
لماذا تحب النساء كاظم الساهر؟

نورا ناجي
17 يناير 2017
هذا السؤال الذي حيّر جميع الرجال خاصة المصريين من التسعينيات إلى يومنا هذا، إجابته بسيطة للغاية، المطرب العراقي اللطيف ليس وسيماً جداً مثل عمر الشريف، ولا هو أكثر الرجال إثارة مثل جورج كلوني، لكنه يملك ما تريده النساء دون أي استثناء، وهو قدرته على إقناع من تسمعه بأنه مهتم حقاً.
مهتم بمن يغني لها بالطبع والتي ليس لها وجوداً حقيقياً، لكن كل امرأة تتخيل نفسها في هذا المكان الرائع العالي المغمور بالاهتمام، الرجل يصف حتى أصابع يديها وهي تحط على كتفه، رائحتها على الشراشف، طيفها على الجدران، بالتأكيد نعلم أن نزار قباني وآخرون هم من كتبوا هذه الكلمات المؤثرة، لكن الساهر يستطيع أن ينقل الإحساس على أكمل وجه، أنا رجل مهتم بكِ، وبتفاصيلك، وبشكلك وأنت جميلة، وأنت مريضة، وأنت مستيقظة من النوم حتى، الأمر الذي لا يوجد غالباً عند معظم الرجال في العالم الحقيقي.
بالتأكيد نعلم أن نزار قباني وآخرون هم من كتبوا هذه الكلمات المؤثرة، لكن الساهر يستطيع أن ينقل الإحساس على أكمل وجه، أنا رجل مهتم بكِ، وبتفاصيلك، وبشكلك وأنت جميلة، وأنت مريضة، وأنت مستيقظة من النوم حتى!
يتساءلون ما الذي تريده النساء؟ الحقيقة أن السؤال يجب أن يكون عكسياً تماماً، ما الذي يريده الرجال بالضبط؟ تبذل الفتاة كل جهدها في إيصال رسالة واحدة قصيرة لا تريد سواها لرجُلها، وهي أنها تريد بعض الاهتمام فقط، تريد طبطبة على الكتف تقديراً عند التعب، تريد اعترافاً بما تبذله من مجهود خرافي كل يوم، تريد كلمة لطيفة، تريد وردة بائسة وحيدة، تريد شيكولاتة ولو من أردأ الأنواع، المرأة تريد أي تلميح عن الامتنان، الحب، عن المساندة حتى ولو بـ "بوست على الفيسبوك"، تريد اعترافاً علنياً أمام الجميع بأنها الأهم في حياته، وسترضى من هنا إلى نهاية العالم.
الرجل المصري يتفنن في التجاهل، بدعوى الإرهاق أو الانشغال وكأن الكلمة البائسة ستعطله عن مسئولياته العظيمة في متابعة المباراة الأخيرة، أو تصفح الفيسبوك طيلة النهار، يتفنن في الإهانة بالصمت، يتفنن في إشعارها بأنها بلا قيمة، أو أن قيمتها الوحيدة تنحصر في تربية الأطفال والطبيخ وأحياناً في السرير.
نحن نسمع كاظم الساهر مراراً وتكراراً لنعوض غياب هذا الغياب المروّع للرومانسية في حياتنا، نعوض قلة الاهتمام، نعوض التجاهل.
تكتب الفتيات جملة هند صبري الخالدة "عايزة ورد إبراهيم" حتى تحولت لأكليشيه متكرر ممل، لكنه في الحقيقة ليس مملاً ولا هو أكليشيهياً، لأن لا أحد سوى إبراهيم في الفيلم قد نفذه حقاً، المرأة لا تريد ورداً حقيقياً مصيره إلى القمامة في النهاية، لكنها تريد المعنى من وراء ذلك، تريد هذا الاهتمام الذي تقرأ عنه في منشورات الفيسبوك الرومانسية التي يسخر منها الجميع، تريد بعض الابتكار في التعبير عن الحب مثل الروايات والأفلام، هذا لا يجعلها تافهة، ولا تقليدية ولا مراهقة، هذا يجعلها امرأة حقيقية كما خلقها الله.
نحن نسمع كاظم الساهر مراراً وتكراراً لنعوض غياب هذا الغياب المروّع للرومانسية في حياتنا، نعوض قلة الاهتمام، نعوض التجاهل، نحن نعالج أنفسنا بالطريقة التي لا نملك سواها، حتى لا نجن أو نموت كمداً.