صفقة القرن.. وهم أم حقيقة؟
سليمان الحكيم
16 فبراير 2018
نحن لا ننكر وجود ما يسمى بصفقة القرن، تلك الصفقة الغامضة التي لم نجد من يوضح لنا معالمها وفحواها أو حتى أطرافها. وكل ما نعرفه عنها لا يتعدى كونه تكهنات أو إشاعات تدخل في إطار المؤامرة أو سوء النية التي يسمح بها سلوك ومواقف الرئيس السيسي في هذه المرحلة والذي لا يعبأ أو يكترث بالرأي العام المصري وما يهم هذا الشعب معرفته من معلومات تتعلق بمصيره مستقبلا وحاضرا، ليتخذ قرارات مصيرية من طرف واحد يفاجئ بها الشعب صاحب الرأي والمصلحة الأكيدة فيها دون الرجوع إليه بشأنها رغم ما ينص عليه الدستور الذي تم التوافق عليه على إنه مصدر السلطات، أي أن ما يتمتع به الرئيس من سلطات هي مستمدة من الشعب ويجب الرجوع إليه فيها قبل اتخاذ أي موقف أو قرار ينتج عنها.
فوجدناه ينتزع جزءا من أرض الوطن في تيران وصنافير ليقدمه طوعا – أو كرها - لدولة أخرى دون الرجوع إلى الشعب صاحب السيادة الأصلي على أرضه. وليت الأمر قد توقف عند هذا الحد بل تعداه كثيرا فكانت مشاركته في حملة عسكرية باسم التحالف العربي خارج حدود الوطن، ناهيك عن مشروع نيوم الإقليمي الذي أعلن عنه ولي العهد السعودي بمشاركة مصرية دون أن يعلم هذا الشعب شيئا عن فحواه أو جدواه ومدى المشاركة المصرية فيه والتي أقر بها المسؤول السعودي، وكأن الأمر لا يعنينا من قريب أو بعيد.
فإذا كانت هذه المواقف لصالح الشعب والوطن فلماذا التكتم حولها، وهو ما يجعل الغموض الذي يكتنفها مصدرا لعدم الثقة وإثارة الشكوك حولها، أما ما يجري الآن من حرب باسم القضاء على الإرهاب في سيناء والمبالغة في الحشد لها فيفتح الباب أمام إشاعات وتكهنات تساعد على ترويجها بل والاعتقاد الراسخ بها لدى البعض.
هذا المناخ الغامض الذي يعمل السيسي خلاله منذ أن تولى الحكم بإقصاء الشعب عن المشاركة وعدم اعتباره طرفا أساسيا في تقريره ليسمح بذلك بدخول صفقة القرن على الخط في أهدافها ومراميها التي تنحصر لدى هؤلاء في تنظيف سيناء من الإرهاب توطئة لتسليمها إلى الفلسطينيين كجزء من دولتهم المقترحة في إطار حل نهائي للقضية الفلسطينية. فإذا كانت هذه التكهنات صحيحة فلماذا تتولى مصر وحدها وبدماء أبنائها وحدهم هذه المهمة باهظة التكاليف لحساب الغير؟!
لماذا لا يتم تسليم سيناء بما عليها من إرهابيين ليتولى الفلسطينيون وحتى الأمريكان والإسرائيليون أصحاب المصلحة في تنظيفها من الإرهابيين هذه المهمة وإعفاء مصر مكتفين منها بالتضحية بالأرض فقط دون الدماء والأموال؟ أم أن هذه الحرب – كما يعتقد أصحاب الشكوك – تجري بنفقات أمريكية خليجية وتحت رعايتهم الكاملة لتصبح القوات المصرية المشاركة فيها مجرد "مرتزقة" كما يطلق عليهم هؤلاء غير ملومين في شكوكهم التي فتح لهم السيسي بابا واسعا لأسبابها وذلك بسلوكه المبهم وتصرفاته الغامضة التي لم تدع مجالا لغيرها نتيجة لاستبداده وغروره وانفراده بالقرار في أمور مصيرية بعيدا عن الشعب صاحب السلطة ومصدرها.
هكذا عزل السيسي نفسه عن الشعب فاعتزله شعبه ليصبح معزولا وإن بقي على كرسيه!