الطلاق في مصر.. اللهم نجنا من التجربة

الطلاق في مصر.. اللهم نجنا من التجربة

نورا ناجي

نورا ناجي

29 سبتمبر 2016

من بين كل عشر سيدات أعرفهن، هناك اثنتان مطلقتان، ثلاث يفكرن في ذلك، واحدة أو أكثر تدرس خياراتها وتحاول الاستعداد مادياً ونفسياً من أجل اتخاذ هذا القرار.


ما الذي يجعل المرأة تصل إلى درجة طلب الطلاق في مصر؟ خاصة لو كان هناك طفل أو أكثر؟


الحقيقة أن الأسباب لا تختلف كثيراً عن أسباب أيّ امرأة في العالم، هناك الخيانة، البخل، العنف الزوجي، عدم أداء الواجبات الزوجية، عدم الإنجاب، لكن السبب الأكثرانتشاراً هو ببساطة، عدم الاهتمام.


العلاقات الزوجية في مصر تعاني من مرض متفشي وهو عدم الاهتمام، اختفاء الكيمياء بين الطرفين، توقف الحياة كما يجب أن تكون، الملل، الشعور بالاحتقار والدونية تجاه الطرف الآخر، أو التفكير في أنه كان يمكن أن أتزوج شخص أفضل من ذلك، أغنى من ذلك، أوسم أو أجمل من ذلك، هذه الأمور كلها يعاني منها الطرفان وليس الرجل فقط، أو المرأة فقط، وهي ليست أمور تافهة أومعيبة، البشر ليسوا ملائكة، ومشاعرهم ليست أمراً يمكن التحكم به أومحوه بضغطة زر.


هذه المشاعر التي تؤدي لاستحالة العشرة، أو على الأقل الاستمرار مع الضرر، ناتجة أساساً عن سوء اختيار الشريك، التسرع، الرغبة في الزواج فقط بسبب ضغط المجتمع، الرغبة في الانفصال عن العائلة بشكل يحترم التقاليد، لذا تجد المرأة التي تريد الانفصال لأسباب معنوية بحتة، صعوبة كبيرة في إقناع من حولها بمساندتها، خاصة وأن أحداً لن يجبرها على الزواج من الأصل.


المشاكل التي تواجه المرأة عند طلب الطلاق

على كل الأحوال، الرغبة في الطلاق يجب أن تُحترم وفوراً، لأن لا أحد يمكن أن يجبرك على العيش مع رجل لا تحبينه والعكس، بالنسبة للرجال، الأمر ليس أسهل كما يقال، على العكس الرجال يترددون في اتخاذ هذا القرار أكثر مئة مرة من السيدات، لأسباب مادية أولاً، مثل القدرة على منح الزوجة حقوقها الشرعية، ثانياً لأسباب عائلية واجتماعية.


لكنهم في ذات الوقت يملكون خيارات أكثر بكثير من المرأة، الرجل الشرقي قادر على الخيانة بلا مشاكل، قادر على الدخول في علاقات حب أخرى تمنحه بعض السعادة دون قلق، علاقات ربما يمكن أن تساعده أكثر على الاستمرار في زواجه الممل المُحبط دون ذرة تأنيب ضمير، أما المرأة، فلا بديل أمامها سوى طلب الانفصال، أو الوصم بالعار.


المشكلة الأولى: عدم مساندة الأهل
أول عقبة تواجه أيّ امرأة تريد الإنفصال هي عدم مساندة أهلها، الأهل يخافون من عار الطلاق كما هو حال الشرقيين رغم أننا في القرن الواحد والعشرين، يلجأ الأهل إلى التهديد، بأنهم لن يستقبلوها في منزل العائلة، ولن يتولوا نفقاتها هي وأطفالها، وأنها لا تملك أي ملجأ اليوم سوى بيت زوجها، خاصة لو كانت امرأة غير عاملة، لذا تستمر المرأة رغماً عنها في العيش مع رجل تكرهه، الحل هنا هو الاستقلال المادي، ومواجهة الأهل بقوة، والسير في الاجراءات دون موافقتهم، النساء في مصر ينسين أنهن لسن قاصرات، وأنهن قادرات على اتخاذ قرارتهن دون موافقة أيّ شخص،ودون الخوف من أيّ شخص.


المشكلة الثانية: الخوف على الأطفال
الكثيرات يبعدن فكرة الطلاق عن حياتهن حتى لو كن يتعرضن لكافة الأذى النفسي والجسدي بسبب الأطفال، المشكلة هنا أن التواجد في علاقة غير صحيّة يؤذي الطفل أكثر مما يفيده، وهنا يصبح الطلاق أكثر آمناً، هناك حالات يطالب فيها الأطفال والديهم بالإنفصال بعدما يصلوا إلى نقطة التشبع من المعارك اليومية المستمرة بينهما.


الحل هنا هو التوازن النفسي للطرفين، الانفصال دون معارك، والإبقاء على علاقة محترمة، وتولي كل طرف مسئولياته المادية والمعنوية، والتوقف عن التحدث بسوء أمام الأطفال عن أيّ من الوالدين، والموافقة والإلتزام بضرورة الاستمرار في علاقة صحية بين الأب وأطفاله في حضانة الأم.

المشكلة الثالثة: الاستقلال المادي
هذه المشكلة هي أساس كل شيء، وحلها يكفل للمرأة التغلب على كل المشاكل الأخرى، وعلى رأسها عدم انتظار الدعم من أي شخص، والقدرة على إبراء الزوج في حالة المشاكل المعقدة القانونية، وتحمل نفقات الأطفال كاملة إن كان الحظ أوقعها في شخص يرفض الإنفاق على أطفاله، خاصة لو كان متواجداً في دولة أخرى.

العمل لم يعد شيئاً مكملاً للمرأة، أو مجرد طريقة لتقضية الوقت أو حتى لإثبات النفس، بل هو أمراً أساسياً لا يمكن الاستغناء عنه مثل التنفس وتناول الطعام، المرأة التي لا تعمل حتى لو كانت تعيش أسعد حياة مع أفضل رجل على وجه الأرض ستظل غير آمنة ولا مستقرة، الرجل لم يعد الحائط الصلب الذي يمكن لها الاستناد إليه، في هذا العصر، يمكن أن يتم الإنفصال فجأة ودون مقدمات، أو التهرب من المسئوليات، وحتى الموت دون وجود تأمين معيشي يكفل لك الحياة الكريمة.

العمل ثم العمل ثم العمل، في أي شيء وفي أي مجال، العمل حتى لو كنت تكرهين ذلك، العمل حتى لو كنت لا تملكين وقتاً إضافياً للرفاهية، العمل هو ما سيجعلك قادرة على اتخاذ قراراتك بنفسك، وعدم الاضطرار إلى الإكمال في علاقة غير صحيّة، مليئة بالخوف والقهر والاكتئاب.

المشكلة الرابعة: رفض الزوج
هذه المشكلة لم تعد مزعجة كما كانت، فقانون الخلع هو الحل المثالي لإنهاء الأمر في ثلاثة أشهر فقط، الخلع لا يجعلك تتنازلين عن جميع حقوقك، ستظلي قادرة على الحصول على مستحقاتك في "القائمة" ونفقات أطفالك، ما تتخلين عنه فقط هو حقوقك الشخصية الشرعية، مثل النفقة والمؤخر.

المشكلة الخامسة: عدم القدرة علي اتخاذ القرار
نعم الأمر يمكن أن يكون نفسياً، هناك سيدات يعانين طيلة الوقت في علاقتهن الزوجية، لكنهن لا يستطعن أخذ قرار حاسم ومصيري مثل الطلاق لأسباب نفسية، مثل الخوف، الشعور بالذنب، وعدم القدرة على مواجهة الزوج-الأهل-المجتمع.

في هذه الحالة على المرأة أن تطلب الدعم فوراً من العائلة، من الأصدقاء، أو من معالج نفسي قادر على منحها الشجاعة الكافية لاتخاذ القرار.

اتخاذ قرار الطلاق ليس نهاية العالم، بل هو بدايتها فعلاً، الأمر ليس سهلاً ولا مضحكاً ولا مسلياً، في الحقيقة الطلاق يدخل ضمن أبشع التجارب التي يمكن أن تدخلك فيها الحياة ذات يوم، ستشعرين بأنك قد تم كسرك من الداخل، أنك فاشلة في حياتك، وأنك مكشوفة أمام الجميع، حلم أنك تسيرين عارية في المدرسة الثانوية يتجسد اليوم، مشاكلك الخاصة ستخرج إلى العلن أمام العائلتين والأصدقاء وربما المحكمة، ستضطرين إلى التحدث في تفاصيل حميمية وشخصية. إلى جانب المعارك المستمرة حول الأمور المادية ونفقات الأطفال، عليك بمعرفة ما ستواجهينه بكل صدق قبل البدء في ذلك.

لكن في نفس الوقت، الإكمال في علاقة ميتة منتهية للآبد، يضمن لك خسارة كل شيء، ستعيشين داخل أحلام اليقظة طيلة الأربعة وعشرين ساعة، ستحلمين بحياة أخرى مختلفة، ربما ستستغرقين فيها لدرجة الشعور بالخدر، والاستمرار ف يالعيش مثل الروبوت دون مشاعر.

حياتك إلى الموت ستصبح شريط طويل من الأحزان والاكتئاب والملل، ستتوقفي عن رؤية الجمال في العالم، أو تذوق الطعام الجيد، أو الفخر بنجاحات الأطفال، أو حتى الاهتمام بجمالك وأناقتك، وغيرها من التفاصيل الصغيرة التي قد تبدو تافهة، لكنها في الحقيقة هي التي تتجمع معاً في النهاية في نسيج مُحكم، لتكوين ما يدعى بـ "حياتك الحقيقية".

هل اتخذت قرارك بعد؟