يا عزيزاتي: لا تحملن اللافتات.. احملن محاضر التحرش !

يا عزيزاتي: لا تحملن اللافتات.. احملن محاضر التحرش !

نورا ناجي

نورا ناجي

11 سبتمبر 2016

الفتيات المسكينات اللاتي حاولن بقدر استطاعهن التعبير عن أنفسهن في حملة تصويرية صامتة، فحملن لافتات كتب عليها ما يردن قوله دون كلام، ما يعشن فيه من تناقضات يومية دون تعليق، جمل من نوعية، أنا غير محجبة، لكنني أصلي، وكأنها مضطرة لتبرير نفسها وعلاقتها بربها أمام أي شخص، بسبب تلك القاعدة العامة التي تطال أي فتاة لا ترتدي الحجاب بأنها حتماً كافرة وزنديقة.


فتاة أخرى لطيفة حملت جملة، "أنا أضحك بصوت عال، أنا لست قليلة الأدب"، هذه الفتاة لخصت حياة كاملة لبنات لا يستطعن التعامل بطبيعية كما تفعل كل الفتيات على وجه الأرض،لأن هناك شخص أحمق قرر ذات يوم أن من يضحك بصوت عال هو شخص "قليل الأدب" خاصة لو كانت فتاة، لأنها عورة وذنب ورجس من عمل الشيطان.


الفتاة الثالثة التي أرادت الدفاع عن أمر عادي لا يثير العجب وهو امتلاكها لأصدقاء من الذكور، أو الرابعة التي شعرت بأن عليها الدفاع عن نفسها من تهمة عدم الاحترام لأنها تضع بعض المكياج، هؤلاء المسكينات اللاتي لا يدركن أن كل أحلامهن هي مجرد وقائع في عوالم أخرى وبلاد أخرى بعيدة، لم يسلمن من سخرية المجتمع الراقي، متهمينهن بالتهمة الجاهزة لأي بنت تريد التعبير عن أفكارها، فاجرة ووقحة.


المجتمع الذي يرى المتحرش شخص طبيعي يمارس حقه في التعرض للفتيات لمجرد أنهن فتيات وأنهن لا يرتدين ما يناسب مزاج سيادته، هو نفسه الذي يندهش لفكرة وجود فتاة غير محجبة تصلي، أو فتاة محترمة تضحك بصوت عالي، أو حتى فكرة وجود فتاة محترمة، أو وجود فتاة وخلاص..


هذا المجتمع الذي تمتليء صناديق الوارد في مواقع تواصله الاجتماعي برسائل تحرش بذيء وساذج وخبيث وقذر وأهبل، من أي ذكر يلمح صورة لفتاة أو حتى صورة لميكي ماوس، هو نفس المجتمع الذي يصاب بنوبة قلبية لأن بنت ما قررت وضع بعض المكياج، أو ممارسة حقها في الضحك في الشارع.


ماذا يريد منا هذا المجتمع بالضبط؟

مجتمع "ختن" النساء لأن رجاله ضعاف جنسياً لا يزال يجادل في حقوقهن بشكل يشعرني بالعجز والخيبة، اتلفت حولي فأرى مئات المشاكل الكبرى المحيطة بنا، الأسعار الملتهبة، وشائعات لحم الحمير، ونقص الدواء وغيرها من المشاكل التي يمكن أن تبقينا عاجزين عن النوم طيلة الليل، ليأتي شخص عبقري مؤكداً أن كل شيء سينتهي وينحل إذا تحجبت النساء!


هؤلاء الفتيات الساذجات الحالمات الطيبات اللاتي اعتقدن بأن مبادرتهن ستسمح للجميع برؤيتهن بشكل مختلف وحقيقي، لم يدركوا أننا نعيش في عالم يتنازل فيه الرجل عن حقوقه كلها، إلا أن يصرح باسم أمه أو زوجته لأنهما عورة.


عزيزاتي الفتيات الجميلات في مصر المحروسة: لا تحملن لافتات تدافعن فيها عن أنفسكن، أو تبررن فيها تصرفاتكن لمجتمع مريض، متخشب، احملن إرادتكن الحرة وافعلن ما تردن وقتما تردن أينما تردن، لا تصححن فكرة أي شخص عنا، نحن خلقنا للانعزال في عالم آخر مثالي نتمكن فيه من الضحك والحب ووضع المكياج وتصفيف الشعر، أما العالم الخارجي فلا يستحق سوى البلوك، أو الإصرار على عمل محاضر التحرش.