، من أن ترشح هيلاري لم يكن بالأمر المثالي لهم إلا أنه لا يبدو أن لديهم الاستعداد لارتكاب نفس الأخطاء.

بانون يبدو هدية سعيدة للديمقراطيين الذي شموا رائحة الطبقة البانونية لاستنتساخ ترامب في مجلس الشيوخ. ولكن هل من أمثلة أخرى على نوعية المرشحين الذين كان بانون يدعمهم في انتخابات مجلس الشيوخ.

 

واحد منهم هو الكريه تيد كروز، وهو ليس كريها لأنه عنصري فحسب، بل هو في عجرفة نيكي هايلي وصلافتها وجرأتها على الوقاحة، هو من أصل كوبي ولد فيكندا وكان واحدا من المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية في الفترة الماضية، وكان لمولده في كندا الأثر الأكبر في إثارة الشكوك والتساؤلات حول مدى أحقيته للترشح في السابق الرئاسي، على أي حال الصلف الأبيض الأمريكي معدِ. فكما تنكرت نيكي هايلي لأصولها الهندية، تنكر السيد كروز لأصوله الكوبية، ووصف التقارب الذي حدث بين أوباما والحكومة الكوبية بـ "الخطأ الجسيم الذي سيذكره التاريخ ".

 

كروز مثل ترامب، وكلاهما مثل بانون، يهاجمان الهجرة غير النظامية، ولا يبديان تعاطفا لدى اللاجئين، ويرون أمن إسرائيل أمر لا غبار عليه، ويرون أن الإجهاض والمثلية من الخطايا الكبرى التي يعيشها المجتمع الأمريكي الحالي.

 

سنرى الكثير من صنع بانون في الفترة القادمة خاصة وأنه كما مفتون بما فعله لورانس أوف أرابيا أو لورانس العرب، في أوائل القرن الماضي، حين وحد قبائل شبه الجزيرة العربية ضد السلطات العثمانية، وسلطاتها، بانون يرى ذات الاستراتيجية مناسبة جدا لتجميع الأجنحة المختلفة داخل الحزب الجمهوري، على صوفته الخاصة للبيت الأبيض، التي يرى أنها "تبيع جيدا "وشعارها "أمريكا أولا".