من القضاء.. للحكومة.. للبرلمان للمعارضة..

تيران وصنافير.. لمن الحكم اليوم؟

كتب: عبدالغني دياب

فى: أخبار مصر

17:00 31 ديسمبر 2016

باتت الأمور أكثر حيرة، مصير "تيران وصنافير" غير معلوم، هل "تمصرها" المحاكم، أم "يسعودها" البرلمان المتهم بالانحياز للسلطة التنفيذية.

 

في صباح اليوم السبت، صدر حكم محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة برفض الاستئناف على حكم أول درجة بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.

 

الحكم سالف الذكر ينتصر لموقف السلطة التنفيذية، المتمسكة بسعودة الجزر، وتأكيدًا لما صدر في سبتمبر الماضي من محكمة الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية لحين الفصل في الطعن المقدم من الحكومة أمام المحكمة الإدارية العليا.

 

وتسبب حكم الأمور المستعجلة في جدلية أخرى في قضية الجزيرتين، ﻷنه يتناقض مع كل الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري، لتصبح القضية حكمًا أمام حكمًا.

 

الأمر يزداد تعقيدا بإدعاء كل طرف من المتصارعين بالقضية، سواء الحكومة، أو مجموعات المعارضة، بأن المحكمة التي حكمت غير مختصة بنظر القضية، لتبدأ جدلية السيادة في الظهور، فهل توقيع الحكومة على الاتفاقية يعد أمرا من أمور السيادة التى يجب ألا ينظرها القضاء، أم أنه أمرًا إدرايًا يجب أن تفصل فيه المحاكم الإدارية.

 

الأمور المستعجلة تؤيد الحكومة

 

في حيثيات حكمها أقرت مستأنف القاهرة المستعجلة، إن نصوص القوانين ٤٦ لسنه ٧٢ قانون السلطه القضائية و٤٧ لنفس العام من قانون مجلس الدولة قد خلت من تحديد جامع مانع لما يسمى بأعمال السيادة، أو الضوابط والعناصر التي يستدل عليها، ومن ثم كان على القضاء وحده فيما يصدره من أحكام ويقرره من مبادئ في كل حالة على حدة، تحديد ما يدخل من القرارات ضمن هذه الأعمال وما يخرج عنها.

 

وأضافت المحكمة أن "أعمال السيادة هي تلك الأعمال التى تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم في نطاق وظيفتها السياسية، وأن عدم امتداد الرقابة القضائية إليها التزام بنص المادتين ٤٦ من قانون السلطة القضائية و٤٧ من قانون مجلس الدولة، وأن مرد ذلك ليس أن هذه الأعمال فوق الدستور والقانون، بل لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للقضاء، بالإضافة لعدم ملائمة طرح هذه المسائل علناً في ساحات المحاكم، كما هو الشآن في موضوع الحكم المستشكل في تنفيذه والذي تضمن منطوقة ما هو يمس أعمال السيادة من بطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والمتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للملكة العربية السعودية، وهو ما يعد ضمن أعمال السيادة والتي جعلها المشرع بمنأى عن رقابة القضاء".

 

الجمل: المحاكم لا تختص بأعمال السيادة

 

يوضح المستشار محمد حامد الجمل، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن المحكمتين " القضاء الإدراي- الأمور المستعجلة" ليس لهما نظر القضة لأنها من أمور السيادة وفقا للدستور المصري.

 

ويقول الجمل لـ مصر العربية، إنه طبقا ﻷحكام القضاء، والقانون المنظم للسلطة القضائية، فإن مجلس الدولة، والقضاء العادي ليس من اختصاصهما فض منازعات أعمال السيادة، وكان مفترض أن تعرض الاتفاقية على مجلس النواب منذ البداية، ﻷن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية ليست شآنًا إداريًا.

 

وينوه إلى أن الحكم الصادر من مجلس الدولة في يونيو الماضي ببطلان الاتفاقية، ليس نهائيًا ومن المتوقع أن تبطلة الإدارية العليا في 16 يناير المقبل، بدعوى عدم اختصاص المحكمة.

 

ويؤكد الجمل، أن الأمر بات في يد مجلس النواب وهو صاحب كلمة النهاية في القضية الأكثر جدلا في مصر الآن.

 

نجيدة: الجزيرتان مصريتان.. والحكومة مخطئة

 

حديث الجمل يرده عضو هيئة الدفاع عن جزيرتي تيران وصنافير المستشار طارق نجيدة، بأن محكمة الأمور المستعجلة هي غير المختصة بالنظر في القضية، وأن حكم مجلس الدولة هو الأولى متوقعا أن تنصفهم المحكمة الإدارية العليا في جلستها المحددة بـ16 يناير.

 

ويقول نجيدة في حديثه لـ مصر العربية، إن حكم القضاء الإدراي موضوعي، بينما حكم الأمور المستعجلة غير موضوعي، ﻷنها ليست جهة اختصاص، وذلك إنفاذا للمادة 160من الدستور.

 

ويوضح أن الحكم الصادر حتى الآن هو رفض الاتفاقية ومصرية الجزيرتين، متهما الحكومة، بالتلاعب بأوراق القضية وخلطها، مشيرا إلى أنه كان يتوجب على السلطة التنفيذية الانتظار لحين الفصل في القضية من محكمة الإدراية العليا.

 

ويشير إلى أن قرار الحكومة الصادر الخميس الماضي بالموافقة على الاتفاقية وإحالتها لمجلس النواب الهدف منه التقاعس وعدم تنفيذ حكم واجب النفاذ من القضاء الإداري خصوصا وأن هيئة المفوضين رفضت طعن الحكومة الخاص برفض الحكم.

 

وبخصوص أعمال السيادة يدعم نجيدة موقفهم بمصرية الجزيرتين بأن المسؤول عن تحديد أعمال السيادة هو القضاء، مستشهدا بما أقرته المحكمة الدستورية العليا والقضاء الإرداي في السابق بأن نظرت قضايا مشابهة، وكانت الحكومة تتحج بأنها من أعمال السيادة أيضا.

 

وينوه إلى أن ليس معقولا أن تتخذ الحكومة، أو حتى البرلمان قرارا ثم تحكم على قرارها بأنه من أعمال السيادة، مؤكدا أن الجهات القضائية هي المخولة بالفصل فيما هي سيادي أو غير سيادي.

 

ويشير إلى أنه كان على الحكومة الانتظار حتى يصدر الحكم في منتصف يناير المقبل، والالتزام به سواء قضت بمصرية الجزيرتين أو بسعوديتهما.

 

القضاء الإدراي "يمصر" الجزيرتين

 

بالرجوع إلى حيثيات حكم مجلس الدولة الذى نص على مصرية الجزيريتين فإنه يؤكد أن مصر طبقت على الجزيرتين قوانين ولوائح مصرية ومنها اللوائح الخاصة بالحجر الصحي وتضمنت اللائحة المختصة تحصين سير مصلحة الصحة الصادر فى ٣ يناير ١٨٨١ فى المادة ١٠ ، كما طبقت مصر على الجزيرتين اللائحة الجمركية الصادرة فى ٢ أبريل سنة ١٨٨٤ ووقعت الجزيرتين فى حدود تطبيق الجمارك.


وأضافت الحيثيات أن الثابت من صورة أمر العمليات رقم ١٣٨ الصادر من وزارة الحربية والبحرية المصرية فى ١٩ يناير ١٩٥٠ إلى سفينة مطروح أنه خاص بتوصيل قوى عسكرية لجزيرة تيران وانشاء محطات إشارات بحرية بالحزيرة،  وأن الثابت من صورة قائد البحرية المصرية إلى مدير مكتب وزير الحربية والبحرية المصرية المؤرخ ٢٢ فبراير ١٩٥٠ بشأن تموين القوات المصرية الموجودة  بتيران وصنافير.


وتابعت المحكمة " أن مصر فرضت حصارا بحريا على إسرائيل ومنعتها من المرور من مضيق تيران وأثير الموضوع فى منظمة الأمم المتحدة وتمسكت مصر بسيادتها على الجزيرتين.

 

 

البرلمان يدخل على خط الصراع

 

المؤشرات كلها تقول إن البرلمان بات طرفا في الصراع القائم بين الجهات المختلفة على مصرية تيرا وصنافير أو سعوديتهما، فما بين الحكومة والقضاء، والمعارضون الذين رفعوا الدعوى ضد الحكومة، يأتى انقسام جديد تحت القبة، فعشرات النواب المحسوبين على كتلة المعارضة الصغيرة أصبحوا رافضين تماما لمناقشة المجلس للقضة بحكم أنها منظورة أمام جهة قضائية ومناقشة البرلمان لها يعد تداخلا على سلطة القضاء.

 

فهاجم نواب تكتل 25- 30 القرار الحكومي، مطالبين بسحب الثقة من وزارة شريف إسماعيل، ومتهمينها بالتخلي عن جزء من تراب الوطن.

 

لم يقتصر الأمر على كتلة المعارضة، فانقسم أعضاء ائتلاف “دعم مصر” صاحب الأغلبية النيابية، فبعض نوابه يقولون إن البرلمان غير مختص، وآخرين يقولون غير ذلك.

 

لكن جاءت تصريحات صحفية للنائب محمد أبو حامد لتشير إلى أن هناك نية لتمرير البرلمان للاتفاقية والانحياز لجهة الحكومة.

 

وقال أبو حامد إن أجهزة بالدولة عقدت لقاءات مع نواب في حب مصر ﻹثبات سعودية الجزيرتين، مؤكدا أنهم سيناقشون كل الوثائق ومن ثم يخرج الحكم.


القرار ليس سياسيا وسيذكره التاريخ

 

رأى محايد آخر قدمه النائب محمد صلاح أبو هميلة، القيادي بدعم مصر، حول الاتفاقية، بأن البرلمان سيدرس كل الوثائق المتعلقة، بالقضية محل الخلاف، وسيقول رأيه.

 

وبخصوص عرضها أمام القضاء أكد لمصر العربية أن الإدارية العليا ستقضي في الأمر في 16 يناير، متوقعا ألا يبدأ المجلس في النقاش حول القضية إلا بعد صدور الحكم.

 

وأكد أبو هميلة أن البرلمان لا يمكن أن يوافق على التنازل عن هذه الأراضي إذا ثبت مصريتها، مشددا على أنهم سيدرسون الأمر من كافة الجوانب، وستدرس اللجان المختصة الوثائق والحجج ومن ثم التصويت على الاتفاقية.

 

وقال القيادي بدعم مصر، إن القرار في الجزيرتين ليس سياسيا حتى يتم الاختلاف حوله بالتأييد والرفض، مشددا على أنه قرارا وطنيا سيكتبه التاريخ وتسجله الوثائق، الداعمة لصاحب الحق، وأن البرلمان لن يصوت بسعودية الجزيرتين إلا إذا تأكد من ذلك بنسبة 100% أو العكس.


 

اعلان