والأمن لايغيب عن روايات الحضور ..

صور|حكاية انقطاع الكهرباء عن «عمال» العمارة 88 بشارع قصر العيني

كتب: سارة نور

فى: أخبار مصر

13:00 03 مايو 2017


قبل المغرب بدقائق معدودات،امتلأت الدارعن أخرها بالحضور حتى نفدت المقاعد،واضطر القادمون للوقوف خارج الشقة قرب درج الطابق الأول -في 88شارع القصر العيني- الذي تزين بأشرطة ضوئية،كل منهم يهنىءالآخر بنجاح دار الخدمات النقابية في تنظيم احتفالية عمال" target="_blank">عيد العمال رغم أنف الأمن،بحسب بعضهم .

 

 

لم تمر دقائق قليلة حتى تحول مشهد الانتصار إلى ظلام لا يقلل من حدته سوى بصيص نور يأتي من النوافذ المفتوحة في الغرفة المواجهة لباب الدار؛ إذ انقطعت الكهرباء وحل محلها الشك الذي تسلل للحضور الذين جاءوا مساء أمس الأول من محافظات عدة عرفت بنضال عمالها.

 

 

 

يتهامس الحضور بريبة واضحة، متسائلين عن أسباب انقطاع التيار الكهربائي الذي لا ينقطع عادة عن شارع قصر العيني حيث يجاورهم مجلس الوزراء ووزارة الداخلية ومجلس النواب ووزارة التعليم العالي.

 

 

 

سرعان ما تناثرت الأنباء كالنار في أرجاء الدار، يتناقلها الحاضرون في سخرية يقول أحدهم: "الأمن قطع النور علينا"، بينما يضحك آخرون، مسترجعين ذكرياتهم مع الحيل الأمنية التي عاصروها قبل عام 2010.

 

حركة دؤوبة في الظلام لإيجاد مصدر ضوء لبدء الاحتفال، بينما يحاول عادل زكريا-ناشط عمالي- إنارة كشاف هاتفه المحمول، تهمس إليه إحدى الحاضرات:"الأمن منع الاحتفال خارج الدار وقطع النور فهل يغلقها؟".

 

في عيدهم.. العمال يبحثون عن مقر للاحتفال

تبدو ضحكته واضحة بعدما نجح في إنارة الكشاف، ملتفتا للفتاة قائلا بثقة :لن يغلقها لأن نظام مبارك فعلها في 2006 بعد دعمها أول إضراب لعمال شركة غزل المحلة واستمر إغلاقها لمدة سنة وبضع شهور وكانت سببا رئيسيا في دخول مصر لأول مرة القائمة السوداء لمنظمة العمل الدولية.

 

في الأثناء، جاءت امراة في عباءة سوداء تحمل شموعًا توزعها على الحاضرين، بينما يتولى آخر إشعالها لهم، فينتشر الضوء الأصفر الضعيف في الأرجاء،غير أن كمال عباس المنسق العام للدار قرر بدء الاحتفال ليكون على ضوء الشموع، ربما أراد إحراج الأجهزة الأمنية، كما يتهامس الحاضرون.

 

 

 يقف عباس وسط الحاضرين ممسكا شمعة محاولا تهدئتهم  ليسمعونه بشكل جيد أثناء كلمته التي سيلقيها دون مكبر صوت.. يهدؤون قليلا، و يتحسس كل منهم شمعته بينما يحاول آخرون إنارة كشافات هواتفهم المحمولة.

 

السيسي يحتفل في «الماسة».. والأمن يلزم «الخدمات العمالية» بالاحتفال داخل مقرها

 

"احنا لضيق ذات اليد ولضيق الحكومة معرفناش ناخد أي قاعة، العمال يحتفلون فيها ويرفعون مطالبهم"..بدت كلمات عباس واضحة مستمدة قوتها من العمال الملتفين حوله، مؤكدا لهم أن الحركة العمالية دائما مضطهدة ومحاصرة لكن هذا لم يمنعهم من الاحتفال يوما.

وسط حديث عباس المفعم بالحماسة، عاد التيار الكهربائي من جديد بعد نحو ساعة كاملة، أضاءت الدار وصفق الحاضرون، مرددين هتافات ما قبل ثورة يناير:”مش هنخاف.. مش هنطاطي.احنا كرهنا الصوت الواطي".

 

 

 "الآن يتم إعادة نظام مبارك لكن بطبعة أسوأ" يلتقط الحديث فريد زهران رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وسط انتباه الحاضرين الذين يؤكد لهم زهران أهمية التنظيم في مواجهة  النظام:"الناس لازم يكون أديها  في أيد بعض".

 

وعلى  نقيض الاحتفال الرسمي الذي حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي في صباح اليوم ذاته، هنا يحكي العمال همومهم قبل تقديم المتحدث على  المنصة التي لم تكن سوى مقاعد خشبية متراصة في شكل نصف دائري يتوسطها منضدة خشبية فحضرت أزمة الشركة  المصرية للاتصلات وغزل المحلة ومشاكل بعض العمال المفصولين.

 

 

 

تجاهل  العمال غير المسيسين هذه المرة حساسيتهم تجاه الحديث في السياسة بشكل عام والأحزاب بشكل خاص وتفاعلوا مع  المتحدثين الذين غلب عليهم تيار اليسار؛ إذ حضر مدحت  الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي وأحمد بهاء شعبان رئيس الحزب الاشتراكي المصري وصلاح عدلي سكرتير الحزب الشيوعي وجورج إسحاق والدكتور أحمد حسن البرعي والنائب السابق محمد أنور السادات.

 

وقف النائب السابق ليلقي كلمته، لكن الحاضرين قاطعوه أكثر من مرة مرحبين به وداعمين له :"نائب الشعب غصب عن مجلس الشعب "،ابتسم السادات وراح يلقي خطابا واقعيا مزج بين التشاؤم والتفاؤل على حد سواء، ذكرهم بالإجراءات الاقتصادية متوقعًا الأسوأ منها، لكنه بدا متفائلًا حين قال:" لازال لدينا القدرة اننا نتجمع  في مناسبة زي دي".

 

مصر العربية تنشر نص تقرير « قيم البرلمان » ﻹسقاط عضوية السادات

في الأثناء أعلن القائمون على الاحتفال تكريم القيادي العمالي بشركة طنطا للكتان بعدما خاض وزملاؤه أطول إضراب في تاريخ الحركة العمالية المصرية امتد لعام كامل اعتراضًا على بيع الشركة للمستثمر السعودي عبد الإله الكحكي في 2005 ثم نضالا استمر 12 عاما داخل أروقة المحاكم  حتى حصلوا على حكم نهائي بعودة الشركة وعودة العمال.
 


"حسبي الله ونعم الوكيل" تقولها  إحدى العاملات متأثرة بكلمات جمال عثمان، بينما يهتف الحاضرون:"عاش كفاح الطبقة العاملة، أصحى يا عامل مصر يا مجدع و أعرف دورك في الوردية مهما بتشقى و مهما بتتعب تعبك رايح للحرامية ،المصانع للعمال مش لحكومة رأس المال".
 


في مشهد لافت، لا يعترض العمال طريق هتاف "الاشتراكية هي الحل "الذي انطلق من الصفوف الأمامية، بعدما استمعوا لكلمة صلاح عدلي التي تركزت حول السياسات النيوليبرالية الجديدة وقطار الإجراءات الاقتصادية الذي انطلق في 3 نوفمبر الماضي و يبدو أنه لن يتوقف.

 

"بلاش نتجوز وبلاش نخلف، نموت أحسن "كلمات غاضبة من الصفوف الأخيرة وتعجب ممزوج باستنكار بدا واضحًا على وجوه الجالسين في الصفوف الأمامية خلال حديث الدكتور محمد حسن خليل عضو مركز الحق في الصحة عن قانون التأمين الصحي الجديد الذي يقضي بخصخصة المستشفيات العامة.

 


بعد نحو ثلاث ساعات استعد العمال للرحيل، كل منهم يلملم الأشياء المتناثرة هنا وهناك، بينما تقف فتاة ذات ملامح طفولية لم تتجاوز 18 عاما أمام لوحة ضخمة -تحمل كلماتها هموم عمالية وتاريخ نشأة الدار-رافعة كلتا يديها بعلامة النصر في الوقت الذي تطلب فيه من أخرى أن تلتقط لها صورة، فيما تستعجلها أمها العاملة بشركة غزل المحلة للرحيل.         

اعلان