
ما لا أستطيع كتابته على "فيس بوك" !

نورا ناجي
22 نوفمبر 2016أحاول تعلم عدم التحمس لأيّ شيء لكني أفشل في كل مرة، لازلت مصابة بهذا الابتلاء الذي يصيبني بالدروشة تجاه شيء ما يجذب انتباهي، تتمحور حياتي حوله لفترة من الوقت، أفقد التركيز وأصر على الانتهاء منه أولاً، النتيجة في النهاية تكون محبطة بالطبع، النتيجة أو التقدير من الآخرين، أنجز شيئاً ضخماً فأقابل بفتور أوعدم اهتمام يجعلني أقسم على التوقف، ثم أعود لنفس الحالة من جديد.
أنا مصابة بحالة عارمة من منح من لا يستحق اهتمامي، هل أنا متواضعة جداً أم أن الآخرين أوغاد فحسب؟
أنا مصابة بحالة عارمة من منح من لا يستحق اهتمامي، هل أنا متواضعة جداً أم أن الآخرين أوغاد فحسب؟ أحاول أن أحذو حذوهم، أتجاهلهم وأضفي على نفسي هالة الغموض والأهمية لكني أفشل فلاً ذريعاً، أنا أتحدث بما أريد وقتما أريد ولمن أريد، هذا ليس تواضعاً أو سذاجة، إنه مجرد كسل من بذل مجهود كبير في التخفي والغموض، لا أشعر أنه سيفيدني بشيء، سوى بالطبع إصابة من حولي بمثل حالتي الحالية، الحيرة والإحباط.
لماذا نحب إلحاق الضرر بالآخرين؟ ولماذا لم يعد أحد يتحرج من إحراج الآخر أو إهانته؟ ولماذا لا يملك من يستحق الاهتمام والتقدير، في حين يرتع نصف الموهوبين والحمقى والمدعين في نعيم التقدير والنجاح؟
في هذا العالم، كل المساوىء تمنحك حصانة للعيش، لا أحد يستطيع أخذ حقه، سوى أنواع بعينها:
القماص
يستطيع نيل اهتمام الآخرين أو على الاقل صمتهم تجاه ما يفعل من سخافات، خوفاً من بطشه وكلامه الثقيل وبالطبع "قمصته" التي تشبع لدغة الأفعى: تجيب القبر، "القماص" يملك تكنيكات عديدة لإبداء "قمصته"، فهو يتحدث كثيراً جداً، "رغاي" حرفياً، يبرر لنفسه ما يفعله لدرجة تمنعك من الاعتراض، يبدأ بالهجوم فلا تستطيع سوى التراجع، لا يملك ترف تفهم الرأى الآخر، لكنه يطالبك به طيلة الوقت.
القماص عنيد جداً، فظ، لا يخاف على مشاعر الآخرين، ويتهم الجميع طيلة الوقت بأنهم يتعبونه ويمرضونه ولا يخافون على مشاعره.
الكذاب المحترف
يقول جوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر: "اكذب كذبة كبيرة جداً ليصدقها الجميع"، هذه حقيقة فعلاً، من يكذب كذبة ضخمة بهذا الشكل، لا يستطيع أحد تكذيبه، سيفكرون، ربما أنا على خطأ فمن المستحيل تكذيب هذا الشخص بعد كل هذا الحديث المحكم والقصص المروية، أعرف شخصا لا يتوقف على الكذب على الفيسبوك، كل ما يكتبه كاذب جداً بما في ذلك الصور التي يستخدمها، لكن الآخرين يصدقون، لأن من غير المعقول بالنسبة لهم، أن يملك شخصاً ما كل هذا الفراغ، ويبذل كل هذا التعب، من أجل نسج قصص خيالية عن حياته غير الحقيقية، ويعدل الصور ببرامج خاصة، أو ينشىء حسابات وهمية تؤكد مزاعمه، في الغالب الكذاب يكون مريضاً للغاية ويحتاج المساعدة، لكنه للأسف يرفضها، لكنه غير راغب في التخلي عن حياته الوهمية، والاهتمام الذي يجده من الآخرين فيها.
الجعجاع السطحي
هناك عشرات الأشخاص بلا موهبة، الذين يتمكنون من إيجاد النجاح بسبب استمرار التفاخر بأنفسهم أمام الجميع لدرجة تشعرك بالحرج لو صدمتهم بالعكس، ممثل فاشل يعتقد في نفسه موهبة توم هانكس، إنه مصر على التصوير "ببوزات" معينة تشعرك أنه نجم النجوم، يتحدث دوماً عن موهبته دون أن يمنحك أي دليل عليها، يتهم الظروف والعلاقات والبلد والحكومة وخالته شخصياً أنهم السبب في عدم شهرته إلى اليوم، ينتظر أن تأتيه فرصة على طبق من ذهب دون سعي لأنه يدرك أنه مجرد شخص عادي بلا موهبة، ربما يملك ميزة ما تجعل الجميع يقدسونه مثل الوسامة أو خفة الظل لكنها لا تكفي لصنع موهبة حقيقية، إنه شخص يبدو عميقاً، يتحدث بثقة طاووس منتفخ، إن واجهته بعكس ما يعتقد، سيتهمك فوراً بالنفسنة عليه.
المصلحجي
يعتقد أنه أذكى من الآخرين، يمارس النصب عليك دون توقف، صديقك وقت الحاجة فقط، لا يعرفك عندما ينتهي منك، هو مصاص دماء وأرواح وطاقة ومال وأي شيء يستطيع أن يأخذه، المصلحجي قادر على أن يكون كاذبا وجعجاعا وقماصا في وقت واحد، حتى يتمكن من أخذ مصلحته والاختفاء بلا مشاكل.
الدراما كوين
الشكاء دائماً وأبداً، مشاكله قد تبدو واهية جداً بالنسبة لمشاكلك لكنه لا يتوقف عن الحديث عنها لدرجة تشعرك بأنك قاسي وغليظ القلب، تجري أنت عملية قلب مفتوح فيملأ الدنيا صراخاً من جرح في اصبعه الأوسط، تفقد عملك ودخلك فيشكو للعالم من مشكلته العويصة في شراء سيارة مناسبة، إنه دائماً مثالي ومظلوم ومن دونه يترفون في النعيم.
أول علامة في الحاقد أو الحاسد أنه يتهم الجميع بأنهم يحسدونه ويحقدون عليه.
الحاقد
أول علامة في الحاقد أو الحاسد أنه يتهم الجميع بأنهم يحسدونه ويحقدون عليه، يحسب لك راتبك وما تنفقه وقيمة ملابسك وسيارتك وحتى ألعاب أطفالك، إنه الشخص الذي يسارع إلى خطف الضوء منك في كل ما تفعله، تفوز بجائزة نوبل فيثير الدنيا حول موهبته في جمع علب الطماطم الفارغة، الشخص الحاقد يقلدك في كل ما تفعله دون أن تستطيع الاعتراض، حتى في أتفه الأشياء مثل الإعجاب بنجمك المفضل، أو ارتداء قطعة ملابس بعينها، التقليد يتحول للاتهام بعدها بالعكس، هذا الشخص كلما صنعت له جميلاً أنكره، وكلما أنجزت له شيئاً نسبه لنفسه، إنه كائن طفيلي يعيش على جهد الآخرين ويحسدهم في ذات الوقت.
هذه المساوىء ليست قاصرة على من حولك فالجميع يملكون نسبب متراوحة منها، المشكلة كلها في عدم معرفتهم بأنهم يملكون أي عيوب قابلة للنقاش، إنها لعنة التكبر والصلف التي أدعو ألا أُصاب بها، وأدعو أيضاً أن يبعدني عن المصابين.