
على هامش كوكب الكوارث!

مها عمر
22 مارس 2018
مشاجرة تجري منذ عدة أيام، وعلى جانب كوارث الكوكب، بين أوفكوم، الجهة المنظمة لخدمة الاتصالات ومنصات الإعلام في المملكة البريطانية وآرتي لندن بوق بوتين الأثير في لندن.
منذ عدة أيام وفي أحد المطاعم في سالزبورج الهادئة تسمم العميل المزدوج سيرجي سكريبال وابنته يوليا، واتهمت السلطات البريطانية روسيا بأنها تقف وراء القصة، بل وصرحت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية أن غاز الأعصاب المستخدم هو نوفوتشيوك، وهو غاز أعصاب من الدرجة العسكرية تم تطويره في الاتحاد السوفييتي في السبعينيات.
بوتين، رجل روسيا القوي الذي أسمته مارجريتا سيمونيان رئيسة الآر تي المملولة من الكريملين إن بوتين لم يعد رئيسنا فقط بل زعيمنا مستخدمة مفردة (Vozhd) وهي مفردة من العصور الوسطى كانت تستخدم من أجل تمجيد الزعيم جوزيف ستالين.
بوتين يخطو برجله اليمين في روسيا بعد فترة رئاسية جديدة تضيفه إلى مقعد الرئاسة منذ العام 2000 وحتى اليوم، على رأس طبقة من الأوليغاريشية الأثرياء المستفيدين من وجوده حتى في لندن.
في تصعيد بين الطرفين، يبدو أن أوفكوم ستقوم بتقييم رخصة آر تي، لترى ما إذا كانت "لائقة ومناسبة" وهو ما أثار حفيظة الروس بشكل عام، حتى إن ماريا زخاروفا المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية قالت "لو تم سحب رخصة الآر تي في لندن فإننا لن نسمح بعمل منصة بريطانية واحدة على أراضينا"، ثم أضافت بزهو "إنكم لا تخيفوننا".
بعد الفوز وقف بوتين بين مؤيديه يتباهى بنظام الصواريخ النووية الروسية، التي تفوق في قدرتها نظيرتها الأمريكية ويقول ما مضمونه أنه لا يمكن تهديد دولة ذات سلاح نووي. تيريزا ماي استعادت فورا الحماسة الغربية التي تتبنى القيم، وحرية التعبير الخ، وهي تستنفر أوروبا.
بفستان أسود أنيق مكشوف الكتفين، كانت في إسبانيا في نوفمبر الماضي تقول ماي إن روسيا تدخل بقوتها التكنولوجية في تغيير نتائج الانتخابات واتفق معها راخوي، وطالبا معًا في مناسبات مختلفة أن يتم إحباطهما.
هل آر تي بوق روسيا حقًا؟ هذا هو ما يقوله الواقع منذ الحرب الجورجية، حيث حدثت استقالات جماعية بين صفوف المذيعين البريطانيين في آر تي لندن، حتى إن إحداهن وهي سارة فيرث، كتبت تقول: نحن نعمل مباشرة لدى بوتين، إنهم يطلبون منا إما أن نخفي الحقيقة تمامًا، أو أن نشوهها تماما".
وعلى الرغم من أن الساسة البريطانيين والإعلاميين الأمريكيين، من أول جورج جالاوي مرورا نايجيل فاراج، والاسكتلندي أليكس سالموند، وحتى لاري كينج، يقدمون برامج على الآر تي لندن، إلا أن روح الزعيم الخالد تظل مرفرفة في المكان، حيث السياسة المتبعة هي تناول قصص عن أزمات الشوق الأوسط وعن الغرب الذي يتراجع للوراء، هذا غير استضافة خبراء غير معروفين ليقوموا بالتحليل السياسي وفق هوى موسكو.
المشكلة التي يلفت نظرنا لها سيرجي سميروف أن الصحفيين المعارضين المستقلين الروس، هي أن سحب رخصة الآر تي لندن قناة روسيا في لندن، يعني سحب كل رخص الشبكات الأجنبية في روسيا، ويعني مزيدا من التنكيل بالصحافة الحرة في الداخل، وهي أجندة تتوافق مع الزعيم الذي يبدو أن سيظل إلى الأبد.
كرة الثلج قد تتدحرج حتى يتحول الاستخدام الرسمي للإنترنت إلى كوريا الشمالية، لكن روسيا لا تريد عزلة كتلك التي تعيشها كوريا. لكن كل السيناريوهات مطروحة للمناقشة.
المشهد الأكثر صفاقة يبقى مشهد السفير الروسي في لندن وهو يهدىء من روع الصحفيين بقوله: "نحن لدينا سجل نظيف. على الأقل نحن لم نغز العراق". وهو ما يعني أن ما تقوم به القوات الروسية في سوريا ليس غزوا!