
البحث عن السعادة في 20 يومًا

نورا ناجي
05 سبتمبر 2016تقول شخصية ملونة بالأصفر والأحمر في التليفزيون المفتوح دائمًا على قنوات الأطفال من أجل ابنتي: "لقد وجد الجميع سعادتهم، فلماذا لم أتمكن أنا من ذلك؟".
تتنهد الشخصية الكارتونية في حزن، فأتنهد أنا أيضاَ معها، الحقيقة أنها تمكنت في النهاية من الحصول على السعادة بإيجاد الأصدقاء الحقيقيين في نهاية الحلقة، لكن الأمر ليس بهذه البساطة في الواقع، فأحيانًا ما تكون المشاكل أكثر تعقيدًا وخطورة، مثل مثلًا عدم التمكن من وضع أيدينا على السبب الحقيقي في عدم الشعور بالسعادة.
كنت أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي سببًا من أسباب ذلك، لذا أدخلت نفسي تحدي الثلاثين يوم بلا فيسبوك، والحقيقة أنني أكملته بنجاح لمدة 10 أيام، ثم اضطررت لفتحه من جديد لنشر مقال هام ورائع، الأمر الذي أعادني من جديد إلى نقطة الصفر، لأكمل 10 أيام جديدة بلا فيسبوك، ولا أزال غير قادرة على إيجاد السعادة الحقيقية التي أريدها.
في الواقع، التلصص على الآخرين عبر الفيسبوك كان مسليً جدًا، البشر مسليون فعلًا، والابتعاد عنهم يزيد من الحزن والاكتئاب حتى لو كانوا سخفاء وكذابون ومحتالون وغير موثوق فيهم.
مثلًا، ضبطت نفسي أتابع بشغف برامج الواقع العجيبة على القنوات الأجنبية، الابتعاد عن شبكات التواصل الاجتماع يجعل من عائلة كاردشيان عائلة مثيرة للاهتمام فجأة، أتابع مشكلة كيم مع إنقاص الوزن بتعاطف، حتى أنني دمعت بسبب إرهاقها الفظيع بعدما حلقت بطائرتها الخاصة إلى روما لتناول البيتزا والعودة في نفس الوقت.
هذه كانت النقطة الفاصلة التي أكدت لي بأن على فتح الفيسبوك من جديد، للابتعاد عن عائلة كاردشيان قليلًا، وإعادة التواصل مع أشخاص تبدو مشاكلهم على الأقل قريبة من مشاكلي، والتلصص على تفاصيل حياتهم التي ينشرونها بلا مشاكل كل يوم، وفعل المثل. أراحني هذا قليلًا، لكنه لم ينهي الشعور الدائم بالتسطيح الذي أعاني منه مؤخرًا، ربما التواصل الاجتماعي ليس هو سبب بالمشكلة ولا هو العلاج منها.
أحاول حصر مشكلتي بوضع نقاط متعددة، المال، نحن في بداية الشهر ولازلت في الوضع الآمن قبل إعلان إفلاسي بعد 10 أيام، هناك ما ينقصني؟ على العكس أنا محاطة بالأقارب والأصدقاء الرائعين، أملك طفلة مثالية، وأستطيع كفاية نفسي وإياها بلا مشاكل، الحب؟ ربما لكنه ليس بالحب وحده يحيا الإنسان. ما الأمر إذن؟
أحاول دفن أحزاني في الطعام، الطعام حل مثالي بالتأكيد للعثور على السعادة، لكنها سعادة مؤقتة تنتهي بمتابعة وزنك على الميزان، توازيًا مع عدم القدرة على ممارسة الرياضة بسبب نوبة برد شديدة عاصفة مستمرة منذ أسابيع.
السفر إذن، الحقيقة أنه حل جميل ورائع، لولا وجود الكثير من المسئوليات تجاه العمل والعائلة والابنة.
أضع التصورات والأفكار والنقاط، أضيع أغلب اليوم في البحث عن سر عدم إيجادي للسعادة التي أسعى إليها منذ الصغر، ولا أستطيع.
في فيلم حرب الفراولة يجد البطل "سامي العدل" سعادته أخيرًا بالموت، الأمر الذي أستبعده فورًا لأنني على عكسه، لا أزال أملك الكثير من الأسباب التي تجعلني أتشبث بالحياة.
التشبت بالحياة هو الطريقة الوحيدة لإيجاد السعادة، وإيجاد السعادة يساعدك على عيش الحياة بشكل صحي وسليم، الأمر إذن عبارة عن دائرة مفرغة لا تتوقف، التوقف يعني ضياع الكثير من الوقت الثمين في محاولة لاستيعاب ما لا يمكن شرحه أو ضبطه.
نحن في رحلة مستمرة من البحث والانتظار، الشغف والملل، السعادة والحزن، وجود عامل واحد دون نقيضه يمحيه، الحياة إذن عبارة عن مزيج من التناقضات التي تجعلها تستحق أن تعاش.
في رحلة البحث عن سعادتي طيلة الأيام السابقة، أستطيع الآن أن أقول وبكل صدق أن هذا كله كلام فارغ، أضاع الكثير من وقتي بلا أي تقدم.
السعادة ستأتي فقط عندما تتوقف عن التفكير فيها طيلة الوقت، تحجيمها ووضعها في شكل مادي وكأنها فردة حذاء ضائعة أسفل السرير.
السعادة ليس هدف نسعى إليه كما كنت أتخيل، بل هي مثل ابنتي بالضبط، التي تقرر فجأة احتضاني وتقبيلي رغم أنها كانت تفر مني قبل دقيقتين لأنني أصر على أن تفعل ذلك.
السعادة في الحقيقة مثل الله تمامًا، موجودة في كل مكان من حولنا، لكننا فقط لا نتمكن من رؤيتها، يكفينا الشعور بها في التفاصيل، تفاصيل مثل ضحكة طفلتي، أو وجبة لذيذة أو الشفاء بعد المرض، أو كلمة شكر من شخص عابر.
إذا كان هناك أي نصيحة يمكنني منحها للجميع اليوم بعد هذه الرحلة الشاقة التي استمرت 20 يومًا بأكملهم فستكون: لإيجاد سعادتك الحقيقة، أرجوك. من فضلك. توقف تمامًا عن البحث عنها.