المال مقابل الأرض..
تفاصيل الإغراءات الاقتصادية للفلسطينيين في "صفقة القرن"
كشف محلل إسرائيلي عن تفاصيل الشق الاقتصادي من "صفقة القرن" الأمريكية المزعومة والمتعلق بالحوافز المادية والاقتصادية المخصصة لإقناع الفلسطينيين بالقبول بالخطة التي تدعوهم للتنازل عن القدس وحق عودة اللاجئين ونحو ثلث مساحة الضفة الغربية المحتلة.
وقال "درون بيسكين" في مقاله المنشور بموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن الوثيقة الكاملة والتفصيلية للخطة الاقتصادية تؤكد أن الحل السياسي لا يمكن تنفيذه دون استثمارات اقتصادية عملاقة.
ولفت في هذا السياق إلى سلسلة من المشروعات الضخمة المخصصة لاسترضاء الفلسطينيين الذين يشعرون بالمرارة من الشق السياسي لـ "صفقة القرن" وفق قوله.
وأضاف "على سبيل المثال في قضية القدس الحساسة، تتيح الخطة الاقتصادية للفلسطينيين موطئ قدم دائم وواضح. كجزء من الخطة، يتعين على إسرائيل أن تخصص للفلسطينيين "منطقة سياحية خاصة" في عطروت (منطقة صناعية 11 كم شمالي القدس) والتي ستصبح مركزا تجاريا لغرض مساعدة السياح المسلمين وتسهيل الوصول إلى الأماكن المقدسة في البلدة القديمة".
وتابع "سيكون على إسرائيل إنشاء آلية مشتركة مع الفلسطينيين بحيث يتم تحويل جزء من الزيادة المتوقعة في إيرادات السياحة في القدس إلى خزائن الدولة الفلسطينية المستقبلية".
يشار إلى أن "صفقة القرن" المزعومة تعترف بالقدس "غير المقسمة" عاصمة أبدية لإسرائيل، فيما بإمكان الفلسطينيين إقامة عاصمة دولتهم المستقبلية خارج جدار الفصل العنصري الذي يطوق القدس، وتحديدا في بلدة أبو ديس شرقي القدس والتي لا تزيد مساحتها عن 4 كيلومترات مربعة!.
وقال "بيسكين" إن معظم المشاريع التي تشملها الخطة جرى طرحها بطريقة أو بأخرى سابقا في المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية منذ اتفاقات أوسلو (مثل "الممر الآمن" الذي يربط الضفة الغربية بقطاع غزة) أو في منتديات أخرى (مثل فكرة إنشاء الجزيرة الاصطناعية قبالة ساحل غزة)".
وأضاف "ومع ذلك، فإن تقديم هذه المشاريع ضمن الخطة، مع تفصيل الجداول الزمنية ونطاق التمويل، يخلق شعوراً بأن الأمريكيين بذلوا جهدا للنزول إلى التفاصيل الصغيرة والتأكيد على الجوانب العملية للخطة".
واعتبر أن "صفقة القرن" تضع أهدافاً واضحة لتحقيقها. مثل رفع إسهام الصادرات الفلسطينية في الناتج المحلي الإجمالي من 17% اليوم إلى 40% عند الانتهاء من تحقيقها في غضون عقد، و زيادة حصة الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني من 1.4% إلى 8%.
وقال إنه تم تحديد أهداف واضحة في مجالات الكهرباء والمياه في الدولة الفلسطينية المستقبلية، مضيفاً" في قطاع الطاقة، تقدم الخطة مشروعا محددا لواحدة من أصعب المشكلات في قطاع غزة، ممثلا في إقامة محطة الطاقة".
ومضى قائلاً "وفقا لصفقة القرن، سيتم استثمار 590 مليون دولار في تطوير محطة توليد الكهرباء في غزة (جزء من المبلغ سيصل من خلال المنح). سيزيد المشروع المكون من مرحلتين من قدرة المحطة بمقدار 470 ميجاوات، ما سيتيح من جهة حل أزمة الكهرباء لسكان غزة، ومن ناحية أخرى، توفير وظائف جديدة".
ولفت إلى أن الشق الاقتصادي من الخطة ينص على أنه بعد 5 سنوات من توقيع معاهدة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين ستبدأ عملية بناء ميناء لقطاع غزة هو عبارة عن جزيرة اصطناعية قبالة سواحل القطاع، حيث سيتم فيها إنشاء ميناء بحري بالإضافة إلى بناء مطار للطائرات الصغيرة.
3 مبادرات أساسية
وبحسب الإسرائيلي "بيسكين" فإن الخطة تشمل 3 مبادرات تهدف إلى تعزيز ثلاثة عناصر في المجتمع الفلسطيني: الاقتصاد، والموارد البشرية والحكومة، من خلال 50 مليار دولار سيتم تقديمها للفلسطينيين على مدى 10 سنوات، بهدف مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني (من 14 مليار دولار إلى حوالي 33 مليار دولار) ، وخلق حوالي 1.3 مليون وظيفة للفلسطينيين، وخفض معدلات البطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني بمقدار النصف.
وتهدف المبادرة الأولى إلى "إطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية للفلسطينيين بما في ذلك، من خلال تطوير قضية حقوق المنتجين ومكافحة الفساد ودمج الاقتصاد الفلسطيني في أسواق رأس المال العالمية".
وبحسب "بيسكين" ستشمل هذه المرحلة "إصلاحات سياسية للحكومة الفلسطينية إلى جانب استثمارات ضخمة في البنية التحتية لتحسين بيئة الأعمال في الدولة الفلسطينية".
وزاد بالقول "يفترض أن تزيد هذه المرحلة من وصول الفلسطينيين إلى رأس المال وفتح الضفة الغربية وقطاع غزة أمام الشركاء التجاريين الإقليميين الرئيسيين (إسرائيل، مصر، الأردن) بهدف تعزيز النمو والنشاط الاقتصادي للسوق الفلسطينية".
المبادرة الثانية وفق الشق الاقتصادي من "صفقة القرن" المزعومة تهدف إلى "السماح للفلسطينيين بتحقيق تطلعاتهم من خلال انفتاحهم على التكنولوجيا المتقدمة. وسيتم ذلك من خلال برامج التعليم والتدريب الخاصة.
يقول الكاتب الإسرائيلي :"تهدف هذه المرحلة إلى تطوير نظام التعليم الفلسطيني وتمكين الطلاب الفلسطينيين من تحقيق أهدافهم الأكاديمية وإعدادهم لاستيعابهم في القوى العاملة".
ويضيف "من بين أشياء أخرى، سيتم تقديم منح للفلسطينيين بقيمة نصف مليار دولار لإنشاء جامعة جديدة. ستركز هذه المرحلة أيضا على التطوير الكبير للمنظومة الصحية المحلية باستثمار 900 مليون دولار بالإضافة إلى الحياة الترفيهية الفلسطينية بهدف تحسين نوعية حياتهم. من بين أهداف هذه المبادرة رفع نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة من 20% إلى 35% وإدخال جامعة فلسطينية واحدة على الأقل في قائمة أفضل 150 جامعة في العالم".
أما المبادرة الثالثة فتهدف إلى تحسين الحكومة الفلسطينية من خلال تقوية القطاع العام حتى يتمكن من تقديم خدمات أفضل للمواطنين بالإضافة إلى تشجيع نمو القطاع الخاص. في هذا الإطار، سيتم تنفيذ الإصلاحات في النظام التشريعي الفلسطيني لدفع النمو وتشجيع الاستثمار الخاص والصادرات الأجنبية.
في انتظار التبرعات!
يقول "بيسكين":بطبيعة الحال، سيتم تنفيذ معظم الاستثمارات في الاقتصاد الفلسطيني بحوالي 28 مليار دولار على مدى عقد من الزمن. قطاع النقل هو العنصر الرئيسي من حيث الاستثمارات في الدولة الفلسطينية المستقبلية بحوالي 6.5 مليار دولار. يشمل البند الرئيسي البالغ 5 مليارات دولار الربط بين قطاع غزة والضفة الغربية".
" على الرغم من تركيز الخطة على السوق الفلسطينية، فإنها تنص على أنه بدون الاستثمار في البلدان المجاورة، فإن فرص نجاحها تكون منخفضة، ولذلك تم تخصيص استثمارات للأردن ولبنان، تبلغ قيمتها حوالي 23 مليار دولار".
ويشير المحلل الإسرائيلي إلى أن تلك الاستثمارات المخصصة لكل من الأردن ولبنان تهدف أساسا إلى تمويل اندماج اللاجئين الفلسطينيين وكذلك تشجيع النشاط التجاري ليكون جزءا من الأرباح الاقتصادية لهذه الخطوة.
ويتابع "تدعو الخطة إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بين الأردن والدولة الفلسطينية، مع إمكانية التصدير إلى الأسواق الخارجية عبر مطار داخل الأراضي الأردنية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم عبر موافقة أردنية تخصيص منطقة خاصة في ميناء العقبة للفلسطينيين لإجراء عملياتهم التجارية مع الأسواق العالمية على غرار المناطق التي يفترض أن تخصصها إسرائيل للفلسطينيين في مينائي حيفا وأشدود".
وبحسب المصدر ذاته فإن "نصيب القطاع الخاص في تمويل الخطة سيصل إلى 11.6 مليارات دولار. وستكون القروض والمنح المدرجة في البرنامج من مسؤولية بنك تنمية متعدد الأطراف سيقدم الأموال وفقا لمعايير واضحة، عبر صياغة دقيقة مخصصة لمنع الأخطاء التي ارتكبت في الماضي في تمويل مشاريع في السلطة الفلسطينية والتي شابها الفساد وانعدام الشفافية".
وختم "بيسكين" بالقول :"يعتمد الأمريكان على تبرعات سخية لتمويل الخطة من دول الخليج، وعلى الأخص السعودية. ومع ذلك، فإن ردود الفعل الفاترة من قبل الرياض والمشاكل الداخلية في المملكة لا تشير إلى حماسة كبيرة فيما يتعلق بدورهم في خطة ترامب".