من حكاوي العمال في الأزمة الاقتصادية: «ماشية بستر ربنا»

كتب: سارة نور

فى: أخبار مصر

09:24 02 مايو 2017

يقضي عمرو طوال النهار في المصنع، يذكره أحدهم أن اليوم عيد العمال،لكنه لا يبالي كل ما يشغل تفكيره هو الحصول على عمل إضافي لسد احتياجات أسرته التي ازدادت أسعارها في أعقاب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة قبل 6 أشهر.

 

 

"استغنيت عن سلع أساسية، بقى أقصى طموحنا خروجة".. بهذه الكلمات يعبر عمرو فاروق (40 عاما) الذي يعمل في إحدى الشركات التي خصخصتها الحكومة في التسعينيات، عن الحال الذي وصلت إليه أسرته منذ تحرير سعر صرف الجنيه.

 

عمرو فاروق:2كيلو لحمة وفرختين وشوية خضار وكده خلصت 1500 جنيه

 

 يتقاضى عمرو الذي يعمل في الشركة منذ 14 عاما 1500 جنيه شهريا لكن طبيعة عمله تفرض عليه العمل لـ12 ساعة متواصلة لذلك يحصل إضافي 5 ساعات يُزيد راتبه 500 جنيه أخرى.

 

لكن أجر ساعات العمل الطويلة غير كافي لتلبية احتياجات ثلاثة أبناء في مراحل تعليمية مختلفة و خاصة مع الإجرءات الجديدة، لذلك ينتهز عمرو فرصة عمله ثمان ساعات لأسبوعين في الشركة ليعمل بشكل إَضافي في أي عمل خارج الشركة.

 

 

 " 2 كيلو لحمة وفرختين وشوية خضار وكده خلصت 1500 جنيه"، يقول عمرو لـ"مصر العربية "إن راتبه لا يكفي سوى الطعام فقط لكن نفقات التعليم في ظل الغلاء لها ترتيبات أخرى منها قضاؤه في العمل المتواصل 12 ساعة طوال الشهر.

 

 

 يخشى عمرو من إغلاق الشركة بعدما خفضت إنتاجها بشكل كبير بعد الإجراءات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة في 3 نوفمبر،إذ يقول:"طالبت رئيس الشركة بزيادة إنتاجها لزيادة رواتبنا الهزيلة لكنه تحجج بارتفاع أسعار الخامات".

 

في ظل الأزمة  الاقتصادية..كيف ينفق المصريون رواتبهم؟

 

 مؤخرا اضطر رئيس الشركة إلى صرف بدل غلاء معيشة 200 جنيها للعاملين بعد الضغط عليه،لكنها لا تكفي أيضا، غير أن عمرو لا يعول10% علاوة اجتماعية كثيرا لأنه لم يتقاضها منذ 3 سنوات.

 

 في 2014 صرف عمرو 5%فقط من قيمة العلاوة الاجتماعية لأن نص الاتفاقية بين وزارة القوى العاملة والقطاع الخاص يتيح لكل شركة أن تصرف العلاوة حسب ظروفها الاقتصادية.

 

"ماشية بستر ربنا، الواحد لما بيفكر هو بيحسبها بيحس بعذاب "..بنبرة  مستنكرة  للأوضاع التي آل إليها حاله، يعبر مجدي عبد الجواد (58 عاما)،يعمل بإحدى شركات القطاع الخاص.
 

عبد الجواد:الأسعار ارتفعت 200% و العلاوة مبتأثرش بس ربنا بيمشيها بمعرفته

 

يقول عبد الجواد أب لأربعة أبناء بعضهم يرتاد الجامعة إن الأسعار ارتفعت 200% لذلك قرر وأسرته تطبيق حالة تقشف كاملة وترشيد للاستهلاك والاستغناء عن كل سلعة يمكن الاستغناء عنها.

 


اعتاد عبد الجواد الذهاب مع أسرته كل عام لأحدى المدن الساحلية  قضاء يومين أو ثلاثة بعيدا عن صخب القاهرة لكنه لن يذهب هذا العام ولم تعد النزهات الإسبوعية على جدول أعمال عبد الجواد ،كأحد الإجراءات التقشفية التي قررتها أسرته لتعيش مستورة.

 


التقشف الذي فرضته الأزمة الاقتصادية على أسرة عبد الجواد لم يكتف بالمصيف السنوي والاستغناء عن الرفاهيات،لكنه أيضا وصل إلى الملبس، إذ قرر عبد الجواد التقليل مع قطع الملابس التي يشتريها كل عام قائلا:"لاقيت أقل قميص بـ250 جنيه ".

 

 

في بداية العام الجاري، طالب عبد الجواد وزملائه بصرف العلاوة الخاصة المتأخرة فصرفت لهم الشركة  15% بواقع  علاوتين متأخرتين،يقول عبد الجواد الذي :"العلاوة مأثرتش بس أهي نوايا تسند الزير وربنا بيمشيها بمعرفته".

 

 

 لم يجد مجدي عبد الجواد أي جديد في خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي ألقاه أثناء احتفاله  بعيد العمال في فندق الماسة قبل يومين، إذ يرى أنه خطابا برتوكوليا اعتاد سماعه دون طرح حلول لمشاكل العمال التي تفاقمت  نتيجة  الإجراءات الاقتصادية الأخيرة.        
 


"زمان كنا بنطالب بـ1200 جنيه كحد أدنى للأجور لكن دلوقتي الرقم ده بقى يساوي 350 أو 400 جنيه" يوضح غريب  صقر لـ"مصر العربية" الفجوة التي ازدادت بشكل كبير مؤخرا بين الأجور و الأسعار.

 

غريب صقر:كلنا بقينا شبه بعض محدش عارف يستلف من التاني

صقر الذي يعمل في إحدى شركات قطاع الأعمال بمحافظة السويس يرى أن الأسرة حاليا أصبح لا يكفيها أقل من 5000 جنيها شهريا، يقول إن أسرته حاولت التغلب على الأزمة  من خلال تقليل كميات الطعام والالتزام بشراء اللحوم والدجاج من المنافذ الحكومية.

 

 

يستطرد صقر قائلا إن الدواء أصبح في مصاف الرفاهيات ،حيث ازدادات أسعاره أضعافا، يضف أن ابنته اعتادت على "الاوجمنتين " كمضاد حيوي للبرد، لكنه وجد سعره أًصبح 90 جنيه فاشترى  له أخر أقل سعرا وجودة، كما أنه امتنع عن شراء "الشامبو وكريمات الشعر".

 

 

"كلنا بقينا شبه بعض محدش عارف يستلف من التاني" يقول صقر بنبرة حزينة إن المكاسب التي حصل عليها العمال عقب ثورة 25 يناير خسروا معظمها مؤخرا،فأًصبح لا وجود للحوافز المادية وباتت الوجوه بائسة، فالرواتب ثابتة و الأسعار ترتفع كل يوم.

 

 

ووصلت معدلات التضخم في شهر يناير الماضي إلى 30%  كأعلى نسبة منذ30 عاما بعد حزمة الإجراءات الاقتصادية في 3 نوفمبر الماضي التي تمثلت في تحرير سعر صرف الجنيه و رفع الدعم تدريجيا عن الطاقة، للحصول على قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار لسد عجز الموازنة.

اعلان