
خليك فاكر.... مصر كبيرة!

منى النمورى
23 مايو 2014
حين تمشى فى ميدان رمسيس فى الصباح المبكر أو وقت العصر، حاول أن تتوقف لدقائق فى مكان آمن بعيداً عن مسارات الجموع الهادرة والسيارات والأتوبيسات ولو تيسر لك قف فوق كوبرى المشاة وانظر على الميدان من أعلى، وإن لم تكن من سكان القاهرة فأفعل مثل ذلك فى أقرب ميدان شعبى فى منطقتك . قف وانظر وفكر فى عدد البشر من حولك، أنظر على وجوههم وأجسامهم وطريقة مشيهم و تفكر فى الأمر. قد تأتيك أفكار مثل كيف تغير شكل المصرين الى هذا الحد مقارنة بوجوه الممثلين والكومبارس فى أفلام اللأربعينيات والخمسينيات والستيتنيات ، كيف صَغٌرَ حجم الرأس وكيف إنحنت الأجسام وتقوست وكأنها تكرمشت. وقد تاتيك أفكار مثل كيف يعيش كل هؤلاء البشر وكيف يدبون على الأرض وبم يحلمون وماهو مستقبلهم، وبعد أن تٌذكر نفسك أن لهم جميعا خالق أعظم تقدس أسمه وأنه كفيل بهم يرزقهم فى وقت واحد كما يسمعهم ويراهم فى وقت واحد، وبعد أن تتذكر أنك مثلهم تماماً سوى أنك إخترت أن تتوقف وتنظر، ربما..أقول ربما تأتيك فكرة عابرة عن حجم إختلافاتهم أيضاً فى الخلفيات والأفكاروالأحلام والخطط إن كانت هناك أيه خطط، وربما لو فعلت هذا فى خلال اليومين القادمين قبل إنتهاء الإنتخابات وظهور النتائج، قد تفكر فى ما الذى يظنه الرئيس القادم أياً كان عن المصريين الذى هو راعيهم قبل أن يكون رئيسهم، عن المصريين الذين هم فى رقبته قبل أن يكونوا فى عينيه. هل يعرف رئيس مصر القادم من هم المصريون حقاً؟ هل يعرف حياتهم فى الشوارع والميادين والعشوائيات والحوارى والقرى والنجوع والقبائل على الحدود؟ هل يعرف عن المصريين الذين أكل عليهم الزمن وشرب فأصبحوا مثل قطعة لحم قديمة تم مضغها ثم بصقها؟ والمرارة أنهم لايزالون يعيشون بعد أن نهشت مياة المجارى أجسامهم وأفسد التعليم الفاسد عقولهم، لايزالون يدبون على الأرض فهم كالموتى الأحياء أو الأحياء الموتى أو وحوش الزومبى فى أفلام الرعب..هل يدرك رئيس مصر القادم كم هى كبيرة مصر، مترامية، مختلفة البشر، والمصريون عوالم كثيرة يدور بعضها حول بعض فالزمالك يدور حول بولاق أبو العلا والمهندسن يدور حول أرض اللواء والهرم يدور حول العامرية والمعادى يدور حول المعصرة وهكذا دواليك، فقط لو أخذنا القاهرة الكبرى كمثل.
هل يعرف رئيس مصر القادم عن كريمة فى عشوائيات سفط اللبن؟ كريمة بنت شارع تحولت الى عاهر مدمنة كتبت عنها فى بوابة الوفد فى مثل هذا الوقت من عام 2012 حين كنا ننتظر أول رئيس بعد ثورة 25 يناير. وها انا ذا أسأل نفس السؤال بعد أول مرة بعامين، ليس لأنى مهووسة بكريمة، فالحق اننى لم أعد أعرف عنها أى شئ ولكننى أسأل عنها ثانية فقط لأن كريمة لا تزال هناك وأنها ربما تضاعفت فى العدد مئات بل آلاف المرات.
مصر جميلة ومصر أيضاَ كبيرة..خليك فاكر!