عادل صبري حفيد النديم
سليمان الحكيم
10 أبريل 2018
دعونا نتساءل إن كان عادل صبري يستحق ما حدث أو ما يحدث له الآن من سجن واعتقال، وان كانت مصر العربية لا بد وأن تغلق أو تصادر لمجرد أنها حملت اسما غير مناسب للمرحلة لأن يثير القلق وعدم الارتياح.
فمصر لم تعد عربية كما كانت في سابق عهدها، تحمل هموم أمتها وتقود مسيرتها نحو الحرية والاستقلال، لتصبح تابعا لأكثر من تابع في الرياض أو دبي وأبو ظبي وتل أبيب وواشنطن، فلماذا الإصرار على أن تحمل اسما بائدا وصفة مزعجة أكل الزمان عليها وشرب، لتعيد التذكير بعروبة انتهت تحت سنابك الخيل الصهيوني، ولفها غبار السنوات العجاف التي تحياها أمة كانت في يوم من الأيام عربية، تتطلع إلى العزة والكرامة، وترنو صوب الشموخ والأنفة، فكان طبيعيا أن تُصادر الجريدة كما صادروا عروبتها، وأن تغلق كما أغلقوا أبوابها المفتوحة على مستقبل رحب يتسع للأمل والاستشراف.
أما عادل صبري، الأب الروحي لكتيبة صحفيها من الشباب، هل كان من الطبيعي أن يُسجن هو الآخر، ليدفع ثمن إيمانه بديمقراطية مقبوة ومسجاة في أكفان الكبت والاستبداد، ساعيا لإحيائها ونفخ الروح في جسدها الميت، في زمن لم يعد فيه أدنى فرصة لعودة الحرية من منفاها الإجباري الذي اختاره لها خلفاء قراقوش ولاظوغلي المنحدر من أصلاب الحجاج بن يوسف الثقفي وزياد بن أبيه.
هل أخطأ عادل صبري الخطأ نفسه الذي ارتكبه من قبل دعاة الحرية في وطننا في زمن الطغاة والجلادين؟ فكان عليه أن يدفع الثمن الذي دفعوه بإيمانهم بالمثل العليا، وهل هناك ما هو أغلى من الحرية؟
الحرية التي وصفها شوقي بأنها "الحرية الحمراء" التي يغلب عليها لون الدم، ولا يدق على بابها إلا كل يد مضرجة، لقد اختار عادل صبري وبمحض اختياره نفس المكان الذي اختاره من قبل الكواكبي ومحمد عبده والأفغاني وعبد الله النديم والعقاد وغيرهم من حملة الأقلام وأصحاب الرأي من دعاة الحرية وكسر القيود، فسار عادل صبري على نفس الطريق الذي أدى بهم إلى النفي أو "قرا ميدان" لعله يجد هناك أثرًا لأنفاس أولئك الرواد لا تزال تتردد في جنبات الزنزانة، فتدفعه ذكراهم إلى الصمود في وجه الطغاة كما صمد أساتذته وأباؤه الأولون، لينال قسطا من القلود الذي نالوه، في أنصع صفحات التاريخ، بينما غاص طغاتهم في الدرك الأسفل من الوحل والعار، فذهبوا إلى غياهب النسيان غير مأسوف على أحدهم.
لقد سطرت "مصر العربية" بأقلام عادل صبري وزملائه من الشباب صفحة أخرى من كتاب الضمير الوطني، فهنيئا لهم الخلود والبقاء مع شهداء الحرية وقدسية الوطن!